فن

في ذكرى وفاته.. حكاية مسرحية لأمير الشعراء أحمد شوقي كتبها بعد موته!

قد يغادر الكاتب أو الشاعر عالمنا ويصدر له كتاب بعد موته، ينشره الورثة استكمالاً لإبداع الراحل، وتفسير هذا بسيط جدًا: أن هذا المبدع ترك مؤلفات لم يتمكن من نشرها في حياته، أو ربما أعطاها لناشره ثم أتاه الأجل سريعًا قبل أن يشهد طرحها في المكتبات.

كل هذا طبيعي وحدث مع كثير من المبدغين الراحلين، لكن الغريب كل الغريب، أن تكتب روح شخص ما بعد موتها كتبًا، وتُطرح في الأسواق على أساس أنها مؤلفات جديدة!

الشاعر الكبير الراحل أحمد شوقي (1870 – 1932) له تجربة أغرب من الخيال، أو يمكن القول إنها “روحه” التي أملت نصوصًا مكتوبة بعد رحيله، كما يزعم ناشر هذه النصوص.

رؤوف عبيد

البداية من أستاذ مصري في القانون الجنائي، يُدعى الدكتور رؤوف عبيد، نشر العديد من الكتب المتعلقة بتخصصه الجامعي، لكن هذا لم يبعده عن شغفه الآخر وهو عالم “الروحانيات” ونشر مؤلفات أخرى فيه.

في عام 1966 نشر “عبيد” كتابًا بعنوان “الإنسان روح لا جسد.. بحث في العلم الروحي الحديث” وعلى الغلاف نرى الجملة الغريبة “تقديم روح أمير الشعراء أحمد شوقي” وبالفعل: نجد في المقدمة:

تحية من روح أمير الشعراء للمؤلف: بربك كيف شيّدت المنارا.. وأزكيت الصباح فصار نارا؟

الدكتور رؤوف عبيد كان يؤمن يقينًا بأن روح أحمد شوقي أملت هذه الأشعار ليفتتح بها كتابه، غير أن كتابًا آخر صدر عام 1971 كان أكثر غرابة، إذ يدور بالكامل عن الشاعر الراحل، وجاء بعنوان “عروس فرعون: وشوقيات جديدة من عالم الغيب عن الأحداث الجارية وغيرها، مع رأي أعلام الشعر والنثر والادب”.

كتابة من العالم الآخر

كيف كتب أحمد شوقي من العالم الآخر وفق ادّعاء الدكتور رؤوف عبيد؟ حدث هذا عبر الوسيطة الروحانية المذكورة على الغلاف نفسه، والدكتور يقولها صراحة في مقدمته:

«إذا كنت أقدم إلى القارئ العزيز رواية «عروس فرعون» ومعها هذه الباقة من الشعر والنثر الجديدة التي لم تنشر من قبل – وكلها منسوبة إلى روح شوقي أمير الشعر والشعراء – فإنما أقدم إليه في الوقت نفسه أخطر حقيقة كونية أجمعت عليها الفلسفات العريقة والحديثة في العالم، وهي حقيقة خلود الروح حاملة العقل والشخصية. مَن يصدق أن أمير الشعراء الذي ودّعناه إلى مثواه الأخير في سنة 1932 لم نودّع فيه شيئًا على الإطلاق؟ مَن يصدّق أنه لايزال حيّا يرزق؟ بل إنه الآن أكثر حيوية ممّا كان وأوفر رزقًا وسعادة وأقوى رغبة في الشعر وفي النثر وفي أن يبعث بأشعاره ومشاعره وآرائه ونصائحه وحكمه وأخلاقياته ورواياته ومآثره مما كان في غابر الأيام قبل أن يتحرّر من ردائه الجسدي البالي الذي داراه التراب معنا غير آسف عليه؟».

إذن فالدكتور رؤوف شديد الاقتناع بأن الوسيطة تلقت النصوص المنشورة في الكتاب من روح الراحل أحمد شوقي،، منها مسرحية “عروس فرعون”، لكنه لا يكتفي بهذا، بل يطلب رأي 17 متخصصُا في الأدب، أكدوا أن الأشعار الواردة بالكتاب قريبة بالفعل من أسلوب شوقي، العصي على التقليد!

لكن في النهاية، يبقى الوحيد القادر على تأكيد ما قاله المتخصصين هو أمير الشعراء الراحل نفيه، ويبقى هذا الكتاب من أغرب ما يمكن!