في 2021، انضم سريكانث بولا إلى قائمة المنتدى الاقتصادي العالمي للقادة الشباب العالميين لعام 2021، فالشاب الهندي الكفيف الذي كان يبلغ وقتها 30 عاماً، هو رئيس تنفيذي لشركة تقدر قيمتها بـ48 مليون جنيه إسترليني.
حقق الشاب نجاحاً ملفتاً، وأصبح معروفاً لدرجة أن بوليوود قررت إنتاج فيلم عن حياته، لكنه واجه في طريق النجاح صعوبات عديدة لم تكن سهلة على الإطلاق، حسب ما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”.
رحلة صعبة لشاب كفيف
عندما كان سريكانث مراهقاً، قيل له إن القانون لا يسمح له بدراسة الرياضيات والعلوم في المدرسة الثانوية، والسبب أنه كفيف. وهو ما جعله يقرر رفع دعوى قضائية ضد إحدى الولايات الهندية، لكي يتمكن من متابعة دراسته.
وفي عمر السادسة كان على سريكانث بولا أن يمشي عدة كيلومترات يومياً، ليصل إلى مدرسته في إحدى المناطق الريفية بالهند، وكان شقيقه يصطحبه ليقود خطاه، طوال عامين، فيما كان الطريق عبارة عن درب ترابي موحل تصطف على جانبيه شجيرات غارقة عادة بمياه الأمطار خلال الموسم المداري الماطر.
لم تكن تلك فترة سعيدة من حياة سريكانث، حيث استقبله المجتمع بالرفض. يقول لبي بي سي: “لم يكن أحد يتحدث معي، لأنني كنت طفلاً أعمى”، مضيفاً أنه قيل لوالديه – وكانا فقيرين وأميين – إن سريكانث لا يصلح حتى لمهمة الانتباه إلى بيته وحراسته، وكانوا يقولون لوالديه “إن عليهما خنقه بوسادة”، كما يروي المدير التنفيذي الشاب.
تجاهل الوالدان تلك الأقوال، ودعما ابنهما كثيرًا. وفي عمر الثامنة التحق الصغير بمدرسة داخلية للأطفال المكفوفين، تعلم السباحة وأتقن لعبة الشطرنج، ومارس هواياته، فيما كان يحلم بأن يصبح مهندساً، فاختار مادتي العلوم والرياضيات لدراستهما، غير أن مدرسته واجهته بالرفض، وأبلغته أن ذلك مخالف للقانون، إذ لم يكن يُسمح بتدريس العلوم والرياضيات لطلاب المرحلة الثانوية المكفوفين.
أصيب سريكانث بالإحباط بسبب ذلك القانون التعسفي الذي لم يكن سارياً على جميع المدارس، فيما شجعه أحد أساتذته، وهو سوارنالاتا تاكيلاباتي، على التحرك واتخاذ الإجراء المناسب، فرفع دعوى قضائية تطالب بتغيير قانون التعليم والسماح للطلاب المكفوفين بدراسة الرياضيات والعلوم.
وبينما كانت القضية لا تزال في دهاليز القضاء، علم سريكانث أن مدرسة شينمايا فيديالايا، وهي مدرسة عادية في حيدر أباد، لكنها خاضعة لهيئة تعليمية مختلفة، تُدرِّس العلوم والرياضيات للطلاب المكفوفين. والأهم، أن هذه المدرسة لديها مكان لسريكانث، في حال كان راغباً بالالتحاق بها، فانضم إلى المدرسة، وبعد 6 أشهر كسب قضيته ضد المدرسة الأولى، وقضت المحكمة بأن الطلاب المكفوفين يمكنهم دراسة العلوم والرياضيات في سنوات الدراسة الثانوية في جميع المدارس الحكومية بولاية أندرا براديش.
رفض آخر
سرعان ما عاد سريكانث إلى إحدى المدارس الحكومية، ودرس مادتي الرياضيات والعلوم، وكان متوسط درجاته في الامتحانات 98%، وقد خطَّط للتقدم إلى إحدى كليات الهندسة المرموقة في الهند والمعروفة باسم “المعاهد الهندية للتقنية”، لكن أياً من المعاهد التي تنظم دورات التدريب لم يقبل سريكانث بين طلابه.
[two-column]
حقق سريكانث إنجازات عديدة، أثارت اهتمام بوليوود، علماً بأنه سيبدأ تصوير فيلم عن سيرته الذاتية في يوليو المقبل، وسيلعب الممثل الهندي الشهير راجكومار راو دور البطولة فيه، فيما يأمل أن تصبح شركته في غضون 3 سنوات قابلة للاكتتاب العام، بحيث يتم إدراج أسهمها في العديد من البورصات الدولية
[/two-column]
اتخذ سريكانث قراراً مغايراً، وهو الدراسة في مكان بعيد عن الهند، فقدم طلباته إلى جامعات في الولايات المتحدة، وتلقى 5 عروض، فيما اختار معهد ماساتشوستس للتقنية في كامبريدج، ليصبح أول طالب أجنبي كفيف في المعهد. وقد بدأ الدراسة هناك عام 2009.
خلال دراسته، أنشأ سريكانث منظمة غير ربحية، وهي “مركز سمانفاي” للأطفال الذين يعانون من إعاقات متعددة، لتدريب وتعليم الصغار من ذوي الاحتياجات الخاصة في حيدر أباد. كما افتتح في المدينة مكتبة خاصة بالكتب المطبوعة بطريقة بريل من التبرعات التي جمعها.
النجاح
وبعد أن تخرج سريكانث في معهد ماساتشوستس للتقنية في قسم العلوم الإدارية، عُرضت عليه عدة وظائف، لكنه اختار ترك الولايات المتحدة والعودة إلى بلاده. وقرر تأسيس شركة “بولانت إنداستريز”، وهي شركة تعبئة وتغليف تقوم بتصنيع منتجات صديقة للبيئة، مثل عبوات وعلب مصنوعة من سعف النخيل المتساقط، وتبلغ قيمة هذه الشركة اليوم 48 مليون جنيه إسترليني.
وتوظف هذه الشركة أكبر عدد ممكن من الأشخاص الذين يعانون من إعاقات جسدية ومشاكل في الصحة النفسية، وبلغت نسبتهم قبل انتشار وباء كورونا 36% من مجمل موظفيها، الذين يبلغ عددهم 500 شخص.
حقق سريكانث إنجازات عديدة، أثارت اهتمام بوليوود، علماً بأنه سيبدأ تصوير فيلم عن سيرته الذاتية في يوليو المقبل، وسيلعب الممثل الهندي الشهير راجكومار راو دور البطولة فيه، فيما يأمل أن تصبح شركته في غضون 3 سنوات قابلة للاكتتاب العام، بحيث يتم إدراج أسهمها في عديد من البورصات الدولية.
التحديات التي تواجه الشباب مستقبلا
