تركت الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على الكثير من الدول علامات استفهام حول مدى التقارب الذي يمكن أن تخلقه بين الصين وأوروبا في ظل تدهور العلاقات بين واشنطن وحلفائها.
وبحسب ما قاله مدير برنامج أوروبا وروسيا وأوراسيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ماكس بيرجمان، فإن الاتحاد بين الصين والاتحاد الأوروبي ضد الولايات المتحدة مستبعدًا في رأيه. مضيفًا أنه على الرغم من أن القوتين قد تكونان منفتحتين على التقارب الجيوسياسي، إلا أن الصدامات الاقتصادية والقضايا القائمة المتعلقة بالتجارة والمنافسة تشكل عقبة رئيسية، كما أوضح.
ولفت بيرجمان إلى أن احتمالات التقارب الاقتصادي بين الاتحاد الأوروبي والصين محدودة، إذ يعتمد كلا الجانبين على التصدير وبالتالي فهناك تنافس شرس بينهما وخصوصًا في قطاعي السيارات والتقنية النظيفة. وتابع: “أعتقد أنه سيكون هناك اهتمام من كلا الجانبين، ولكن هناك قيود عملية عميقة عليهما. ما لم تكن الصين مستعدة لتقديم تنازلات كبيرة، فمن الصعب أن أرى الاتحاد الأوروبي متحدًا وراء استراتيجية انخراط أعمق”.
العلاقة المتوترة بين الاتحاد الأوروبي والصين
على نطاق أوسع، تشهد العلاقة الاقتصادية بين الصين والاتحاد الأوروبي توترات تاريخية بسبب الإجراءات الانتقامية والتحقيقات المتعلقة بالتجارة، وذلك على الرغم من أن بكين تُعد أحد أكبر الشركات التجاريين للاتحاد. واتهم الاتحاد الأوروبي أكثر من مرة الصين بالتسبب في الإضرار بالأسواق العالمية والقدرة التنافسية من خلال دعمها بالسيارات الكهربائية والبطاريات والصل والألمنيوم. ونتيجةً لذلك، فرض الاتحاد الأوروبي العام الماضي رسومًا جمركية على السيارات الكهربائية.
من جانبه، قال المدير الإداري لشركة تينيو، لشبكة سي إن بي سي، كارستن نيكل، إن التوترات بين الجانبين لا تتعلق فقط بالتجارة، ولكن هناك “خلافات جوهرية” بينهما بعيدًا عما يحدث مع الولايات المتحدة. وأوضح أن تلك الخلافات تتعلق بمسائل على غرار فائض الطاقة الإنتاجية في الصين، إلى جانب الشكوك المستمرة في الاتحاد الأوروبي فيما يخص حقوق الإنسان، بالإضافة إلى المخاوف بشأن دعم الصين لروسيا وأوكرانيا.
من ناحية أخرى، هناك انعدام ثقة عميق من الاتحاد الأوروبي تجاه الصين في مجالات مثل الملكية الفكرية والمراقبة التقنية، فضلاً عن السياسة الصناعية، بحسب إيان بريمر، مؤسس ورئيس مجموعة أوراسيا. مؤكدًا أن تلاشى انعدام الثقة لن يتحقق حتى في ظل العداء الجديد مع الولايات المتحدة.
هل هناك أي فرصة لعلاقات أقوى؟
على الرغم من صعوبة تحول العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والصين إلى تحالف، إلا أن بكين ربما تحاول استغلال تراجع العلاقات بين واشنطن وأوروبا وإقامة رابطة أقوى مع الأخيرة. وقال بيرجمان إن الصين ستحاول استغلال الفرصة لتفكيك التحالف عبر الأطلسي وتقريب أوروبا. وأضاف أنه على الجانب الآخر، ربما يتخيل بعض الأوروبيين ”التحوط بين الولايات المتحدة والصين وربما دفع الصين إلى تقليص دعمها لصناعة الدفاع الروسية والانفتاح اقتصاديا”، وبشكل عام أصبحت العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي أكثر تقاربًا خلال الفترة الأخيرة.
وخلال الأسبوع الماضي، كشفت تقارير أن البلدين يسعيان إلى تحديد حد أدنى لسعر السيارات الكهربائية الصينية بدلًا من الرسوم الجمركية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي. كما التقى رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز يوم الجمعة بالرئيس الصيني شي جين بينغ في بكين، ودعا إلى علاقات أكثر توازنًا عقب ذلك. كما زار وزير الخارجية الصيني وانغ يي أوروبا في وقت سابق من هذا العام، داعيًا إلى توثيق العلاقات وتعميق التعاون.
كما التقت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين برئيس الوزراء الصيني خلال الأسبوع الجاري، وأكدا على ضرورة الدور الحاسم الذي تلعبه الصين في احتواء آثار الرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة. وأشار نيكل من شركة تينيو إلى أن اللغة المستخدمة حول الدعوة من الجانب الأوروبي بدت ”أكثر ليونة” مما كانت عليه في الماضي.
اقرأ أيضًا:
تصعيد جديد.. الصين ترفع الرسوم الجمركية على الولايات المتحدة إلى 125%
أوروبا تنضم للحرب التجارية.. تعريفات مقترحة بـ25%
البيت الأبيض يعلن تطورات جديدة بشأن الرسوم الجمركية على الصين