شهد عام 2024 موجة غير مسبوقة من الكوارث الطبيعية التي اجتاحت مختلف أنحاء العالم، مخلفة خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، وكاشفة عن هشاشة المجتمعات أمام ظواهر الطبيعة المتزايدة شدة بفعل تغير المناخ.
حيث ضرب زلزال مدمر اليابان، فيما اجتاحت فيضانات عارمة إسبانيا، وشهدت الهند وأوغندا انهيارات أرضية قاتلة، بينما عصفت الأعاصير بمناطق واسعة في أمريكا وآسيا.
ولم تتوقف الكوارث عند هذا الحد، إذ عانت زامبيا من جفاف قاسٍ، فيما سجلت لاس فيغاس درجات حرارة غير مسبوقة، في مشهد عام حافل بالمآسي.
حين يبدأ العام بكارثة
فمع أول أيام العام الجديد، استيقظت اليابان على زلزال عنيف بلغت شدته 7.5 درجات ضرب شبه جزيرة نوتو الغربية، ثم تبعتها سلسلة ارتدادات زادت من الفزع.
ولم يكن الشتاء القارس ليخفف من المعاناة، حيث أضافت الثلوج الكثيفة أعباء جديدة على جهود الإنقاذ، بينما ارتفعت ألسنة اللهب في بعض المناطق المدمرة، الأمر الذي نتج عنه تضرر أكثر من 84 ألف منزل، وخسائر قُدّرت بـ17.6 مليار دولار، في حين فقد 281 شخصًا أرواحهم وسط دمار هائل.
انهيارات تبتلع القرى
ولم يكد العام ينتصف حتى شهدت ولاية كيرالا الهندية في يوليو هطول أمطار غزيرة أدت إلى انهيارات أرضية دمرت قريتي موندكاي وتشورالمالا بالكامل.
وفي حين استمرت جهود التعرف على الجثث لأسابيع، حيث كان بعض الضحايا بحاجة إلى تحليل الحمض النووي لتحديد هويتهم، تلاشت القريتان، وفُقدت مئات الأرواح في مأساة جعلت من المناظر الخلابة لتلك المناطق ذكريات بعيدة.
الطين يبتلع الأحياء
وفي يوليو أيضًا، اجتاحت انهيارات طينية مناطق في إثيوبيا، لتسفر عن مقتل 257 شخصًا في يومين فقط. ومع استمرار البحث عن المفقودين، ارتفعت الحصيلة بشكل مأساوي. الروايات القادمة من هناك تقشعر لها الأبدان، كقصة تسغانش أوبول التي فقدت أربعة من أطفالها، لتبقى شاهدة على حجم المأساة.
انهيار جبل النفايات
وفي العاصمة الأوغندية كمبالا، انزلق جبل من القمامة في أغسطس بفعل الأمطار الغزيرة، ليبتلع منازل بأكملها.
ولقي 35 شخصًا حتفهم، ولا يزال العشرات مفقودين، بينما اضطر حوالي ألف شخص إلى النزوح، تاركين خلفهم كل ما يملكون.
الجحيم على الأرض
خلال صيف 2024، سجّلت لاس فيغاس درجات حرارة غير مسبوقة، وصلت إلى 96.2 فهرنهايت كمتوسط يومي. هذه الموجة القاسية أودت بحياة 491 شخصًا، مع ارتفاع ملحوظ في الوفيات بين من يعانون الإدمان. كانت الحرارة تذكيرًا مأساويًا بأن تغير المناخ لم يعد مشكلة مؤجلة، بل واقع يفرض نفسه بقسوة.
غضب الأطلسي يضرب أمريكا
وفي سبتمبر اجتاح إعصار هيلين الولايات الجنوبية للولايات المتحدة، ليصبح الأعنف منذ إعصار كاترينا قبل عشرين عامًا.
وعلى الرغم من أن الأنهار الغاضبة والمياه المدمرة ظواهر تتكرر مثيلاتها سنويا في الأمريكتين، فإن ذلك الإعصار كان مختلفا عما سبقه، حيث أعرب حاكم ولاية كارولاينا الشمالية عن صدمته قائلًا: «لم نشهد شيئًا كهذا من قبل».
وأودى الإعصار بحياة أكثر من 230 شخصًا، ودمر البنية التحتية في ولايات متعددة.
العاصفة القاتلة
وفي سبتمبر أيضًا، ضرب إعصار ياجي آسيا، ليترك وراءه دمارًا واسعًا.
كانت فيتنام الأكثر تضررًا، حيث سُجلت 300 حالة وفاة، فيما بلغ إجمالي الضحايا في المنطقة 600 شخص.
كذلك طمرت قرى كاملة تحت الطين، كقرية لانج نو التي فقدت أكثر من نصف سكانها.
نهر الغضب
وفي أكتوبر، أغرقت أمطار استثنائية مقاطعة فالنسيا الإسبانية، حيث هطلت 51 سم من المطر خلال ثماني ساعات فقط، ما حول الشوارع إلى أنهار جرفت السيارات والمنازل، وأودت بحياة 216 شخصًا، معظمهم من كبار السن.
وأثار هذا السيل المفاجئ غضب السكان الذين شعروا بخذلان السلطات، وعندما زار الملك فيليب السادس والملكة ليتيسيا المناطق المنكوبة، قوبلا بصرخات الغضب، بل ورشق بالطين، في مشهد يعكس يأس السكان.
غضب البركان الصامت
أما في نوفمبر، فثار بركان جبل لووتوبي في جزيرة فلوريس الإندونيسية، لينفث رماده إلى ارتفاع 2000 متر، ويصب حممه على القرى القريبة.
وأودى ذلك بحياة عشرة أشخاص، بينما اضطر آلاف السكان إلى الإجلاء، ومع أن التحذيرات سبقت الكارثة، فإن المشاهد المروعة للناجين المغطين بالرماد، وللمنازل المشتعلة، جسدت حجم الفاجعة.
الجفاف يطفئ الأنوار
وفي جنوب القارة الأفريقية، تعرضت زامبيا لجفاف هو الأسوأ منذ ثلاثين عامًا.
وأثر ذلك النقص الحاد في المياه على الزراعة والكهرباء، حيث توقفت محطة سد كاريبا عن توليد الطاقة بشكل كامل.
ومع تراجع الأمطار المستمر، بات السكان يعتمدون على ثلاث ساعات فقط من الكهرباء يوميًا، ما عمّق الأزمة الإنسانية والاقتصادية.