شهدت مدينة حلب السورية اليوم الجمعة تصعيدًا غير مسبوق منذ سنوات، حيث نفذ مسلحون معارضون هجومًا مفاجئًا عقب تفجير سيارتين مفخختين على الحافة الغربية للمدينة.
ووفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، اشتبكت العناصر المعارضة مع الجيش السوري في معارك عنيفة هي الأولى من نوعها منذ سيطرة الحكومة الكاملة على المدينة عام 2016.
أزمة نزوح جديدة في الأحياء الغربية
أفاد شهود عيان بأن الأحياء الغربية من حلب تعرضت لقصف بالصواريخ وتبادل كثيف لإطلاق النار، مما أجبر السكان على النزوح من منازلهم بحثًا عن الأمان.
وفي الوقت ذاته، لم يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة السورية بشأن تقدم المسلحين داخل حدود المدينة.
تصعيد مفاجئ واتهامات متبادلة
في بيان للجيش السوري، تم الإعلان عن تدمير طائرات بدون طيار وأسلحة ثقيلة تابعة للعنصار المسلحة في مناطق ريف حلب وإدلب.
وأكد البيان أن الجيش سيواصل التصدي للهجوم، متهمًا المعارضة بنشر معلومات مضللة حول نجاحاتهم الميدانية.
وعلى الجانب الآخر، أشار المرصد السوري إلى أن المسلحين تقدموا بشكل سريع، مستولين على أكثر من 50 بلدة وقرية.
تحركات المعارضة وانشغال الحلفاء
قاد الهجوم المفاجئ آلاف المقاتلين نحو مدينة حلب، بينما انشغلت الجماعات المرتبطة بإيران، التي دعمت الحكومة السورية منذ عام 2015، بصراعاتها الداخلية.
ووفقًا لوكالة الأناضول التركية، تمكن المتمردون من اختراق خطوط الدفاع الحكومية على محاور الحمدانية وحلب الجديدة والزهراء، ما أسفر عن سيطرتهم على حوالي 70 موقعًا في محافظتي حلب وإدلب.
خسائر بشرية واستخدام أسلحة جديدة
أسفرت المعارك عن سقوط عشرات القتلى من الجانبين، وفقًا للمرصد السوري، وأكدت منظمات الإغاثة نزوح آلاف الأسر وتعطل العديد من الخدمات الحيوية.
يأتي هذا الهجوم في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية، حيث يستمر النزوح القسري نتيجة القصف والمعارك.
وكشف مقاتلو المعارضة عن استخدامهم للطائرات بدون طيار في الهجوم، وهي تقنية لم تكن متوفرة لديهم في مراحل النزاع السابقة.
كما أفادت تقارير عن تدمير مروحية عسكرية سورية خلال هجوم بطائرات مسيرة على قاعدة جوية جنوب شرق حلب.
وتقدمت المعارضة أيضًا نحو مدينة سراقب، التي تُعد نقطة استراتيجية لتأمين خطوط الإمداد إلى حلب، ويعد هذا التقدم، بقيادة جماعة هيئة تحرير الشام، من أكبر الإنجازات العسكرية للمعارضة منذ عام 2020.
معركة حلب.. عودة بعد 8 سنوات
يستعيد هذا التصعيد ذكريات معركة حلب في 2016، التي كانت نقطة تحول في الحرب السورية، حيث استعادت الحكومة السورية آنذاك السيطرة على المدينة بدعم من روسيا وإيران، بعد حملة عسكرية طويلة وحصار خانق.
ويعيد المشهد نفسه اليوم بصورة أشد تعقيدًا، حيث تسعى المعارضة لتحقيق مكاسب على الأرض، مستغلة تراجع تركيز القوات الحكومية وحلفائها.
دور القوى الإقليمية والدولية
بينما تدعم تركيا قوات المعارضة في شمال غرب سوريا، يظل الدعم الأمريكي مركزًا على القوات الكردية التي تقاتل تنظيم داعش في شرق البلاد.
ومن ناحية أخرى تصاعدت المواجهات الإقليمية، بما في ذلك الضربات الإسرائيلية ضد أهداف إيرانية في سوريا، مما يضيف مزيدًا من التعقيد إلى المشهد الميداني.
المصدر: