على الرغم من إعلان روسيا نجاحها في السيطرة على مدينة ماريوبول الأوكرانية، يرى خبراء أن بقاء مصنع الحديد والصلب الذي يتحصن فيه المئات من الجنود والمقاتلين الأوكرانيين والأجانب من كتائب آزوف، يعني أن المعركة لم تنته بعد.
حفاظًا على الأرواح
وبحسب مراقبين فإن القوات الروسية تسعى لإبقاء المصنع على حاله دون أي تحرك عسكري تجاهه؛ من أجل تجنب سقوط عدد ضخم من القتلى خلال عملية الاقتحام، إلى جانب الإبقاء على ورقة مصنع آزوفستال بيد موسكو للمساومة عليها لانتزاع تنازلات من كييف في ملفات ومناطق أخرى.
وأمر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتن، قواته بعدم اقتحام آخر معقل أوكراني متبق في مدينة ماريوبول المحاصرة وإغلاقها “بحيث لا تمر حتى ذبابة من خلالها”، معللًا ذلك بالحفاظ على أرواح الجنود الروس.
ويقدر عدد الجنود الأوكرانيين المحاصرين داخل المصنع بـ 1500 إلى 2000 مسلح، من بينهم عناصر تابعة للقوات النظامية الأوكرانية وكتيبة “آزوف” القومية ومرتزقة أجانب، وفقا لبيانات وزارة الدفاع الروسية.
حصن قديم
يرجع تاريخ بناء مصنع آزوفستال لعام 1930 ويعد بمثابة قلعة خرسانية ضخمة على مساحة تقدر بنحو 12 كلم على طول الواجهة البحرية لمدينة ماريوبول، وبها عدد هائل من المباني المقاومة للنووي والانفجارات ومسارات السكك الحديدية والأقبية والأنفاق تحت الأرض.
يوجد داخل المصنع ميناء شحن خاص، ومنظومة من المرافق الجوفية، منها طابق سفلي وشبكة أنفاق تربط مختلف أجزاء المصنع بعضها ببعض، إلى جانب ملجأ يمتد على عمق 10 أمتار تحت الأرض.
[two-column]
يقدر عدد الجنود الأوكرانيين المحاصرين داخل المصنع بـ 1500 إلى 2000 مسلح، من بينهم عناصر تابعة للقوات النظامية الأوكرانية وكتيبة “آزوف” القومية ومرتزقة أجانب
[/two-column]
تحقيق الهدف
علق الخبير في الشؤون الروسية مسلم شعيتو، في حوار مع سكاي نيوز عربية بقوله: “مع إسدال الستار على معركة ماريوبول باستثناء المصنع المحاصر الذي هو مجرد تفصيل ومسألة استسلام من بداخله هي تحصيل حاصل، ستستمر المرحلة الثانية من هذه الحرب نحو تحرير كافة مناطق دونباس في جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، ومن ثم سيتم الانتقال نحو المرحلة الثالثة لتحقيق الأهداف السياسية من العملية، وهي اجتثاث النازيين الجدد من الجيش والسلطة الأوكرانيين، وضمان عدم انضمام كييف لحلف الناتو وضمان حياديتها بين روسيا والناتو، كما تطالب بذلك موسكو”.
وأضاف: “الانتهاء من معركة ماريوبول يعطي ولا ريب القوات الروسية والقوات الحليفة لها في دونيتسك ولوغانسك، دفعة معنوية قوية نحو إنجاز كامل مهمتها في أوكرانيا، علاوة على أن ماريوبول تفتح المجال أمام طريق بري يصل روسيا بدونيتسك، وصولا إلى شبه جزيرة القرم وهذا يوفر الفرصة لسيطرة روسيا الناجزة والنهائية على بحر آزوف، الذي يتمتع بأهمية تجارية وعسكرية قصوى”.
عزل أوكرانيا
وأوضح الخبير الاستراتيجي والزميل غير المقيم في مركز ستيسمون الأميركي للأبحاث، عامر السبايلة، في حوار مع سكاي نيوز عربية: “قد تكون السيطرة على ماريوبول هي أهم حدث بالنسبة لروسيا خلال هذه الحرب التي طالت أكثر مما يفترض، نظرا لعدم التكافؤ العسكري بين موسكو وكييف، وبالتالي عبر هذه الخطوة تكون روسيا قد حققت هدف عزل أوكرانيا عن البحر الأسود والسيطرة على معظم المنافذ، وربط شبه جزيرة القرم بماريوبول والتموضع تاليا للسيطرة على إقليم دونباس ككل، ولهذا فالسيطرة على ماريوبول هي واحدة من أهم الأهداف بالنسبة لروسيا على الصعيد العملياتي في أوكرانيا”.
وتابع السبايلة: “روسيا ستعمل طبعا على تسويق سيطرتها على المدينة بأنها إنجاز كبير بالغ الأهمية، وللقول إن طول أمد الحرب لم يكن تعبيرا عن التعثر أو التلكؤ الروسي في الميدان الأوكراني، وإن موسكو ها هي بدأت تحصد ثمار حربها وهذا ما تحرص على تأكيده قبل يوم 9 مايو القادم الخاص بانتصارها في الحرب العالمية الثانية، وبالتالي فهذا يقودنا لاستنتاج أن روسيا بحاجة للتسويق المكثف لسيطرتها على ماريوبول وتضخيم دلالاته، تعويضا عن طول أمد الحرب حيث نحن على مشارف شهرها الثالث”.
لماذا مُنع استخدام غاز الخردل في الحروب؟