السعودية فن

المنازل الطينية والزخارف الجصية.. معمار تراثي بعبق التاريخ

تمتلك المملكة العربية السعودية، تراث معماري مميز، ومن ضمن هذه المعالم البيوت الطينية القديمة، المليئة بالقصص التي يفوح منها عبق التاريخ.

قبل 49 عامًا عاش “عبد الله الخزام”، مع أسرته في بيت قديم مصنوع من الطين، تزينه النقوش التراثية الأصيلة، فكان عمره 11 عامًا عندما بدأ شغفه في المباني والمنازل القديمة.

شغف مبكر

يقول عبدالله الخزام، الباحث وموثق التراث السعودي، إن حبه للمنازل الطينية بدأ من الصغر، عندما هطلت أمطار غزيرة استمرت لسبعة أيام متواصلة على مدينة حائل، وتسببت في تلف العديد من البيوت، وعرضها للخطر، مما دفع الناس لترك بيوتهم الطينية، واستبدالها ببيوت أسمنتية أكثر أمانًا، لافتًا إلى أن معظم الأهالي انتظروا جفاف منازلهم الطينية وعادوا لترميمها، و هي اللحظة التي ولد فيها بداخله هذا الشغف.

 وأضاف “الخزام” في حديث نشره موقع “العربية.نت”، أن والده كلفه بمهمة متابعة العمال والحرفيين الذي كانوا مسؤولون عن أعمال الترميم، لتوفير الطعام والقهوة لهم وذلك لكونه أصغر أشقائه.

وأوضح أن حرفة العمال وسلوكهم جذب انتباهه خاصة أنهم يحرصون على ترديد الأناشيد والأهازيج، بشكل مستمر دون توقف، ثم اعتاد مواصلة ترديد هذه الأهازيج معهم، ثم أصبح يتابع خلط الطين وقص الأخشاب، وكل ما يفعلونه بشأن البناء.

ويقول موثق التراث السعودي، إنه انتقل في عام 1400هـ مع أسرته إلى منزل أسمنتي، وهو ما أفسح له المجال لجعل البيت الطيني القديم المكان الذي ينمي فيه شغفه، ويشبع فيه ميوله الفنية، فأصبح يجتمع في معظم الوقت مع أصدقائه في المنزل الطيني، ليواصل أعمال الترميم.

وفي عام 1402 هـ دقت صافرة إخلاء المنزل الطيني لنزع الملكية لصالح توسعة الطريق، وتم نزع ملكية كامل المبنى، وتبقى جزء من المزرعة المجاورة للمنزل، وكان يطلق عليها اسم الحير أو الجابيه، وفي عام 1409هـ، قرر بناء مجلس من الطين وسط المزرعة.

ويرى “الخزام” أن المنازل الطينية القديمة إرث تاريخي وتراثي رائع يجب المحافظة عليه، لأنه يعبر عن حضارة عريقة.

وعن المنازل التراثية في مدينة حائل، يقول موثق التراث السعودي، إنها بنيت بطريقة “العروع” وتمتاز بالقوة والارتفاع، حيث يصل ارتفاع السقف إلى 8 أمتار تقريباً، كما يوجد العمدة (الميل) وسط المجلس، ويتراوح من عامود إلى 4 أعمدة، حسب مساحة المجلس، وتكسو المجلس من الداخل النقوش الجصية المصنعة محلياً.

أعمال وطنية

أما فيما يتعلق بتعاونه مع الحكومة السعودية في أعمال ترميم المباني القديمة قال “الخزام”، إن جودة أعماله جعلته معروفًا وسط المجتمع الحائلي، خاصة أنه ينفرد بأصول ومهارة البناء بالطين، دفعت الجهات المعنية لتكليفه بتدريب طلاب الجامعة والهواة، وبرامج تثقيفية للأطفال عن الإرث الشعبي للبناء بالطين، وذلك في عام 1427 هـ، ثم تم التعاقد معه لإعادة ترميم العديد من المواقع والمباني أبرزها سور الإمام تركي بالغزالة، وسوق الحايط الشعبي، ومسجد فيد التاريخي.

طالب “الخزام”، بضرورة الاستعانة بالمهندسين والخبراء السعوديين دون غيرهم في أعمال ترميم المباني التراثية الطينية، لأنهم وحدهم من يملكون هذه الخبرة، خاصة أن غير السعوديين قد يلجؤون للاستعانة بمعايير الهندسة الحديثة على المباني الطينية، وهذا غير ممكن، كما دعا لضرورة تسهيل التراخيص الخاصة ببناء المنازل الطينية وترميمها.