أوقفت واشنطن مساعداتها الخارجية، مما أدى إلى توقف برامج إنسانية حيوية في مختلف أنحاء العالم، حيث تعطلت المساعدات الغذائية، وأغلقت الخدمات الصحية، وأصبحت المساعدات المنقذة للحياة عالقة بلا آلية لصرفها.
ووصف موظفو الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية «USAID» ، هذا التوقف بـ«الكارثي»، مشيرين إلى تداعياته الخطيرة على المجتمعات المحتاجة.
الموظفون، الذين فضلوا عدم الكشف عن هوياتهم خشية فقدان وظائفهم أو تمويل مشروعاتهم، قالوا في تصريحات لـ«سي إن إن»، إن القرار شمل برامج حيوية في أوكرانيا، والسودان، وميانمار، وأماكن أخرى تعاني من أزمات معقدة.
وبالرغم من إعلان الإدارة الأمريكية عن استثناءات للمساعدات الإنسانية العاجلة، فإن العاملين في الوكالة قالوا إن تمويل تلك البرامج لا يزال متوقفًا، مما جعل الإعفاءات «من دون قيمة».
ما الأثر الفعلي على المجتمعات المتضررة؟
يهدد قرار تجميد المساعدات في كينيا، استمرار مشروعات المياه التي تدعم أكثر من مليون شخص عبر 200 مضخة جوفية عميقة، بتمويل جزئي من «USAID»، ووفقًا لإيفان توماس، أستاذ الهندسة البيئية بجامعة كولورادو، فإن هذا الشلل قد يؤدي إلى موت البشر والماشية، فضلًا عن تفاقم النزوح والهجرة غير النظامية، واستغلال الجماعات المسلحة لهذا الوضع المتأزم.
أما في السودان، فأغلقت بالفعل مطابخ الطعام التي كانت تمولها المساعدات الأمريكية، وسط أزمة مجاعة حادة تؤثر على ملايين النازحين جراء الصراع. وحذر جيريمي كوندينديك، رئيس منظمة «Refugees International»، من أن هذه الخطوة قد تتسبب في ارتفاع معدل الوفيات نتيجة الجوع، ليس فقط في السودان، بل في مناطق الأزمات مثل سوريا وغزة.
كيف يؤثر القرار على الصحة العامة عالميًا؟
توقف تمويل برنامج مكافحة الملاريا الذي تقوده «USAID» في 24 دولة إفريقية، وهو ما يهدد بانتشار المرض على نطاق أوسع.
وتقول إحدى المتعاقدات السابقة مع الوكالة إن الأدوية والناموسيات المعالجة بالمبيدات الحشرية لم تعد تُوزع، مضيفة: «ما نشهده في فلوريدا من عودة ظهور الملاريا قد يصبح أمرًا شائعًا إذا لم نستمر في خفض معدلات الطفيليات في الخارج».
كما أن مشاريع العناية بمرضى الإيدز في كينيا تأثرت بشدة، مما يعرض حياة آلاف المرضى للخطر.
ماذا عن تداعيات القرار على أوكرانيا وأفغانستان؟
في أوكرانيا، تعثرت مشاريع تدفئة المدارس والمستشفيات التي تموّلها «USAID»، رغم استمرار الهجمات الروسية على البنية التحتية للطاقة. كما أن البرامج التي تدعم الإعلام المحلي لمواجهة التضليل الإعلامي الروسي باتت في خطر، مما دفع برلمانيين أوكرانيين إلى مناشدة واشنطن لاستمرار المساعدات.
أما في أفغانستان، فجُمدت برامج دعم النساء المعنفات، مما يضع 145 ألف امرأة في وضع هش، في وقت تشدد فيه حركة طالبان قبضتها على البلاد. منظمة «المجلس الدولي للوكالات التطوعية» حذرت من أن تعليق التمويل سيقوض مشاريع التعليم والصحة وبرامج تمكين المرأة، مما يهدد استقرار البلاد على المدى البعيد.
ما التأثير على أمريكا نفسها؟
رغم أن المساعدات الخارجية تمثل أقل من 1% من الميزانية الفيدرالية، فإنها تشكل 47% من التمويل الإنساني العالمي، وفقًا للأمم المتحدة.
ويحذر مسؤول في «USAID» من أن انهيار المنظومة الإنسانية سيؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار العالمي، مما قد ينعكس على الأمن القومي الأمريكي من خلال تصاعد موجات الهجرة غير النظامية، وانتشار الأوبئة، وازدياد نفوذ الجماعات المتطرفة.
وعدت أبي ماكسمان، رئيسة «أوكسفام أمريكا»، أن إنهاء الوكالة كما نعرفها «سيقوض عقودًا من التقدم في مكافحة الفقر والأزمات الإنسانية، وسيخلف أضرارًا لا يمكن إصلاحها».