تخفف القراءة من الضغوط النفسية، وتمنح القارئ فرصة للهروب من الواقع إلى عوالم جديدة، ما يساعده على الاسترخاء والتأمل.
ويرى علماء النفس أن الغوص في الكتب، سواء الروايات أو السير الذاتية، يعزز الوعي الذاتي، ويدعم الصحة العقلية، ويوفر ملاذًا آمنًا من ضغوط الحياة المتزايدة.
لماذا تمنحنا الكتب هذا التأثير العلاجي؟
توضح المختصة النفسية «ملك الحازمي»، في مقالها المنشور على موقع «سبق»، أن القراءة ليست مجرد نشاط ترفيهي، بل عملية نفسية معقدة تحفز المشاعر، وتعزز القدرة على التعاطف، وتمنح القارئ الشعور بالانغماس العاطفي.
وتستند الحازمي إلى أبحاث سريرية أظهرت أن القراءة المنتظمة تقلل التوتر وتحسن المزاج، حيث تُدرس تأثيرات القراءة على الصحة النفسية من خلال الروايات، التي تتيح للقارئ تجربة عالم مختلف، والهروب من مشكلاته الشخصية، مما يمنحه استراحة ذهنية من التحديات اليومية. لكن، هل للسير الذاتية التأثير ذاته؟
كيف تؤثر السير الذاتية على وعينا الشخصي؟
تكشف السير الذاتية أن المعاناة ليست تجربة فردية، بل جزء من الرحلة الإنسانية.
ويكتشف القارئ من خلالها أن الشخصيات الناجحة مرت بصراعات مماثلة، بل وأحيانًا أقسى، مما يمنحه الأمل والإلهام لمواجهة تحدياته.
من أبرز الكتّاب الذين حوّلوا الألم إلى إبداع؟
في العالم العربي، شكّلت مسيرة الأديب المصري نجيب محفوظ مثالًا للصلابة والتحدي، فرغم تعرضه لمحاولة اغتيال عام 1994 بسبب آرائه، واصل الكتابة حتى حصل على جائزة نوبل في الأدب.
كذلك، صمدت الكاتبة السورية غادة السمان أمام الانتقادات اللاذعة بسبب تناولها الصريح لقضايا المرأة، وما زالت أعمالها تلهم أجيالًا جديدة من الكاتبات.
أما على النطاق العالمي، فقد تجاوزت أجاثا كريستي صدماتها الشخصية، بما في ذلك انهيار زواجها الأول، لتصبح من أعظم كتّاب الأدب البوليسي.
ويعكس اختفاءها المفاجئ لمدة أسبوع عام 1926 عمق الأزمات التي مرت بها، لكنها استطاعت أن تحول تلك اللحظات الصعبة إلى إبداع متجدد.
كما عاش الكاتب البريطاني إيفلين ووه ظروفًا قاسية، أبرزها الصعوبات المالية وشعوره بالكراهية تجاه الحداثة، لكنه خلّف إرثًا أدبيًا خالدًا.
كذلك، روى الكوميدي ميل بروكس في سيرته الذاتية «كل شيء عني» كيف عانى قلق شديدًا، إلى درجة التقيؤ بين العروض المسرحية، لكنه نجح في تقديم بعض من أفضل الأعمال الكوميدية في تاريخ السينما.
هل القراءة بديل عن العلاج النفسي؟
لا تعد القراءة بديلًا عن العلاج النفسي، لكنها أداة داعمة قوية، تساعد الأفراد على التعامل مع مشاعرهم وفهم تحدياتهم بشكل أعمق.
وتوفر الكتب نافذة على تجارب الآخرين، مما يعزز الشعور بالطمأنينة، ويدفع القارئ إلى البحث عن حلول لمشكلاته الشخصية.
وفي حين لا تمنحنا الكتب إجابات جاهزة، لكنها تفتح لنا أفقًا جديدًا لفهم ذواتنا والعالم من حولنا، وسواء كنت من محبي الروايات التي تتيح لك السفر بين العوالم الخيالية، أو السير الذاتية التي تلهمك بتجارب حقيقية، فإن القراءة تظل واحدة من أقوى الوسائل لتعزيز الصحة النفسية.