السعودية

ظاهرة العنف في المدارس السعودية.. كسر بالجمجمة أعاد القضية للواجهة

في الرابع من سبتمبر الحالي، وبنبرة حزينة مصدومة، تداولت وسائل الإعلام إصابة تلميذ بكسر بالجمجمة على يد زميله داخل إحدى المدارس في الرياض، نتيجة شجار عنيف وحركات أشبه بمهارات المصارعين، وسرعان ما نقلت الأم نجلها إلى مستشفى الملك سلمان بن عبدالعزيز بسيارتها.https://twitter.com/AJELNEWS24/status/1566509784752439296

تأكدت حاجة الابن إلى التدخل الجراحي لإصلاح كسر الرأس ووقف النزيف، ولا يزال الصغير في العناية الفائقة بعد إجراء الجراحة.

أعادت الحادثة قضية العنف بين الطلبة إلى واجهة الاهتمام، مع تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما نرصده في التقرير التالي بالتفاصيل الشاملة.

حوادث أخرى

نظرة مدققة على منصة التغريدات القصيرة “تويتر” تكشف عن تكرار الحوادث من هذا النوع بين الطلبة في مدارس المملكة، إذ تكثر المشاجرات في الفصول والطوابق، وبالطبع في فناء المدرسة، كالذي نشره حساب الأمن العام في إبريل الماضي، تحديدًا في العاصمة المقدسة، فهذه المرة وصلت الفاجعة إلى موت التلميذ نفسه، والمُغرّد د.محمد الهدلة يتساءل عن المسؤول الأول هنا.

وفي نفس الشهر، نشر حساب “جدة الآن” مقطعًا قصيرًا، يرصد وفاة طالب آخر في إحدى المشاجرات المدرسية، وأوضحت شرطة المدينة وقتها أن الطالبين في الـ 15 من العمر، وتوفي أحدهما نتيجة المشاجرة.

الدكتور خالد النمر بدوره، وجّه نداءً بخصوص المشاجرات، قائلاً إنها حالة متكررة، لكن الحل فيها هو تعليم الطلبة، أن أخذ الحق ليست باليد وإنما بالقانون.

سعوديًا وعالميًا

بخصوص الأرقام الأكثر دقة، فقد وُجد أن نسبة التنمر في السعودية تبلغ 47% عند الأطفال، و25% عند المراهقين، وفقاً لدراسة بحثية أعدها مركز الملك عبد الله للأبحاث عام 2020.

وحسب تقرير أصدرته «اللجنة الوطنية للطفولة» بالمملكة، فإن 57.1% من الفتيان، و42.9% من الفتيات، يعانون من التنمر بالمدارس السعودية.

وأظهرت دراسة مسحية حول العنف بين الأقران (التنمر)، أعدها برنامج الأمان الأسري بوزارة الحرس الوطني بالسعودية، بالتعاون مع وزارة التعليم، أن نحو 32.9% من الطلاب يتعرضون للعنف من الأقران أحياناً، و15% من الطلاب يتعرضون باستمرار.

أما على المستوى العالمي، فتقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” إن نصف المراهقين في العالم يعانون من عنف الأقران في المدرسة أو في محيطها، وحوالي 1 من كل 3 طلاب تتراوح أعمارهم بين 13 – 15 عامًا يشاركون في شجارات بدنية، ما جعل المنظمة الدولية تقولها صراحة: يعتبر الملايين من التلاميذ في شتى أنحاء العالم بيئة المدرسة مكانا غير آمن للدراسة والنمو.

لماذا يفعلون هذا؟

موقع verywellmind النفسي، سرد العديد من الأسباب الدافعة لعنف الطلبة، وهي:

* أداء أكاديمي ضعيف

* تاريخ سابق للعنف

* شخصية مفرطة النشاط أو مندفعة

* حالات الصحة العقلية

* تعاطي الكحول أو المخدرات أو التبغ

* أثر الأسرة السلبي

* العنف المنزلي أو سوء المعاملة

* الحصول على الأسلحة

* رفاق السوء

* الفقر أو ارتفاع معدلات الجريمة في البيئة المحيطة

كيف يمكن تقويم الطلبة؟

تصف المنظمة الدولية International Alert ظاهرة العنف الطلابية بـ”المعقدة” والتي تحتاج لتضافر جهود عديدة، منها الآباء والمدرسون لتقويمها والحد منها، فالعنف في النهاية، ليس إلا حقيقة من حقائق الحياة.

توضح المنظمة عدة استراتيجيات لإدارة هذه الأزمة:

جلسات حول منع العنف: يجب احتواء الطلبة أولاً في حلقات مناقشة مثمرة، ليست حول منع العنف بشكل مباشر، ولكن بالحديث عن الأنشطة المفيدة بشكل عام، والدعم النفسي والاجتماعي للتلاميذ.

تدريب المعلمين: إنهم العامل المباشر في تعليم الطلبة، وأيضًا منعهم من العنف والتطرف، وكما تنصح المنظمة “يجب أن يكونوا استباقيين ويستخدمون الحوادث كفرصة لمناقشة التنمر والعنف في الفصل”

تشجيع الطلبة: الخطوة الفعالة للغاية والصعبة في تحقيقها، هي تدريب الطلبة على ضرورة الإبلاغ عن أي تنمر أو تعنيف، بل إن الأبحاث تظهر أن الطلاب يميلون إلى الثقة بمعلميهم أكثر من أي بالغين آخرين خارج الأسرة.

دور الآباء: دور الأبوين في المنزل لا يتوقف على الإنفاق فقط، فالتربية تشمل أيضًا تعريف الابن بواجبه، وإمكانية حصوله على حقه بالطرق السلمية والقانونية.

المواجهة عمليًا

في سبتمبر 2021، أطلقت وزارة التعليم السعودية عدداً من البرامج التوعوية الهادفة لحماية الأطفال من الإيذاء، وبناء الشخصية السوية المتكاملة للطالب، إلى جانب توضيح الطرق الوقائية والعلاجية.

بالنسبة لمنسوبي الوزارة، نفّذت وزارة التعليم برنامج “السلامة الشخصية لرياض الأطفال نحو بيئة آمنة للطفل”؛ لمزيد من تطوير مهارات المعلمات والمديرات والمشرفات والمعنيين بالطفل في مرحلة رياض الأطفال بالمهارات والمعارف اللازمة لحمايته من الإيذاء وتوفير بيئة آمنة له.

وبالنسبة لأولياء الأمور أيضًا، أُطلق برنامج “التثقيف المنزلي للأم والطفل”؛ لتهيئة الأطفال من سن 4- 6 سنوات للدخول في التعليم العام، مع إبراز ضرورة وأهمية الدور الذي تلعبه الأم في نمو وتربية أطفالها في مرحلة الطفولة المبكرة من خلال إعداد الطفل، بما يلزمه من مهارات ما قبل القراءة قبل التحاقه بالمرحلة الابتدائية.

كما أصدرت الوزارة دليل قواعد السلوك والمواظبة “بأخلاقي نسمو”، كآلية مقننة وضابطة لكل إجراءات التعامل التربوي مع مواقف الطلبة وسلوكهم بهدف تعزيز السلوك الإيجابي، و”مشروع المدارس المعززة للسلوك الإيجابي” ويهدف إلى دعم وتنمية السلوك الإيجابي باستخدام أساليب علمية متخصصة لتحقيق التوافق النفسي والاجتماعي والتربوي.

إلى جانب “الدليل الإجرائي لخصائص النمو لمراحل التعليم”، ويُعد ضمن الأسس العامة التي يقوم عليها التعليم في المملكة، حيث نصت سياسات التعليم على مراعاتها ومسايرتها ومساعدة الفرد على النمو السوي من خلال العناية به.

كما يأتي برنامج “رفق” ضمن البرامج التي اعتمدتها الوزارة للحد من التنمّر؛ وهو برنامج وقائي وعلاجي لخفض العنف المدرسي بكافة أشكاله طوال العام الدراسي وفي جميع المراحل الدراسية”ابتدائي/متوسط/ثانوي” في قطاعي التعليم بنين و بنات.