سياسة

كيف أعاد عام 2024 تنظيم الشرق الأوسط؟

حتى الآن فإن إعادة تنظيم الشرق الأوسط جاءت مصحوبة بعنف شديد ومنافسات جديدة تعيد تشكيل التوازنات الإقليمية

شهدت منطقة الشرق الأوسط تغيرات كبيرة في العام 2024، وتشير النتائج الأولية إلى أن التغييرات التي حدثت جذرية وستترك بصمتها لسنوات طويلة.

وقبل أن ينقضي العام مرت المجتمعات الشامية، المعروفة بتنوعها وهشاشتها، بتحولات تاريخية عميقة، وسط تراجع الدعم الخارجي بشكل ملحوظ بسبب الإرهاق الدولي والتردد الإقليمي.

وحتى الآن فإن إعادة تنظيم الشرق الأوسط جاءت مصحوبة بعنف شديد ومنافسات جديدة تعيد تشكيل التوازنات الإقليمية.

معاناة الفلسطينيين

يعاني الفلسطينيون في غزة معاناة غير مسبوقة على يد جيش الكيان الإسرائيلي، خاصة مع تراجع قدرات حماس على المجابهة في ميدان القتال مثلما كان الوضع في الأشهر الأولى عقب عملية طوفان الأقصى في أكتوبر 2023.

ولإيجاد حل لمعاناة الشعب الفلسطيني، يسعى التحالف الذي تقوده السعودية مع دول عربية وأوروبية من أجل تطبيق حل الدولتين، لكن نجاحه يتطلب إصلاحًا جذريًا للسلطة الفلسطينية.

كما أن التحدي الأكبر الذي يواجه التحالف يكمن في مواجهة التعنت الإسرائيلي والرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الذي اعترف في ولايته الرئاسية الأولى بالقدس كعاصمة لإسرائيل.

التحولات في المجتمع الإسرائيلي

انتقل المجتمع الإسرائيلي من صدمة كبيرة إلى انتصار عسكري خلال عام 2024، خاصة بعد أن استطاع جيش الاحتلال اغتيالعدد من قادة حماس وحزب الله اللبناني جاء على رأسهم إسماعيل هنية ويحيى السنوار وحسن نصر الله.

استغل الكيان الإسرائيلي الأحداث ليقوم بتغول في كامل قطاع غزة وجنوب سوريا وأجزاء من الجنوب اللبناني، متسلحًا بالدعم غير المشروط من الولايات المتحدة وأوروبا

داخليًا، تزداد الانقسامات حول الحكومة الإسرائيلية رغم بقاء سلطة بنيامين نتنياهو وحلفائه المتطرفين، والذي تستمر محكمته بتهمة الفساد واستغلال السلطة بالإضافة إلى حالة الغضب التي تسيطر على قطاع كبير من الإسرائيليين بسبب الفشل في حل أزمة المحتجزين لدى حماس.

التحديات في لبنان

في لبنان، يواجه حزب الله انهيارًا استراتيجيًا بعد تلقي ضربات موجعة متمثلة في اغتيال غالبية الصفوف الأولى من قياداته، وتراجع الحالة النفسية لأنصاره بعد عملية البيجر، وخروج الأمور عن السيطرة.

كما سيلقي سقوط النظام السوري بقيادة بشار الأسد بظلاله على مستقبل حزب الله وقدراته في المرحلة المقبلة.

أفق جديد للسوريين

بعد انهيار نظام الأسد سريعًا وبأقل مشاهد عنف طائفي متوقعة، تحاول الإدارة الجديدة في دمشق إظهار ضبط النفس، لكن تحقيق السلام يتطلب جهدًا كبيرًا لتأمين الحكم الشامل وتجاوز المفسدين الداخليين والخارجيين.

وما زال دور روسيا غير واضح في سوريا المستقبلية، بعد أن كانت الحليف الأول والمتحكم إبان حكم بشار الأسد ومن قبله والده حافظ الأسد، حيث استمر حكمهما أكثر من 5 عقود.

إيران وتركيا.. خاسر ورابح

تعد إيران الخاسر الأكبر في هذه التحولات، حيث خسرت على مدار العام أبرز حلفائها في الدول العربية، على رأسهم نظام الأسد وحزب الله اللبناني، ليتراجع المشروع الذي استمرت إيران في بنائه على مدار عقود.

في المقابل، استفادت تركيا من هذا الوضع، حيث تفوقت على إيران في سوريا، الساحة الجيوسياسية المركزية للمنطقة، وعادت كلاعب رئيسي بعد تهميشها خلال الفترة الماضية.

المصدر:

Financial Times