لا تقتصر اللغة على كونها مجرد كلمات أو تعبيرات تقليدية عابرة، بل هي أداة حيوية في تقوية روابط الحب بين الأزواج وبناء تواصل فعّال سواء بين الأغراب، أو حتى أولئك الذين ينعمون بعلاقات ناجحة ومستقرة.
في هذا الإطار، تبرز أهمية عبارات قد تبدو بسيطة في ظاهرها، لكنها تحمل تأثيرًا كبيرًا عندما تُستخدم بذكاء بين الأزواج، هذه العبارات لا تقتصر على تعزيز الاحترام المتبادل بين الطرفين، بل تساعد أيضًا على تحقيق تواصل أكثر نضجًا، يقوم على تفهّم الفروق الفردية وتقديرها، مما يجعل العلاقة أكثر انسجامًا واستقرارًا.
واستنادًا إلى تجارب عشرات من معالجي العلاقات وأبحاثهم، اتضح أن الأزواج الذين يحققون الاستقرار والسعادة في علاقاتهم غالبًا ما يعبّرون عن تعاطفهم، يحددون حدودهم بوضوح، ويبحثون دائمًا عن أرضية مشتركة، ولكن هناك بعض العبارات التي قد لا تُقال بما فيه الكفاية، بالرغم من أهميتها البالغة في فهم كل طرف لاحتياجات الآخر وتعزيز الانسجام في العلاقة.
تقول ليزا ماري بوبي، الأخصائية النفسية ومؤسسة مركز «جروينج سيلف» للاستشارات في دنفر، إن «التواصل الواضح والاحترام المتبادل يشعر الجميع بالراحة» وهذه الحقيقة تنطبق على جميع العلاقات الإنسانية، فحتى إذا كانت العلاقة قوية، لا بد من أن يكون هناك تواصل عاطفي عميق، يتم فيه التعبير عن المشاعر والأفكار دون أن يشعر أي طرف بالتهديد أو الهجوم.
لدي طلب
وتشير الخبيرة النفسية إلى أن عبارة “لدي طلب” تأتي من بين العبارات التي يجب أن يتعلم الأزواج استخدامها بشكل أكثر تواترًا، فهي وإن تبدو بسيطة، فإنها تفتح مجالًا للنقاش بخصوص شيء مهم وملح دون أن تثير مشاعر المقاومة أو الرفض من الطرف الآخر.
تقول بوبي، إنه «إذا قلتها بشكل لطيف، فإنها تنبه شريكك إلى أنك على وشك أن تقدم طلبًا جادًا ومهمًا يمكن تنفيذه»، فعندما نقول مثلًا: «لدي طلب، هل يمكنك أن تشغل غسالة الصحون بعد أن تضف الأطباق المتسخة إليها؟» فإنها تُظهر نية التعاون والإشارة إلى ضرورة التنظيم الذي يخدم المصلحة المشتركة، وتُختتم بسؤال يفتح الباب لفهم احتياجات الطرف الآخر أيضًا.
تفادي الاتهامات
أما العبارة الثانية التي ترى دينى لوجان، وهي معالجة نفسية ومؤلفة كتاب «الحب السيادي»، أنها مغفلة في بعض الأحيان فهي «القصة التي أخبرها نفسي هي …»، ففي العلاقات القوية، من المهم أن يتم التعبير عن المشاعر الشخصية بلغة تحترم الطرف الآخر وتمنح الفرصة للفهم بدلًا من الهجوم.
وتشير لوجان إلى أنه باستخدام هذه العبارة، يمكن لكل طرف أن يُعبّر عن مشاعره بشكل يحميه من الوقوع في فخ الاتهام المباشر. فمثلًا، بدلًا من أن يقول أحدهم: «أنت لا تقدّرني أبدًا»، يمكنه أن يبدأ بالقول: «القصة التي أخبرها نفسي هي أنني لا أشعر بالتقدير منك»، ما يفتح المجال للحديث عن الأفكار والمشاعر دون أن يؤدي إلى شعور الطرف الآخر بالهجوم أو الدفاع.
استكشاف المشاعر العميقة
ثم تأتي عبارة أخرى ربما لا تستخدم بما فيه الكفاية، هي «هل يمكنك أن تخبرني المزيد عمَّا أثارته هذه التجربة فيك؟».
إن الافتراض بأن شريكنا يعرف دائمًا مشاعرنا أو دوافعنا قد يؤدي إلى سوء الفهم. ولكن هذه العبارة تُظهر رغبة حقيقية في فهم الآخر، وتفتح المجال للتواصل العاطفي العميق. على سبيل المثال، إذا شعر أحد الزوجين بانتقاد من الطرف الآخر يُذكّره بتجربة سابقة، فإن طلب توضيح المشاعر حول ذلك يمكن أن يساهم في بناء علاقة أكثر عمقًا وتفاهمًا.
لنراجع السنة معًا
أما العبارة الرابعة التي تستحق أن تُقال في كل علاقة صحية فهي “لنراجع السنة معًا”، فمع اقتراب نهاية كل عام، يصبح الوقت مناسبًا للتأمل في اللحظات الجميلة التي عشناها سويًا، والصعوبات التي تجاوزناها، والإنجازات التي حققناها كأفراد وفي إطار علاقتنا.
وفقًا لثيما بريانت، أستاذة علم النفس في جامعة بيبرداين، يمكن أن تكون هذه المراجعة السنوية وسيلة فعالة لتقوية العلاقة، من خلال طرح أسئلة مثل: «ما اللحظة التي تعتز بها هذا العام والتي تجاوزناها معًا» ؟، أو «كيف ساعدتك في النمو هذا العام؟». وهذه الأسئلة تساعد في إحياء المشاعر الطيبة والتأكيد على أهمية التواصل المستمر.
وحسب الخبراء فإن هذه العبارات الأربعة تمثل أدوات اتصال تساهم في خلق بيئة من الاحترام المتبادل والفهم العميق بين الشريكين. وهذا النوع من التواصل يحتاج إلى الشجاعة والنية الطيبة، ولكنه بلا شك يساهم في بناء علاقة أقوى وأدوم.