كشفت دراسة جديدة عن الإعانات الحكومية، أن بعض الشركات الأمريكية، جاءت على رأس قائمة المستفيدين من الدعم الحكومي، من بينها شركات عملاقة مثل بوينج وإنتل وأمازون.
وتلقت تلك الشركات منذ بداية الألفية عشرات المليارات من الدولارات على شكل إعانات ضريبية، إعفاءات، منح، وبرامج تدريب، ما عزز مكانتها الاقتصادية ويساهم في تعزيز صناعاتها المختلفة، وهو ما يثير العديد من الأسئلة حول العدالة الاقتصادية وتوزيع الثروات في الولايات المتحدة.
بوينج في الصدارة
جاءت شركة «Boeing»، عملاق صناعة الطائرات الأمريكية، على رأس تلك القائمة، حيث حصلت على دعم حكومي تجاوز 15.5 مليار دولار منذ عام 2000.
ويعود جزء كبير من هذا الدعم إلى ولاية واشنطن التي تقدم إعانات ضريبية ضخمة لصناعة الطيران، مما يساعد الشركة على الاستمرار في ريادتها لهذا القطاع.
ويقع مصنع Boeing في مدينة إيفريت بواشنطن، ويعد أكبر منشأة تصنيع في العالم، ويتم فيه تجميع طائرات 747 و 767 و 777 و 787.
لكن هذه الإعانات الحكومية لم تكن دائمًا خالية من الجدل، ففي عام 2020، طلبت Boeing من ولاية واشنطن إلغاء أحد الإعفاءات الضريبية الهامة، وذلك لتجنب دفع الرسوم الجمركية على بيع طائراتها لشركات الطيران الأوروبية.
وجاء الإعفاء نتيجة لتوترات طويلة الأمد بين «Boeing» و«Airbus» الفرنسية، حيث كانت كل شركة مدعومة من حكومتها في إطار حرب تجارية مستمرة.
إنتل في المرتبة الثانية
في المرتبة الثانية تأتي شركة «Intel»، التي تلقت أكثر من 8.4 مليار دولار من الحكومة الأمريكية منذ عام 2000، لكن هذه الأرقام لا تشمل الدعم الجديد الذي حصلت عليه الشركة في إطار قانون «CHIPS»، الذي يهدف إلى تعزيز سلسلة توريد الرقائق الإلكترونية في الولايات المتحدة.
ووفقًا للإدارة الأمريكية، حصلت Intel على 7.9 مليار دولار إضافية من الحكومة في خطوة تهدف إلى تعزيز التصنيع المحلي للرقائق وسط التنافس المتزايد مع دول أخرى مثل الصين.
مع ذلك، لم تكن شركة «Intel» في وضع مستقر دائمًا، حيث عانت من مشاكل في أعمالها المتعلقة بالرقائق، مما أدى إلى تسريح العديد من الموظفين وإعادة هيكلة واسعة، وعلى الرغم من ذلك، يبدو أن الدعم الحكومي يأتي في وقت حرج، حيث يتطلب هذا الدعم الجديد التزامًا بعدم شراء الأسهم لإعادة الاستثمار في تطوير الشركة.
من فورد إلى أمازون
أما في المرتبة الثالثة، فتأتي «Ford Motor»، التي حصلت على حوالي 7.7 مليار دولار، تليها «General Motors» التي تلقت 7.5 مليار دولار في نفس الفترة.
وتأتي تلك الإعانات جزء من الدعم الحكومي لقطاع السيارات، وخاصة في ما يتعلق بالتحولات نحو المركبات الكهربائية وابتكارات جديدة في هذه الصناعة.
وفي مجال التكنولوجيا، تأتي شركات مثل «Micron Technology» و«Amazon» ضمن أعلى 10 شركات متلقية للإعانات الحكومية، حيث حصلت أمازون على 5.9 مليار دولار منذ عام 2000، مما يعكس دعم الحكومة الأمريكية لقطاع التكنولوجيا والإلكترونيات.
هل الدعم الحكومي في محله؟
على الرغم من أن هذه قد تعد ضرورية لدعم الصناعة الأمريكية والحفاظ على تنافسيتها في السوق العالمي، يطرح الكثيرون تساؤلات عن مدى عدالة توزيع هذه الأموال. فهل كان من الأفضل توجيه هذه الأموال لدعم الشركات الصغيرة أو المشاريع المحلية؟ وهل تستفيد المجتمعات المحلية بشكل كافٍ من هذه الإعانات؟
تزداد هذه الأسئلة أهمية في ظل التقارير التي تشير إلى أن معظم هذه الإعانات تأتي من ولايات تقدم إعفاءات ضريبية كبيرة لهذه الشركات الكبرى، وهو ما يعزز من مكانتها الاقتصادية على حساب المواطنين المحليين.
ولا تقتصر القصة على أرقام الدعم المالي فقط، بل تتعلق أيضًا بالقرارات الاستراتيجية التي تتخذها الشركات نتيجة لهذا الدعم. ففي حالة بوينج، على سبيل المثال، كانت الإعانات الضريبية جزءًا أساسيًا في قرار الشركة بنقل إنتاج طائرات 787 إلى ولاية ساوث كارولينا في عام 2021، بعد أن طالبت الشركة بإلغاء بعض الإعفاءات الضريبية في ولاية واشنطن لتجنب الرسوم الجمركية الأوروبية.
رغم ذلك، لم يتوقف دعم بوينج الحكومي، إذ حصلت الشركة على 86 مليون دولار من الإعانات الضريبية في عام 2022، مما يعكس استمرار الدعم الكبير لهذه الصناعة الحيوية.
ومع استمرار هذه الإعانات، يبقى السؤال حول مستقبل هذا الدعم وهل سيستمر في دعم الشركات الكبرى التي تستفيد منه، أم سيتم توجيه الدعم إلى مجالات أخرى، مثل الطاقة المتجددة أو الصناعات الصغيرة؟ قد يحمل المستقبل الإجابة على هذا السؤال في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة في الولايات المتحدة.