أظهرت دراسة حديثة أن «دكستروميثورفان»، المركب الكيميائي الموجود في العديد من أدوية السعال، قد يحمل أملًا كبيرًا لمرضى تليف الرئة.
وتوصل فريق من العلماء في «EMBL هيدلبرج» إلى اكتشاف أن «دكستروميثورفان»، وهو أحد المكونات الشائعة في أدوية السعال المتوفرة في الصيدليات له تأثير أبعد من مجرد تخفيف الأعراض المؤقتة، حيث يمكن أن يكون علاجًا للتليف الرئوي.
التليف الرئوي هو مرض يتميز بتشكل الندوب في أنسجة الرئة نتيجة لتراكم الكولاجين، مما يؤدي إلى تصلب الأنسجة وصعوبة في التنفس، وقد يُصاب به الأفراد نتيجة التعرض لملوثات بيئية مثل الأسبستوس والغبار أو العفن، وقد يكون أيضًا أحد الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي أو الأمراض المزمنة مثل مرض السل، وعادة ما يكون كبار السن الفئة الأكثر عرضة للإصابة، إذ تلك الأمراض غالبًا ما تتطور مع التقدم في السن.
وفيما يشير الخبراء إلى أن التليف الرئوي يُعد من الأمراض التي لا تتوفر لها علاجات فعّالة حتى الآن، و، أظهر الباحثون في دراستهم التي نُشرت مؤخرًا في مجلة «Science Translational Medicine» كيف يمكن لهذا الدواء المألوف أن يمنع تكون الكولاجين في خلايا الرئة، وبالتالي يقلل من تأثير الندوب التي تتشكل داخل الأنسجة.
مكون دوائي يفتح أبواب الأمل
بدأ الباحثون اختبارًا شاملًا لأدوية معتمدة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية «FDA»، من ضمنها «دكستروميثورفان»، الذي لم يقتصر على اختبار فعاليته في المختبر، بل تم تطبيقه على خلايا رئوية بشرية حية تم زرعها في بيئة معملية، بالإضافة إلى إجراء تجارب على فئران مصابة بتليف الرئة، وذلك بهدف دراسة تأثيره في سياقات مختلفة لضمان نتائج دقيقة وموثوقة.
واستخدم العلماء تقنيات متطورة تشمل التصوير المجهري عالي السرعة لتحليل عملية تشكيل الندوب على مستوى الخلايا، ما مكنهم من تحديد الآليات التي يعمل من خلالها هذا المركب.
ويشير الباحث «موزاميل مجيد خان»، المشارك في الدراسة، إلى أن «دراسة تأثير دكستروميثورفان على التليف الرئوي تقدم فرصة كبيرة لفهم هذا المرض وتقديم أمل جديد للمرضى».
خطوة نحو تجارب سريرية
وتعاون العلماء مع «مركز الأبحاث الرئوية» في هيدلبرج، و«المركز الألماني لأبحاث الرئة»، لضمان تقدم هذه الاكتشافات من مرحلة المختبر إلى التطبيق العملي، حيث تمكن الفريق من الوصول إلى مرحلة أكثر تقدمًا من الأبحاث، ويجري حاليًا التخطيط لإجراء تجارب سريرية من المرحلة الثانية لاختبار فعالية العلاج لدى البشر.
وفي هذا السياق، قال «راينر بيبركوخ»، قائد مجموعة الأبحاث، إنه «من خلال العمل مع مركز«DZL» وعيادات «ثوراكس كلينيك»، نقترب أكثر من المرحلة التي يمكن فيها تحديد ما إذا كانت هذه النتائج ستترجم إلى علاج فعّال للمرضى».
وعلى الرغم من أن هذه النتائج تمثل خطوة أولى فقط في مسار البحث، فإن العلماء يأملون أن يساعد هذا الاكتشاف في وضع أسس لعلاج جديد.
ومع استمرار التحقيق في كيفية تأثير «دكستروميثورفان» على الخلايا المصابة، يمكن أن يتم تطويره إلى دواء أكثر فعالية ضد التليف الرئوي، ما يفتح آفاقًا جديدة لعلاج هذا المرض المهدد للحياة
وفي النهاية، يشير «بيبركوخ» إلى أن هذه الدراسة ما تزال في مراحلها الأولية، ولكنها تمثل بداية مشجعة لفهم أعمق لآلية عمل «دكستروميثورفان» في علاج التليف الرئوي.