تقنية

حرب الذكاء الاصطناعي: هل سرقت DeepSeek بيانات OpenAI؟

تشهد وادي السيليكون عاصفة من الجدل بعد ظهور DeepSeek، المختبر الصيني للذكاء الاصطناعي، والذي تمكن من قلب موازين السوق في ساعات قليلة. إذ يُزعم أن DeepSeek طوّر نموذجًا منافسًا لـ ChatGPT بموارد أقل بكثير، مما جعل كبرى شركات التقنية الأمريكية تتساءل: هل نحن نهدر مليارات الدولارات في تطوير الذكاء الاصطناعي؟

ولكن الجدل لم يتوقف عند هذا الحد، حيث تشير تقارير إلى أن OpenAI وMicrosoft تحققان في إمكانية استخدام DeepSeek لبيانات OpenAI بشكل غير قانوني، وهو ما يثير تساؤلات حول حدود “الاستخدام العادل” في عالم الذكاء الاصطناعي.

لماذا تثير DeepSeek (ديب سيك) الجدل؟

DeepSeek هي شركة صينية ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي طورت نموذجًا شبيهًا بـ ChatGPT، لكنها تدعي أنها فعلت ذلك بتكلفة أقل بكثير من منافسيها الأمريكيين مثل OpenAI وGoogle DeepMind. ما جعل وادي السيليكون في حالة من الذعر هو فكرة أن بناء أنظمة ذكاء اصطناعي متطورة قد لا يحتاج إلى مليارات الدولارات كما كان يُعتقد.

لكن سرعان ما تحوّل الجدل إلى اتهامات، حيث أفادت تقارير من Bloomberg وFinancial Times أن OpenAI تحقق في ما إذا كانت DeepSeek قد استخدمت بيانات OpenAI دون إذن لتدريب نموذجها، وهو ما قد يمثل انتهاكًا لحقوق الملكية الفكرية.

ما هو “التقطير” في الذكاء الاصطناعي؟

التقطير (Distillation) هو تقنية تُستخدم في الذكاء الاصطناعي لتدريب نماذج أصغر باستخدام استجابات النماذج الأكبر، ما يقلل من الحاجة إلى كميات هائلة من البيانات الخام. في العادة، يتم التقطير داخل نفس الشركة، لكن في حالة نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني DeepSeek، هناك ادعاءات بأنها استخدمت API لـ OpenAI بشكل غير قانوني لجمع بيانات وتدريب نموذجها.

يقول زاك كاس، المستشار في مجال الذكاء الاصطناعي والمدير السابق في OpenAI:
“التقطير ممارسة شائعة، لكن إذا تم استخدام واجهة برمجة التطبيقات (API) الخاصة بـ OpenAI على نطاق واسع لاستخراج البيانات وتدريب نموذج منافس، فهنا تكمن المشكلة.”

ازدواجية OpenAI: هل يحق لها الاعتراض؟

من المفارقات أن OpenAI نفسها تواجه قضايا قانونية بسبب استخدامها لمحتوى محمي بحقوق الطبع والنشر في تدريب نماذجها، مثل الدعوى القضائية التي رفعتها New York Times ضدها.

أحد العناوين الساخرة التي تلخص هذه المفارقة جاء من موقع 404 Media:
“OpenAI غاضبة لأن DeepSeek قد تكون سرقت جميع البيانات التي سرقتها OpenAI منا!”

يقول بعض الخبراء إن الذكاء الاصطناعي مبني أساسًا على “الاستعارة” من النماذج السابقة، حيث تعتمد الشركات الكبرى جميعها على الأبحاث والابتكارات التي طورتها Google DeepMind، ما يجعل اتهامات OpenAI تبدو وكأنها مجرد “حالة من الغيرة”.

الحاجة إلى قوانين تنظيم الذكاء الاصطناعي

سواء كانت DeepSeek قد انتهكت حقوق OpenAI أم لا، فإن هذه القضية تسلط الضوء على ضرورة وضع معايير واضحة لما يُعتبر “استخدامًا عادلًا” للبيانات في الذكاء الاصطناعي.

يقول الخبراء إن الفرق بين “التقطير” و”الاستخراج غير القانوني” قد يصبح أكثر أهمية مع تطور الصناعة. بينما قد تكون OpenAI تحاول حماية تقنياتها، هناك أيضًا مخاوف من أن الشركات الكبرى تحاول احتكار التطوير في هذا المجال، ما قد يضر بالابتكار على المدى الطويل.

حرب الملكية الفكرية أم من سيقود المستقبل؟

سواء كان DeepSeek يمثل تهديدًا حقيقيًا أو مجرد صدمة لصناعة الذكاء الاصطناعي، فإن هذه القضية تعكس مرحلة جديدة في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي. مع تزايد المنافسة بين الشركات الأمريكية والصينية، يبدو أن الصراع حول البيانات وحقوق الملكية الفكرية سيصبح أكثر تعقيدًا في المستقبل.

هل نحن أمام بداية “حروب الملكية الفكرية” في الذكاء الاصطناعي؟ أم أن هذه مجرد مناوشات في معركة أكبر حول من سيقود الثورة التقنية القادمة؟