صحة أحداث جارية تقنية

في «اليوم الخليجي للتطعيمات».. رحلة اللقاح من الفئران إلى البشر

على مدار العقود الماضية، شكلت اللقاحات حبل إنقاذ لملاين البشر، من خطر الأمراض والأوبئة الفتاكة، فتشير الدراسات المتخصصة إلى أنها قد حالت دون موت أكثر من 10 ملايين إنسان خلال الفترة ما بين 2010 إلى 2015م.

وفي اليوم الخليجي للقاحات الموافق 30 أبريل من كل عام، نلقي الضوء على رحلة تصنيعها واختبارها وتنظيمها التي تستغرق غالباً مدة تتراوح بين 10 إلى 15 عاما، ويشارك فيها القطاعين العام والخاص وفق معايير محددة جرى وضع أسسها العالمية منذ نهاية القرن التاسع عشر، مع ظهور لقاحات ضد أمراض الجدري، وداء الكلب والطاعون والكوليرا والتيفوئيد.

وعلى مر السنين، نجح العالم في تطوير أساليب مختلفة لضمان تصنيع واستخدام اللقاحات بأمان، وصولاً للنظام الحالي الذي يدار طبقاً لمعايير منظمة الصحة العالمية، عبر خطوات رئيسية.

الدراسات المخبرية والحيوانية

تعد أولى خطوات تصنيع اللقاحات، وتشمل البحوث المخبرية الأساسية وغالبا ما تستمر ما بين عامين إلى 4 أعوام، يجري فيها التعرف على مولدات الأجسام المضادة الطبيعية أو الاصطناعية التي قد تساعد في منع المرض أو معالجته، وفقاً لمنصة “تاريخ التطعيمات”.

وتتضمن هذه المرحلة التي تُعرف بـ”ما قبل السريرية”، زراعة الأنسجة، أو زراعة الخلايا المنسقة والتجارب على الحيوانات مثل الفئران والقرود؛ لتقييم سلامة اللقاح المرشح ومناعيته أو قدرته على إثارة استجابة مناعية من خلال مولدات الأجسام المضادة أو جزيئات جزيئات تشبه الفيروس، أو الفيروسات الضعيفة أو السموم البكتيرية الضعيفة، أو المواد الأخرى المستمدة من مولدات الأمراض.

ويستطع العلماء من خلال هذه الدراسات ما قبل السريرية أن يبلوروا فكرة عامة عن الاستجابات الخلوية التي يتوقعون حدوثها في البشر، بما يُمكنهم اقتراح جرعة أولية سليمة للمرحلة المقبلة من تصنيع اللقاح وكذلك طريقة آمنة لإعطائه، فضلاً عن إمكانية تعديله وجعله أكثر فعالية.

الدراسات السريرية على أهداف بشرية

تجري هذه المحطة التصنيعية على 3 مراحل متتالية، حيث تتضمن أول تجربة للقاح بهدف تقييمه من خلال اختبار فعاليته على مجموعة من المتطوعين تبلغ حوالي ما بين 20 إلى 80 شخصاً، فإذا كان هدف اللقاح هو الأطفال، يبدأ الباحثون بتجربته أولاً على البالغين، ثم يخفضون سن المختبرين تدريجيًا حتى يصلوا إلى هدفهم، إذ تهدف هذه المرحلة إلى دراسة سلامة اللقاح المرشح وتحديد نوع ودرجة الاستجابة المناعية التي يستحثها.

وبعد التأكد من نتائج سلامة اللقاح، تبدأ المرحلة الثانية من الدراسات السريرية، من خلال تجربته على مجموعة أكبر تتشكل من عدة مئات من الأفراد، بعضهم مُعرض لخطر الإصابة بالمرض الجاري مكافحته، وتتضمن هذه المرحلة الانتقاء العشوائي ومجموعة الدواء الوهمي، من أجل الوصول إلى فحوى مناعية اللقاح ومناعيته والجرعة المقترحة، وجدول التحصينات، وطريقة التسليم.

وتبدأ المرحلة الثالثة من محطة التجارب، من خلال انتقال اللقاحات المرشحة الناجحة من المرحلة الثانية إلى تجارب أوسع، تشمل المزيد من آلاف الناس، حيث تجري بشكل عشوائي ومزدوج التعمية وتشمل قياس اللقاح التجريبي مقابل الدواء الوهمي الذي عادة ما قد يكون محلولاً ملحياً، أو لقاحأً لمرض آخر، أو بعض المواد الأخرى، وذلك بهدف التوصل لأية آثار سلبية من الممكن أن تحدث لكل 1 من كل 10,000 شخص.

الموافقة والترخيص

تُطبق هذه الخطوة بعد نجاح تجارب المرحلة الثالثة، حيث تبدأ مراجعة وثائق الدراسات بشكل بالغ الدقة، بجانب تفتيش المصنع الذي سيصنع اللقاح فيه والموافقة على منحه الترخيص وتسمية اللقاح، لكنه يظل تحت التفتيش والمراجعة الدائمة لضمان قوته وسلامته ونقائه.

مراقبة ما بعد الترخيص للقاحات

بعد حصول اللقاح على الترخيص، تصبح مراقبة من قبل مجموعة متنوعة من الأنظمة التي تصب في قاعدة بيانات عالمية حول سلامة اللقاح مُجمعة من مختلف بلدان العالم. كما أن الرقابة تشمل أيضاً تجارب المرحلة الرابعة التي تقوم بها شركات الأدوية بعد إصدار اللقاح بهدف تطويره أو إمكانية توسعة نطاق استخدامه. ولذا يمكن القول إن تصنيع اللقاحات يجري بدقة متناهية تفوق تصنيع الأدوية الأخرى غير اللقاحية.

السعودية تبدأ في تطعيم الأطفال ضد كورونا.. هل هناك أعراض؟

مناهضة اللقاحات.. تاريخ التشكيك في فعاليتها على مر العصور

فيروس كورونا: هذا ما تفعله الجرعة الثالثة من اللقاح بالمناعة