الإيثار من الصفات البشرية الحميدة التي يترك فيها الإنسان شيئًا يحتاجه ليحصل عليه شخص آخر، فضلًا عن مساعدة الآخرين.. لذلك حاول العلماء فهمه من الناحية الفسيولوجية.. ماذا وجدوا؟
بحث علماء بجامعة برمنجهام في بريطانيا، في أسباب الإيثار بدراسة جديدة، وأجابوا عن السؤال المتعلق بالمنطقة الدماغية التي تتحكم في الإيثار وتدفع البعض إلى بذل جهود لمساعدة الآخرين.
السلوك الإيثاري
وجدت الدراسة أن الجهد المبذول لمساعدة الآخرين يحدث في جزء مختلف من الدماغ عن الجزء المستخدم في اتخاذ خيارات تتطلب جهدًا بدنيًا لمساعدة النفس، ما يعني أن الدماغ يستخدم مناطق مختلفة عند القيام بالفعل ذاته ويتوقف الاختلاف عن إذا كان هذا الفعل للنفس أم للآخرين.
أسباب مساعدة الآخرين
ومن خلال تحديد منطقة الدماغ المحددة التي يتم تنشيطها عندما يحتاج الناس إلى بذل جهد لمساعدة الآخرين، فقد تمكن الباحثون من قطع خطوة للأمام لفهم الدافع وراء مساعدة الأشخاص لغيرهم، كما اقتربوا من فهم سبب امتناع بعض البشر عن مساعدة الآخرين.
وعمل الباحثون مع 38 متطوعًا في الدراسة تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عامًا، طُلب منهم المشاركة في مهمة اتخاذ قرار ببذل مجهود لمساعدة آخرين وإكمال استبيان للتقييم الذاتي لمستويات التعاطف.
واتخذ المشاركون قرارات أثناء خضوعهم لفحص بالرنين المغناطيسي الوظيفي يحدد مناطق مختلفة من الدماغ يتم تنشيطها أثناء اتخاذ الناس قرارات إما “بالعمل” أو “الراحة” لمساعدة أنفسهم أو شخص آخر.
فإذا اختاروا العمل، فعليهم الضغط على جهاز يقيس قوة قبضتهم (كمؤشر على الجهد المبذول لمساعدة الأخر)، وقيل لهم إذا قرروا بذل الجهد لمساعدة الآخر، فعليهم الضغط بقوة كافية للوصول إلى الحد الأدنى والحصول على المكافأة والتي كانت عبارة عن عدد مختلف من النقاط يتم تحويلها إلى أموال، إما لأنفسهم أو لشخص آخر مجهول يلعبون من أجله.
المنطقة المسؤولة عن الإيثار
وتقع المنطقة التي تم تحديدها، وتُسمّى تلفيف القشرة الحزامية الأمامية (ACCg) في اتجاه الجزء الأمامي من الدماغ، ومن المعروف أن تلك المنطقة تلعب دور في السلوك الاجتماعي، لكن لم يتم ربطها سابقاً ببذل جهد لمساعدة الآخرين.
وتمكن الباحثون باستخدام تقنية إحصائية جديدة لتحليل البيانات، من تحديد الأنماط في الدماغ التي أظهرت مقدار الجهد الذي كان كل شخص من المتطوعين على استعداد لبذله، ووجدوا أن تلفيف القشرة الحزامية الأمامية في الدماغ كانت المنطقة الوحيدة التي أظهرت نمط الجهد عند اتخاذ الأشخاص قرارات لمساعدة شخص آخر، لكن لم يتم تفعيلها على الإطلاق عندما اتخذوا قرارات ببذل جهد لأنفسهم.
وتبيّن أن الأشخاص الذين قالوا إنهم يتمتعون بدرجة عالية من التعاطف لديهم أقوى أنماط النشاط في تلفيف القشرة الحزامية الأمامية.
وستكون الخطوة التالية لفريق البحث هي التحقيق في ما يحدث لسلوك المساعدة لدى الأشخاص الذين عانوا من إصابات في تلك المنطقة من الدماغ بسبب السكتة الدماغية أو إصابات أخرى، كما سيبحثون أيضاً عما يحدث للأشخاص الذين لديهم مستويات عالية من السلوك المعادي للمجتمع في محاولة لفهم الطبيعة الفسيولوجية للجرائم.
ويمكن للفهم الدقيق لما يحدث في الدماغ عند اتخاذ هذه القرارات أن يساعد الأطباء على تطوير مناهج لعلاج السلوكيات النفسية، ويمكن أن يكون مفيداً أيضاً لفهم أفضل لسبب استعداد الناس لأداء سلوكيات مثل العمل التطوعي أو التوقف لمساعدة الغرباء.
لماذا يتردد الناس في قول كلمات لطيفة؟