على الرغم من تعافي الاقتصاد الصيني، وعودته إلى مستويات النمو التي كان عليها قبل تفشي الوباء متفوقاً على غيره من الاقتصادات الكبيرة؛ فإن الصين بدأت مؤخراً جولة جديدة من العقوبات لحماية المنافسة ومنع الاحتكار، إذ فرضت على الشركات الكبرى، مثل مجموعة علي بابا وشركة تينسنت القابضة وشركة بايدو، غرامات بلغ إجمالي قيمتها 21.5 مليون يوان (3.4 مليون دولار).
مراقبة حرية المنافسة
وأكدت مصادر إعلامية أن الإدارة المعنية بمراقبة حرية المنافسة، شددت على أن تدفع الشركات الثلاث 500 ألف يوان (78 ألف دولار) مقابل كل مخالفة من ضمن 43 مخالفة تمثل انتهاكات تتعلق بمكافحة الاحتكار.
وأعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ، في مارس، عزمه على ملاحقة شركات “المنصات” التي تجمع البيانات بهدف الاحتكار. وقد عززت بكين عمليات الإشراف والمراقبة على أعمال مكافحة الاحتكار في القطاع الخاص الواسع في الصين، وبشكل خاص في العالم الافتراضي.
الهيمنة السوقية
وفُرِضت غرامة بحق شركة “علي بابا” قيمتها 2.8 مليار دولار أوائل العام الجاري، لسوء استغلال ما تتمتع به الشركة من هيمنة سوقية، كما جرى تغريم التطبيق الرائد في توصيل الطعام “ميتوان” 533 مليون دولار الشهر الماضي لانتهاك قواعد مكافحة الاحتكار.
وتُواصل أرباح “علي بابا” الانخفاض على مدار 6 أشهر متواصلة، فيما يبدو أنه أحد آثار تنحية رئيسها الملياردير جاك ما.
وأفادت “علي بابا”، بأن أرباحها بلغت 5.37 مليار يوان (833 مليون دولار) في الفترة ما بين يوليو وسبتمبر الماضيين، مقارنة بمبلغ 28.77 مليار يوان الذي حققته في الفترة ذاتها من العام الماضي.
خسائر بمئات الملايين
وبلغت الإيرادات التي حققتها شركة “علي بابا” بشكل أساسي من خلال عملياتها الأساسية المرتبطة بالتجارة عبر الإنترنت، 200.7 مليار يوان، أي بزيادة 29%، وهي نسبة مماثلة تقريباً لمعدلات نمو العام السابق.
وتراجعت أسهم “علي بابا” بنسبة تجاوزت 11% يوم الخميس الماضي، وهو أحد أكبر انخفاضات الأسهم في يوم واحد على الإطلاق، كما انخفضت بأكثر من 22% خلال تعاملات أمس الجمعة.
ووفقاً لتقديرات “فوربس” أدى المسار التنازلي للسهم إلى خسارة المليارات من صافي ثروة مؤسس “علي بابا” جاك ما، الذي كان في يوم من الأيام أغنى أغنياء الصين، لتتراجع بمقدار 350 مليون دولار أخرى يوم الجمعة، ليصل صافي ثروته إلى 38.6 مليار دولار.
الاستثمارات الصينية تتعافى
يُذكر أن صندوق النقد الدولي توقع أن يلحق الاستهلاك الصيني بالركب مع عودة نمو الاستثمار إلى حالته الطبيعية، وعلى الرغم من هذا التعافي، لا تزال هناك مخاطر كبيرة تواجه الاقتصاد الصيني.
ويرى “الصندوق” أن تحقيق نمو أسرع وأجود في الصين مرهون بـ “إصلاحات لتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي والاستثمار الأخضر، وفتح الأسواق المحلية”، مشيراً إلى ضرورة الاستمرار في إصلاح الشركات المملوكة للدولة وضمان إمكانية تنافس الشركات الخاصة والمملوكة للحكومة على قدم المساواة.
نمو الطبقة المتوسطة
وأضاف صندوق النقد الدولي، أن بذل جهد قوي في هذا الاتجاه سيقود إلى زيادة الإنتاجية والدخل، ويؤدي إلى نمو أكثر توازناً، قائم على الاستهلاك.
ولكن على الرغم من النمو الكبير في الناتج المحلي الإجمالي للصين خلال العقد الماضي، وتجاوزها اليابان ليصبح لديها ثاني أكبر اقتصاد عالمي؛ فإن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي في الصين لا يزال يمثل سدس نظيره في الولايات المتحدة، وربع نظيره في اليابان، بحسب تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي.
وتوقع التقرير أن يؤدي ارتفاع الدخل والمستهلكين الأكثر ثراءً في الصين إلى زيادة الطلب على المزيد من السلع والخدمات المتميزة، وأن يرتفع عدد أُسر الطبقة المتوسطة بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 10%، حيث ستنضم 600 مليون أسرة ذات دخل منخفض، إلى مئات الملايين من مواطني الطبقة المتوسطة في الصين قريباً.
ويُتوقع أن يؤدي هذا التحول الديموغرافي إلى زيادة الطلب على الغذاء والسلع الاستهلاكية في الفترة المقبلة.
اقرأ أيضًا
الصين في الريادة.. ترتيب الدول من حيث الثروة العالمية