لم يجد أهالي حماة السورية وسيلة أخرى للتعبير عن امتنانهم للطيار السوري رغيد الططري، سوى بتكريمه نظير معاناته في سجون الأسد لمدة 43 عامًا قبل أن يتم تحريره مع سقوط النظام. وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو يظهر فيها الططري وهو يتسلم سيفًا من الذهب، وسط أناشيد جماهيرية احتفاءً بمن يٌطلقون عليه “عميد المعتقلين السوريين.
من هو رغيد الططري ولماذا يحتفل به أهالي حماة؟
هو طيار سوري وُلد في عام 1955 بدمشق، وانضم إلى القوات الجوية السورية خلال فترة العشرينيات من عمره. وفي هذا التوقيت كانت مدينة حُماة السورية معقلًا للجماعات الإسلامية وتحديدًا الإخوان ونظمت العديد من التحركات تجاه حزب البعث الحاكم والذي وجه للمدينة اتهامات بمحاولات الانقلاب على الحُكم. ولذلك بدأت التحركات بهجوم قوات حافظ الأسد على المدينة وظل الهجوم لمدة شهر وقع خلاله العديد من القتلى والمشردين. وكان الططري وقتها طيارًا حربيًا تلقى أمرًا بقصف مواقع داخل المدينة، ولكنه رفض الامتثال لهذا الأمر أو الإبلاغ عن زملائه المنشقين.
وعلى أثر ذلك تم إقالته من عمله كطيار، ونظرًا لضيق الأحوال اضطر إلى السفر إلى الأردن عام 1980، وبعدها انتقل إلى مصر، وفي عام 1981 حاول تقديم طلب لجوء إلى الأمم المتحدة ولكن تم رفضه. في النهاية لم يجد رغيد الططري مفرًا من العودة إلى دمشق حيث قُبض عليه في المطار في نوفمبر 1981 من قِبل قوات حافظ الأسد وكان وقتها في عمر 27 عامًا تقريبًا.
أطول فترة اعتقال سياسي
بحسب ما تُشير إليه بعض المنظمات الحقوقية، فإن رغيد الططري هو صاحب أطول فترة اعتقال سياسي في سجون نظام الأسد. وعبر مواقع التواصل الاجتماع يُشار إلى الططري باسم “عميد السجناء”. وبعد اعتقاله تعرض الططري لجميع وسائل التعذيب في سجن المزة العسكري وأُجبر بكل الطرق على الإدلاء بأقواله، وبدون توجيه أي تهمة له تم تحويله إلى محكم عسكرية استثنائية في عام 1982. وأصدرت المحكمة الميدانية الثانية بدمشق حكمها وفق المذكرة “433 – 2”.
وتم نقل الططري على أثر الحكم إلى عدة سجون مثل تدمر وصيدنايا ثم سجن عدرا في عام 2011 تزامنًا مع انطلاق ثورة الربيع العربي، حيث ذاق ويلات الحبس والظروف الإنسانية الصعبة وتم حرمانه من رؤية أهله وأقاربه. ولم يخرج عميد المعتقلين السوريين منذ حينها إلى النور إلا بسقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر 2024، ليكون قضى نحو نصف قرن من عمره داخل غياهب السجون، إذ تم تحريره من السجن المركزي في مدينة طرطوس على يد فصائل مسلحة، ولذلك كرمه أهالي حماة تقديرًا منهم لتضحايته في سبيلهم.
اقرأ أيضًا: ما احتمالية دعم حزب الله لفلول نظام الأسد؟