سياسة

المدمرة «زوموالت».. من فشل مكلف إلى منصة لصواريخ تفوق سرعة الصوت 5 مرات

في قلب السباق العسكري العالمي لتطوير أسلحة فائقة التطور، تبرز المدمرة الشبحية «زوموالت» كرمز لتحول استراتيجي في القوة البحرية الأميركية.

فالسفينة التي كانت يوماً ما مثالاً على الإخفاق المكلف، تحمل أول منظومة صواريخ تفوق سرعة الصوت بخمس مرات، مما يجعلها منصة قتالية فائقة التقنية تُعيد رسم معادلات التفوق في الحروب البحرية بفضل خصائصها الثورية ومميزاتها الاستثنائية.

عندما خرجت مدمرة «زوموالت» من أحواض البناء لأول مرة، كانت تُعد من أكثر السفن الحربية تطوراً في العالم، بتكلفة بلغت 7.5 مليار دولار للقطعة الواحدة، وبتقنيات مبتكرة، من بينها أنظمة مدفعية متقدمة ذات ذخائر صاروخية دقيقة، لكن سرعان ما تحطم هذا الحلم، إذ بلغت تكلفة كل قذيفة صاروخية نحو 800 ألف إلى مليون دولار، مما جعل استخدامها غير عملي وأدى إلى إلغاء النظام بالكامل.

لكن «زوموالت» ليست مجرد مدمرة تقليدية، حيث صُممت بميزات مبتكرة مثل الهيكل المموّه الذي يقلل من البصمة الرادارية، ومحركات كهربائية قوية، ونظام تحكم ذاتي يقلل من الحاجة لطاقم كبير، ومع ذلك، كانت السفينة تفتقر إلى الغاية التشغيلية الحاسمة، مما دفع النقاد إلى وصفها بأنها «خطأ مكلف».

عودة الأمل

وسط الضغوط المتزايدة من سباق التسلح العالمي، وخاصة مع تقدم روسيا والصين في مجال الأسلحة الفرط صوتية، قررت البحرية الأميركية إعادة توظيف «زوموالت» لتصبح منصة للأسلحة الأكثر تطوراً في العالم.

وتخضع  السفينة حاليًا لتعديلات شاملة في حوض بناء السفن التابع لشركة «HII»  في ولاية ميسيسيبي، تتمثل في إزالة الأبراج المدفعية غير الفعالة واستبدالها بأنظمة إطلاق صواريخ قادرة على استيعاب 12 صاروخاً فرط صوتي من طراز «الهجوم التقليدي السريع»

وتشكل الأسلحة الفرط صوتية نقلة نوعية في عالم التسليح، بقدرتها على التحليق بسرعات تزيد عن «5 ماخ» (خمسة أضعاف سرعة الصوت)، مع إمكانية المناورة لتجنب الدفاعات الجوية، وتجعلها مثل هذه الخصائص سلاحًا لا يمكن اعتراضه تقريبًا، مما يمنح الولايات المتحدة ميزة استراتيجية في الوصول إلى أهداف بعيدة بدقة متناهية.

وتتعاون البحرية الأميركية مع الجيش في تطوير هذه التقنية، حيث يعمل النظام الجديد على إطلاق الصاروخ كأنه صاروخ باليستي، قبل أن يحرر مركبة انزلاقية فرط صوتية تنطلق نحو الهدف بسرعة فائقة.

 تحديات الكلفة والجدوى

ورغم الحماسة الكبيرة لتطوير الأسلحة الفرط صوتية، فإن التكلفة الباهظة لهذه التكنولوجيا تُثير تساؤلات حول جدواها، وبحسب تقرير  مكتب الميزانية بالكونجرس، ستكلف منظومة الأسلحة الجديدة نحو 18 مليار دولار  لشراء 300 صاروخ وصيانتها على مدى 20 عامًا. هذا الرقم الضخم أثار انتقادات من محللين عسكريين مثل «لورين تومبسون»، الذي وصف هذه الصواريخ بأنها «باهظة الثمن مقارنة بالأهداف التي يمكن تدميرها بها».

لكن أنصار المشروع، مثل الأدميرال المتقاعد «راي سبايسر»، يرون في هذه الصواريخ ضرورة لا غنى عنها، ويقول سبايسر إنه «إذا كان خصومنا يمتلكونها، فلا يمكننا التخلي عنها»، مشيرًا إلى أن القدرة على ضرب أهداف من آلاف الكيلومترات دون الوقوع ضمن مدى أسلحة العدو تعطي القوات الأميركية ميزة استراتيجية هائلة.

ولا تعكس إعادة تجهيز زوموالت فقط طموح البحرية الأميركية لتصحيح مسار استثماراتها، بل يُظهر أيضًا تصميمها على مواجهة التحديات الجيوسياسية الراهنة، حيث تتوقع البحرية أن تدخل المدمرة الخدمة في نهاية 2026 أو بداية 2027، بعد خوضها سلسلة من الاختبارات والمهمات التجريبية.

وبينما تنتقد بعض الأصوات الكلفة العالية لهذه السفينة وأسلحتها، فإنها قد تثبت قيمتها في ساحة المعركة، حيث تكون السرعة والدقة عاملاً حاسمًا في حسم الحروب الحديثة.