وجد الاحتلال الإسرائيلي الفرصة سانحة أمامه للتوغل في الأراضي السورية في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد، لتأمين حدود الأراضي المحتلة من ناحية والتضييق على إيران في تهريب الأسلحة من ناحية أخرى.
وخلال نهاية الأسبوع الماضي، بدأ الاحتلال التوغل داخل منطقة منزوعة السلاح في سوريا، تم إنشاؤها ضمن اتفاق وقف إطلاق النار بين البلدين في 1974.
ويقول الاحتلال إن هذه الخطة تتم بشكل مؤقت، وأنه سينسحب مرة أخرى فور تأمين الحدود، ولكن هذا التوضيح لم يجعله يسلم من الانتقادات والإدانات التي اتهمت الكيان المحتل باستغلال الفرصة وانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار.
واتهمه البعض أيضًا باستغلال الفوضى الناتجة عن سقوط النظام للتوغل في المزيد من الأراضي.
وحتى الآن يسيطر الاحتلال على مرتفعات الجولان التي احتلتها من سوريا خلال حرب عام 1967، ولكنها خطوة لا يعترف بها معظم المجتمع الدولي.
أين تقف قوات الاحتلال الآن؟
توغل الاحتلال في منطقة عازلة منزوعة السلاح على مساحة 400 كيلومتر مربع من الأراضي السورية، وهي المنطقة التي أنشأتها الأمم المتحدة بعد حرب 1973، وتحتفظ فيها بقوات حفظ السلام وعددهم 1100 جندي.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو يوم الأحد الماضي خلال زيارة إلى الجولان المحتل، إن التوغل في المنطقة العازل كان ضروريًا كموقف دفاعي.
ونقلت رويترز عن مصادر سورية، أن قوات الاحتلال وصلت إلى بلدة قطنا على بعد عدة كيلومترات إلى الشرق من المنطقة العازلة وعلى مسافة قصيرة بالسيارة من مطار دمشق.
واليوم، شنت قوات الاحتلال قصفًا على قواعد الجيش السوري، قائلة إن تلك الخطوات تهدف لمنع وصول السلاح إلى الأيادي المعادية، وفق قولها.
وانتقدت الأمم المتحدة على لسان المتحدث باسمها، ستيفان دوجاريك، إن قوات حفظ السلام أبلغت قوات الاحتلال بأن توغلاتهم تُعد انتهاكًا لاتفاقية فض الاشتباك لعام 1974.
وشددوا على أن المنطقة العازلة لا بد أن تكون بعيدة عن أي اشتباكات أو انتهاكات.
ولكن الكيان ينفي وجود قواته خارج المنطقة منزوعة السلاح، وقال إن وسائل الإعلام التي تداولت تلك الأنباء كاذبة.
وتزعم إسرائيل أنها لا تتبنى أي صراع مع السلطات الجديدة في سوريا، ولكنها قصفت مواقع سورية خلال الأيام الماضية لحماية المعدات السورية من الوقوع في أيدي معادية.
وبحسب المصادر فإن الغارات الجوية التي نفذها الاحتلال على الأراضي السورية كانت الأعنف حتى الآن، ووصل عددها إلى 200 غارة قضت على أصول الجيش السوري.
وأدانت مصر وقطر والمملكة التوغل الإسرائيلي. وقالت السعودية إن هذه الخطوة “ستقوض فرص سوريا في استعادة الأمن”.
هل يحتل الكيان سوريا؟
هذه ليست المرة الأولى التي يتوغل فيها الكيان في الأراضي السورية، إذ كشفت تقارير لوكالة أسوشيتدبرس معتمدة على صور للأقمار الصناعية، أن إسرائيل كانت تعمل على مشروع لبناء طريق جديد على الأرجح على طول الحدود مع سوريا منذ يوليو الماضي.
وبموجب هذا المشروع كانت تخترق المنطقة العازلة في بعض الأحيان، وهو ما دفع الأمم المتحدة لتحذيرها من أنها ترتكب “انتهاكات خطيرة” لاتفاق وقف إطلاق النار.
وبحسب مسؤول عسكري تحدث إلى AP، فإن الكيان يستهدف ضمان عدم وجود أي خرق أمني على غرار ما حدث في عام 2014، عندما فرت قوات حفظ السلام من المنطقة العازلة.
وقال إن قوات الاحتلال تستهدف التأكد من استقرار الحدود، وقوات الأمم المتحدة يمكنها البقاء.
وقالت كارميت فالينسي، الباحثة البارزة في معهد دراسات الأمن القومي، وهو مركز أبحاث في تل أبيب، إن إسرائيل لا تحاول حاليا تغيير الحدود أو الاستعداد لغزو سوريا.
ووصفت ما يحدث من جانب الاحتلال بأنه “عملية تكتيكية” وليست استراتيجية طويلة الأمد.
من جانبه أوضح وزير دفاع الاحتلال، يسرائيل كاتس، أمس الإثنين، أنه بعد استكمال المنطقة العازلة يتعمل إسرائيل على إنشاء “منطقة أمنية” تستهدف منع تهريب الأسلحة عبر سوريا.
وقال نتنياهو إن الضربات الإسرائيلية استهدفت مواقع تحوي أسلحة كيميائية وصواريخ بعيدة المدى، وذلك بهدف منعها من الوقوع في أيدي الجهات المعادية.
وقال محللون إن إسرائيل من المرجح أن تواصل تنفيذ ضربات ضد أهداف في جميع أنحاء سوريا.