في الوقت الذي يترقب العالم الحلول المرتقبة لأزمة تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة، أشعل نموذج ديبسيك الصيني للذكاء الاصطناعي المخاوف الأمريكية من جديد، بعد تصدره قائمة التنزيلات على متجر تطبيقات أبل.
ودفعت هذه المخاوف البحرية الأمريكية لإصدار تعليمات لأعضائها بعدم استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي من شركة DeepSeek الصينية، بحسب ما نقلته شبكة CNBC. ونص التحذير على أن هناك مخاوف أمنية متعلقة بالنموذج الصيني الذي يتحدى هيمنة اللاعبين الرئيسيين في سوق التقنية مثل ميتا وغوغل وأوبن إيه آي.
وأكد متحدث باسم البحرية الأمريكية صحة البريد الإلكتروني، وقال إنه كان في إشارة إلى سياسة الذكاء الاصطناعي التوليدية التي ينتهجها كبير مسؤولي المعلومات في البحرية. وتزامنت التحذيرات مع إصدار شركة DeepSeek نموذجها المتطور للذكاء الاصطناعي R1 والذي ينافس نموذج الذكاء الاصطناعي ChatGPT الخاص بشركة OpenAI الذي كان يهيمن على قائمة تنزيلات أبل.
ديبسيك الصيني يهز أسواق رأس المال
تسبب نموذج ديبسيك الصيني للذكاء الاصطناعي الصيني في هزة لأسواق رأس المال، إذ نسف فكرة احتياج نماذج الذكاء الاصطناعي المستقبلية إلى تكاليف باهظة لإنشاء بنية تحتية، إذ كشفت الشركة أن نموذجها للذكاء الاصطناعي استغرق بناؤه 6 أشهر فقط ونحو 6 ملايين دولار، وذلك على الرغم من أن الولايات المتحدة تحظر صادرات الرقائق إلى الصين.
وبمقارنة هذا المبلغ بالمبالغ التي صرفتها شركات OpenAI وAnthropic وGoogle على تطوير نماذجها للذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT، سيتضح أن الفارق كبير ويتطلب القلق. وتجلت المنافسة في الخسائر التي تكبدتها شركات مثل إنفيديا وأوراكل، والتي خسرت نحو 17% من أسهمها بواقع 800 مليار دولار، كما تراجعت أسهم تلك الشركات على مؤشر ناسداك بنسبة 3.1%.
تفاصيل تحذير البحرية الأمريكية من DeepSeek
تضمنت رسالة البريد الإلكتروني لعناصر وأفراد البحرية الأمريكية تحذيرات من استخدام نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني DeepSeek في أي معاملات تتعلق بالعمل أو الاستخدام الشخصي، وجاء ذلك بناءً على تحذير من مدير قوة العمل السيبراني في فسم مركز الطائرات الحربية البحرية. وقال إن المتلقين يجب عليهم ”الامتناع عن تنزيل أو تثبيت أو استخدام نموذج DeepSeek بأي شكل من الأشكال”.
كانت شركة DeepSeek اتخذت قرارًا بتقييد الوصول إلى تطبيق وذلك بقصره على المستخدمين الذين يمتلكون أرقام هواتف صينية، وذلك بسبب هجمات خبيثة. وعلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الصعود المفاجئ لشركة DeepSeek، قائلًا إنه لا بد أن يكون بمثابة “جرس إنذار” لشركات التقنية الأمريكية، إذ يأتي في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس المنتخب لحل أزمة تطبيق TikTok في الولايات المتحدة التي تواجه قرارًا أمريكيًا بالحظر.
ونشر رجل الأعمال ديفيد ساكس، وهو من كبار خبراء الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة في إدارة ترامب، على موقع X يوم الاثنين أن DeepSeek R1 ”يُظهر أن سباق الذكاء الاصطناعي سيكون تنافسيًا للغاية”. وعلى أثر ذلك أنشأت شركة غوغل غرفة عمليات لإدارة الحرب المتعلقة بنموذج DeepSeek.
ديبسيك الصيني يهدد الأمن القومي الأمريكي
أثار هذا الصعود الكبير لنموذج الذكاء الاصطناعي الصيني ديبسيك مخاوف المسؤولين في إدارة ترامب من تهديد تلك التقنية للأمن القومي الأمريكي. وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارولين ليفات إن مجلس الأمن القومي سيدرس التداعيات الأمنية القومية المحتملة لإطلاق DeepSeek، مشيرة إلى أن الإدارة ستسعى إلى “ضمان هيمنة الذكاء الاصطناعي الأمريكية”.
وأبدى بعض المشرعين أيضًا مخاوفهم بشأن وصول التطبيق إلى المستخدمين في الولايات المتحدة، ودعا النائب جون مولينار، وهو جمهوري من ميشيغان يرأس لجنة الحزب الشيوعي الصيني في مجلس النواب، لضرورة فرض ضوابط على وصول النموذج إلى الولايات المتحدة.
ويأتي صعود ديبسيك الصيني ليمثل أزمة جديدة محتملة في العلاقة المتوترة بالأساس بين الولايات المتحدة والصين بشأن التجارة والجغرافيا السياسية والتقنية بين القوتين العظميين. وكانت الولايات المتحدة فرضت قيودًا عديدة على صادرات أشباه الموصلات التي تستخدمها الشركات الصينية في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي كان آخرها في ديسمبر.
من جانبه، حذر أحد مؤسسي مركز مرونة المعلومات غير الربحي، روس بورلي، من أن وجود ديبسيك في الولايات المتحدة يثير المخاوف الأمنية وكذلك المتعلقة بأمن بيانات المستخدمين، كما أنه يمنح الحكومة الصينية فرصة واسعة النطاق للوصول إلى بيانات هؤلاء المستخدمين.
وقال بورلي لشبكة “سي بي إس نيوز”: “سيستخدمها المزيد والمزيد من الأشخاص، وهذا سيفتح الباب أمام تقديم المزيد والمزيد من البيانات الشخصية إلى الحزب الشيوعي الصيني وإرسالها إلى البر الرئيسي للصين لتتمكن من إبلاغهم بأنشطتهم”. مشيرًا إلى أن تلك البيانات يمكن استخدامها في حملات التضليل وتغيير السلوك للجمهور الغربي.
ولكن شركة ديبسيك والتي يقع مقرها في مدينة هانغتشو الصينية، أكدت أن سياستها لخصوصية المستخدمين واضحة، وأن المعلومات والبيانات التي يتم جمعها عنهم يتم الاحتفاظ بها في خوادم آمنة داخل جمهورية الصين الشعبية.
اقرأ أيضًا: الذكاء الاصطناعي الصيني من “DeepSeek” يهدّد عرش منافسيه الأمريكيين