قال جي دي فانس، نائب الرئيس المنتخب دونالد ترامب، إن «هناك صفقة يمكن إبرامها بشأن (جزيرة) جرينلاند»، التي لوح ترامب برغبته في ضمها للولايات المتحدة.
قال جي دي فانس، نائب الرئيس المنتخب دونالد ترامب، إن «هناك صفقة يمكن إبرامها بشأن (جزيرة) جرينلاند»، التي لوح ترامب برغبته في ضمها للولايات المتحدة.
وأوضح نائب الرئيس، في مقابلة أُجريت على قناة «فوكس نيوز صنداي»، يوم السبت الماضي في الحادي عشر من يناير، أن الجزيرة «ذات أهمية استراتيجية كبيرة لأمريكا، فضلًا عن ثرواتها الطبيعية الهائلة».
وتأتي التصريحات «دي فانس» في ظل عودة الحديث عن رغبة الرئيس المنتخب في شراء الجزيرة، وهو ما أثار جدلًا واسعًا داخل الولايات المتحدة وخارجها.
الفكرة التي طرحها ترامب لأول مرة خلال فترته الرئاسية الأولى، وواجهت رفضًا قاطعًا من الدنمارك، أعادت تسليط الضوء على الأهمية الجيوسياسية لجرينلاند ودورها في التنافس الدولي المتزايد على منطقة القطب الشمالي.
ما أهمية جرينلاند للولايات المتحدة؟
تكتسب جرينلاند، التي تتمتع بحكم ذاتي تحت سيادة الدنمارك، أهمية استراتيجية خاصة للولايات المتحدة، حيث تقع الجزيرة بين أمريكا وأوروبا، وتُعدّ موقعًا حيويًا لمراقبة التحركات الروسية والصينية في منطقة القطب الشمالي التي تشهد تنافسًا متزايدًا بفعل تغير المناخ وذوبان الجليد.
خلال الحرب الباردة، كانت الجزيرة جزءًا أساسيًا من نظام الإنذار المبكر الأمريكي. واليوم، تعد قاعدة «بيتوفيك» الجوية في شمال جرينلاند، التي تستضيف أنظمة تحذير صاروخي، مركزًا حيويًا للجيش الأمريكي.
هل تسعى واشنطن لشراء الجزيرة؟
طرح الرئيس ترامب في مناسبات سابقة فكرة شراء جرينلاند، مشيرًا إلى أنها «ضرورة مطلقة» للأمن القومي الأمريكي، وهو طرح، رغم رفضه الدنماركي القاطع، يعكس رغبة أمريكية مستمرة في تعزيز السيطرة على المنطقة.
وسبق أن حاولت الولايات المتحدة شراء جرينلاند في عام 1867، ثم مجددًا بعد الحرب العالمية الثانية بعرض بلغ 100 مليون دولار، غير أن المحاولتين لم تنجحا.
في تصريح لترامب جونيور بعد زيارته الأخيرة لجرينلاند، أوضح أن السكان المحليين «يرغبون في تطوير مواردهم»، في إشارة إلى الإمكانيات الاقتصادية التي قد تدفع واشنطن لتقديم عروض اقتصادية مغرية.
ما الذي يجعل جرينلاند مغرية اقتصاديًا؟
تحتوي جرينلاند على موارد طبيعية ضخمة تشمل المعادن النادرة التي تُستخدم في تصنيع السيارات الكهربائية والتوربينات الهوائية والمعدات العسكرية.
ووفقًا للبروفيسور كلاوس دودز من جامعة رويال هولواي، فإن الولايات المتحدة ترى جرينلاند وسيلة لتقليل اعتمادها على الصين التي تسيطر حاليًا على إنتاج المعادن النادرة.
إضافة إلى ذلك، ذوبان الجليد بفعل تغير المناخ يفتح آفاقًا جديدة للتنقيب عن الموارد الطبيعية واستخدام الممرات البحرية في القطب الشمالي. إلا أن هذا التطور يحمل في طياته تحديات بيئية كبيرة، كما يشير فيليب شتاينبرج، أستاذ الجغرافيا بجامعة دورهام: «الاحتباس الحراري لا يجعل موارد جرينلاند أكثر سهولة، لكنه يجعلها أكثر ضرورة».
هل يلجأ ترامب إلى القوة العسكرية؟
رغم تأكيد فانس على عدم الحاجة لاستخدام القوة العسكرية في جرينلاند، فإن تعليقات مستشار الأمن القومي المنتخب مايك والتز أثارت قلقًا دوليًا، إذ أكد أن «الرئيس المنتخب مستعد لاتخاذ خطوات جريئة لضمان الدفاع عن الولايات المتحدة»، ولم يستبعد خيار تعديل الاتفاقيات القائمة أو استخدام القوة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية.
في المقابل، أبدى بعض الجمهوريين تحفظًا على هذا الطرح، إذ قال السيناتور جيمس لانكفورد: «الولايات المتحدة ليست دولة تغزو البلدان الأخرى. هذا ليس ما نحن عليه».
ما موقف الدنمارك وجرينلاند؟
أكدت الدنمارك مرارًا أن جرينلاند ليست للبيع، بينما كتب رئيس وزراء جرينلاند، موته إيجيدي، في منشور على فيسبوك: «نحن لسنا للبيع ولن نكون كذلك أبدًا. يجب أن نحمي نضالنا الطويل من أجل الحرية».
كذلك صرّح وزير الخارجية الدنماركي لارس لوكه راسموسن بأن «جرينلاند قد تصبح مستقلة إذا أراد سكانها ذلك، لكن هذا لا يعني أنها ستصبح ولاية أمريكية».
على الجانب الآخر، تسعى حكومة جرينلاند لتوسيع استقلالها عن الدنمارك بتنويع اقتصادها وتقليل الاعتماد على المنحة السنوية التي تقدمها كوبنهاجن، وتبلغ حوالي 500 مليون دولار.
وافتتحت جرينلاند مؤخرًا مطارًا جديدًا في العاصمة نوك لتعزيز السياحة، وهو جزء من استراتيجية أوسع لتحفيز النمو الاقتصادي.
هل هناك نموذج بديل؟
طرحت بعض الأصوات إمكانية إنشاء علاقة شبيهة بالنموذج المطبق مع جزر مارشال، حيث تتمتع الجزر بسيادة خاصة مع دعم مالي أمريكي مقابل ضمان مصالح استراتيجية. غير أن رئيس الوزراء السابق لجرينلاند، كويبك ف. كليست، شكك في هذا النموذج، قائلًا: «لا أعتقد أن ذلك سيكون من مصلحة جرينلاند. يكفي النظر إلى كيفية تعامل الولايات المتحدة مع شعوبها الأصلية».
ورغم عدم وضوح نوايا إدارة ترامب بشأن جرينلاند، يبدو أن المنطقة ستظل محورًا استراتيجيًا مهمًا في السياسة الأمريكية. ومع تصاعد المنافسة الدولية في القطب الشمالي، ستحتاج الولايات المتحدة إلى موازنة طموحاتها مع علاقاتها بالحلفاء واحترام إرادة سكان جرينلاند.