علوم

المركبات العضوية المتطايرة.. ما هي وما خطورتها؟

المركبات العضوية المتطايرة.. ما هي وما أهميتها؟

تحتوي البيئة من حولنا على مواد يُطلق عليها “المركبات العضوية المتطايرة”، والذي يترك التعرض المتكرر لبعضها تأثيرًا ضارًا على الصحة، مثل تهيج الجهاز التنفسي والغثيان والسرطان.

ولكي يتجنب الشخص تأثير تلك المواد، لا بد في البداية من التعرف عليها وعلى صورها المختلفة في محيطنا.

ما هي المركبات العضوية المتطايرة؟

تُعرف المركبات العضوية المتطايرة بأنها مجموعة متنوعة من المواد الكيميائية الغازية المنبعثة من مصادر منزلية وطبيعية مختلفة.

وهذه المركبات هي السبب الرئيسي في الروائح المميزة للعطور ومستحضرات التجميل ومواد التنظيف ومخففات الطلاء وغيرها.

ويرتبط التعرض المتكرر لبعض المركبات العضوية المتطايرة بتأثيرات صحية ضارة مثل تهيج الجهاز التنفسي والغثيان وحتى السرطان.

وبحسب وكالة حماية البيئة الأمريكية، فإن المركبات العضوية المتطايرة لديها ضغط بخار مرتفع وهو ما يجعلها قابلة للطفو في الهواء في حالتها الغازية، بسبب عدم استقرارها في درجة حرارة الغرفة.

وهذه المواد تكون في صورة جزيئات صغيرة جدًا لا يمكنها الذوبان في المياه جيدًا، ولذلك فإنها تُستخدم عادة كمذيبات كيميائية.

وقال الباحث في الهندسة الكيميائية والبيولوجية الجزيئية بجامعة تينيسي، ريجوبيرتو أدفينكولا، لموقع لايف ساينس، إن هذه المواد لا يمكن اكتشافها إلا بتركيز معين بالطرق الطيفية.

وأوضح أن هذا يعني أن تركيز هذه المواد الكيميائية في الهواء يقاس بناءً على مقدار الضوء الذي تمتصه عند طول موجي معين.

ومن خلال هذا التركيز يتم تحديد حجم المركبات المتطايرة في الهواء بالأجزاء في المليون (ppm)، وهي نسبة الوزن إلى الوزن مع الجسيمات الأخرى المحمولة في الهواء.

من أين تأتي المركبات العضوية المتطايرة؟

بعض الأنواع منها تُنتج من قبل الكائنات الحية والنباتات، وفي هذه الحالة يُطلق عليها المركبات العضوية المتطايرة الحيوية “BVOCs”.

ووفق تحليل علمي منشور في مجلة الكيمياء والفيزياء الحيوية في سبتمبر 2014، فإن من أبرز أنواع المركبات العضوية المتطايرة الحيوية هي الأيزوبرين والمونوتربين، وهما مركبان ينتجهما النبات.

والنباتات مسؤولة عن إنتاج 90% من المركبات العضوية المتطايرة في الجو، والتي تدخل بشكل أساسي في العمليات الكيميائية التي تحدث في البيئة.

ومن بين مهام تلك المركبات التي تُطلقها الغابات كمثال، هو الحفاظ على نظافة الغلاف الجوي فوقها والتوازن الكيميائي فيه، عن طريق التفاعل مع الملوثات الضارة في الهواء.

ولكن بحسب دراسة منشورة في أبريل 2008 في مجلة “نتشر”، فإن هذه التفاعلات لا تحدث في المناطق الخالية من النباتات.

ولكن التغيرات المناخية يمكن أن يكون لها دورًا كبيرًا في التأثير على كيفية ومكان إطلاق المركبات العضوية المتطايرة في الغلاف الجوي، بحسب دراسة منشورة في نوفمبر 2020.

وتأتي الـ10% المتبقية من المواد العضوية المتطايرة في البيئة من صنع الإنسان، ومن أبرز مصادرها الوقود البترولي والسوائل الهيدروليكية ومخففات الطلاء والمواد الكيميائية المستخدمة في التنظيف الجاف.

وبحسب وكالة حماية البيئة، تأتي مجموعة أخرى من المركبات العضوية المتطايرة من مواد البناء ومحاليل التنظيف ومستحضرات التجميل وأقلام التحديد الدائمة والمواد اللاصقة والطابعات والناسخات.

ويقول المتخصص المشارك في تقييم التعرض لتلوث الهواء وعلم الأوبئة في كلية جو سي وين للسكان والصحة العامة بجامعة كاليفورنيا في إيرفين، شاهر المصري، لموقع لايف ساينس، إن المركبات العضوية المتطايرة في الأماكن المغلقة تتضمن مواد شائعة مثل الفورمالديهايد، والبنزين، والأسيتون، والتولوين، والزيلين، والنفتالين، وغيرها.

وتقول وكالة حماية البيئة إن تركيز المركبات العضوية المتطايرة في الأماكن المغلقة والمنازل يكون أكثر بـ10 مرات من نظيرتها الموجودة بالخارج.

كما أن بعض تلك المواد يمكن أن تبقى في الهواء الداخلي لعدة ساعات، وتصل مستوياتها إلى 1000 مرة أعلى من مستوياتها في الهواء.

مخاطر المركبات العضوية المتطايرة

يتباين خطر المركبات العضوية المتطايرة على الإنسان على حسب طبيعة المادة الكيميائية ومستوى التعرض.

وكمثال فإن الأشخاص مم يعانون من أمراض الجهاز التنفسي والأطفال، أكثر عُرضة للتأثير الضار لتلك المركبات أكثر من غيرهم، بحسب مراجعة منشورة في يوليو 2022 في المجلة الدولية للبحوث البيئية والصحة العامة .

ولكن بشكل عام يترك التعرض العالي أو المنخفض لتلك المركبات الكيميائية تأثيرات خطيرة على صحة الإنسان.

ومن بين أعراض التعرض المنخفض للمركبات العضوية المتطايرة تهيج العين والأنف والحنجرة، والصداع، والغثيان أو القيء، والدوار، وتفاقم أعراض الربو والحساسية.

ويمكن أن يؤدي التعرض لهذه المواد الكيميائية لسنوات عديدة بمستويات عالية أو حتى منخفضة إلى الإصابة بالسرطان وتلف الأعضاء وضعف الصحة الإنجابية.

وتُستخدم تلك المركبات المسرطنة في أشياء عديدة من حولنا مثل الفورمالديهايد الذي يدخل في صناعة الأثاث، والبنزين المستخدم في صناعة السجائر والوقود والدهانات، والبيركلورو إيثيلين المستخدم في التنظيف الجاف.