أحداث جارية علوم

هل يُهدّد زلزال إثيوبيا بانهيار سد النهضة؟

أثار زلزال إثيوبيا، الذي ضرب البلد الأفريقي يوم الجمعة، وسجّل توابع حتى اليوم التالي، مخاوف من انهيار سد النهضة، وهي كارثة قد تضر بأكثر من دولة حال وقوعها، فما الذي حدث تحديدًا؟ وهل يرتبط بتأثير مباشر محتمل على السد؟

زلزال إثيوبيا في أرقام

قالت الحكومة الإثيوبية، مطلع هذا الأسبوع، إنها تعمل على إجلاء نحو 80 ألف شخص في أعقاب سلسلة من الزلازل الصغيرة في مناطق عفار وأوروميا وأمهرة.

وأشارت لحكومة أنه تم الإبلاغ عن ما لا يقل عن 10 زلازل منذ يوم الجمعة، مع وجود دلائل على نشاط بركاني محتمل.

وسجلت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية زلزالا بقوة 5.8 درجة على بعد حوالي 56 كيلومترًا جنوب شرق أمبوسا، في منطقة أوروميا، في الساعات الأولى من صباح السبت.

وقال رئيس قسم الزلازل وأستاذ علوم الزلازل في جامعة أديس أبابا، أتالاي أيلي، إن مركز الزلزال كان في وسط جبل دوفن، بمنطقة أواش فنتالي، في منطقة عفار.

وبعد ساعات قليلة، تم الإبلاغ عن هزة أرضية ثانية، بلغت قوتها 4.7 درجة، على بعد حوالي 10 كيلومترات شرق أواش في منطقة عفار.

وشعر بزلزال إثيوبيا الأشد قوة سكان العاصمة أديس أبابا ومدن مثل أداما وميتيهارا، وذكرت التقارير أن السكان الذين يعيشون في الشقق والمباني الشاهقة شعروا به أيضًا.

وأفاد سكان ومسؤولون بأن منطقة أواش فنتالي شهدت ما يصل إلى عشرين زلزالا وتوابعها منذ سبتمبر.

وفي منطقة عفار، تسببت الزلازل المتكررة في إنشاء حفرة طبيعية للمياه الساخنة، ويقال إن هذه الحفرة تتسع.

وأثار زلزال إثيوبيا، الذي وقع يوم الجمعة، في منطقة عفار، مخاوف من اندلاع ثورات بركانية بعد تصاعد الدخان من فتحات في بركان دوفين، مما يشير إلى نشاط بركاني محتمل.

حذر خبراء إثيوبيون من أن العديد من المباني في البلاد، وخاصة في أديس أبابا، معرضة بشدة لخطر الزلازل.

هل يتضرر سد النهضة؟

تحتجز بحيرة سد النهضة المقام على مجرى نهر النيل في إثيوبيا نحو 74 مليار متر مكعب من المياه.

ويحذر الخبراء أنه في حال إطلاق سراح هذه الكمية من المياه ستكتسح الأراضي المنخفضة بقوة هائلة، لتدمر كل شيء في طريقها.

علّق وزير الري والموارد المائية الأسبق في السودان، الدكتور عثمان التوم، على المخاوف بشأن تأثير زلزال إثيوبيا على سد النهضة، في تصريحات نقلها عنه موقع “العربية”.

وأوضح الدكتور عثمان التوم، أن الفالق الإفريقي، الذي يمر شرق إثيوبيا يبعد 500 كيلومتر من العاصمة أديس أبابا، أي أنه لا يشكل أي تهديد مباشر للسد الذي يقع على بعد ما يزيد عن 1000 كيلومتر غربًا.

وأشار “التوم” إلى الدراسات التي أجراها معهد رصد الزلازل بجامعة أديس أبابا، والتي أظهرت أن المنطقة التي يقع فيها سد النهضة تتمتع بثبات جيولوجي غير مسبوق، ولم تشهد أي نشاط زلزالي ملموس منذ أكثر من 50 عامًا.

سد النهضة ليس الخطر الحقيقي

وانضم العالم المصري العامل بوكالة “ناسا” الأمريكية، عصام حجي، إلى المعلقين على مخاوف انهيار سد النهضة بسبب زلزال إثيوبيا، بصفته باحث متخصص في مراقبة البراكين والزلازل باستخدام تقنيات متقدمة.

أصدر حجي توضيحًا عبر حسابه على منصة التواص الاجتماعي “Facebook”، لفت فيه أن النشاط الزلزالي في إثيوبيا يتركز في منطقة الأخدود الأفريقي العظيم والذي يبعد أكثر من 560 كيلومترًا من موقع سد النهضة وهو صدع جيولوجي نشط منذ أكثر من 25 مليون سنة.

وأكد أن النشاط الزلازلي في المنطقة ليس وليدة اللحظة، بل هو نتاج البراكين التي تنشط بين الحين والأخر بفترات متباعدة تتراواح بين عشرات الى آلاف السنين.

وبيّن “حجي”: “يسبق تلك البراكين نشاط زلزالي طبيعي مثلما يحدث اليوم في إثيوبيا والذي من الطبيعي أن يستمر في الفترة المقبلة وليس بسبب بحيرة السد كما يشاع إعلاميًا”.

وأضاف: “لا شك أن الكوارث الطبيعية مثل الزلازل لها تأثير كبير على المنشآت مثل السدود، ولكن عند بنائها يتم الأخذ في الاعتبار الطبيعة الزلزالية لموقع البناء ويتم التصميم بمعايير دولية تحمي المنشآت من الهزات المتوقعة”.

وضرب “حجي” مثالًا، بالزلازال المدمرة التي حدثت في تركيا والمغرب في العامين السابقين، والتي لم تتسبب في انهيار للسدود القريبة منها.

وتابع “حجي”: الخطر الحقيقي ليس انهيار السد، بل هو الدخول في حالة جفاف مثل الذي حدثت في ثمانينات دون الوصول لاتفاق لتشغيل تعاوني بين سد النهضة والسد العالي، لحماية مصر من شح المياه في تلك الفترة، وهذه هي نقطة النقاش الرئيسية التي تركز عليها المفاوضات والتى يجب ان تكون محل اهتمامنا جميعا”.