مع انطلاق عروض فيلم «المصارع 2 Gladiator II» للمخرج البريطاني الشهير ريدلي سكوت، شهد العمل ترحيبًا نقديًا متباينًا، وسط توقعات عالية من جمهور عالمي يحمل انطباعات عميقة عن النسخة الأصلية التي أُنتجت عام 2000 التي حقق إيرادات هائلة وفاز بخمس جوائز أوسكار، أبرزها لأفضل فيلم وأفضل ممثل لراسل كرو عن دور الجنرال الروماني ماكسيموس.
في الجزء الجديد، يلعب النجم الأيرلندي بول ميسكال دور البطل لوسيوس، ابن لوسيلا الذي أنقذه ماكسيموس في الفيلم الأول، ويعد هذا الدور نقلة نوعية لميسكال، الذي حاز على شهرة واسعة بعد دوره في المسلسل التلفزيوني «Normal People»، وفي هذا الفيلم، ينضم إلى ميسكال نخبة من الممثلين، منهم بيدرو باسكال بدور الجنرال الروماني ماركوس أكاسيوس، ودينزل واشنطن الذي يجسد دورًا لافتًا كمالك للعبيد ومدير للمصارعين، ماكرينوس، الذي وصفه النقاد بأنه أحد أبرز أدوار واشنطن في الفيلم.
كما يشهد الفيلم عودة كونى نيلسن بدور لوسيلا، والدت لوسيوس، إلى جانب ديريك جاكوبي في دور السيناتور جراكوس، أما الإمبراطورية فباتت تُحكم الآن من قبل الأخوين المتقلبين كراكالا وجيتا، اللذين يجسدهما جوزيف كوين وفريد هيشنجر، في أدوار توحي بالكثير من التشابه مع شخصية كومودوس الشرير من الجزء الأول، ولكن مع جرعة إضافية من الصخب والفوضى.
تحدي الانتقام
تدور أحداث «Gladiator II» بعد عشرين سنة من وفاة ماكسيموس، حيث نتابع رحلة لوسيوس في مواجهة إمبراطورين توأم، تقودهما رغبة عارمة في الدماء والقوة. يضطر لوسيوس للدخول إلى حلبة المصارعة بعد أن تخضع منطقته الأفريقية لسيطرة الجنرال القاسي ماركوس أكاسيوس، ويعيش معاناة العبودية مثلما عاشها ماكسيموس من قبل. يتخذ الفيلم منعطفًا دراميًا عندما يقود لوسيوس حركات مقاومة ويواجه حكام روما الفاسدين، بعبارات تنم عن حقده تجاه النظام الإمبراطوري.
تلقى الفيلم إشادة واسعة على المشاهد القتالية، التي وصفت بأنها مليئة بالسحر الغرائبي، حيث تتنوع المعارك بين مواجهة بوحشية لحيوان وحيد القرن العملاق، وإعادة تمثيل لمعركة بحرية في ساحة الكولوسيوم التي غمرتها المياه.
كتب ديفيد روني من «هوليوود ريبورتر» مشيدًا بكون الفيلم «يعتمد على ضخامة الإنتاج وإبهار الجمهور»، واصفًا بعض مشاهد القتال بأنها ذات طابع كوميدي يشبه «المعسكر»، لكنه أشار أيضًا إلى أن هناك بعض المبالغة والافتقار إلى تماسك القصة.
وبلغت التكلفة الأولية للفيلم نحو 165 مليون دولار، وتضخمت حتى وصلت إلى ما يتراوح بين 250 و310 مليون دولار، وواجه الإنتاج تحديات كبيرة تتعلق بتصوير مشاهد المعارك الضخمة وسط حرارة الجو المرتفعة في مواقع التصوير بالمغرب ومالطا والمملكة المتحدة. وصرح ميسكال، الذي أُطلق عليه لقب «الجدار الخرساني» من زملائه، عن صعوبة تحمل الأجواء القاسية خلال التصوير، خاصةً مشهد الكولوسيوم، حيث قال إن الحرارة كانت شديدة حتى أنه كاد أن يتقيأ من شدة الإجهاد.
تباين آراء النقاد
حظي الفيلم بتقييمات متباينة، حيث قدم الناقد بيتر برادشو من صحيفة الجارديان وصفًا للفيلم بأنه «مزيج مشوّق واحتفاء هائل بالمشاهد البصرية»، مع منح ميسكال ثناءً خاصًا لدوره القيادي «المثير للإعجاب»، بينما في المقابل، أبدى الناقد روبي كولين من التليجراف إعجابه بالفيلم، لكنه أشار إلى أن «التكملة لم تصل لمستوى الأصالة والعظمة الذي حققه الفيلم الأصلي»، في إشارة إلى افتقار الجزء الثاني للعاطفة التي ميزت الرحلة البطولية لماكسيموس.
بينما وصف الناقد داني لي من فايننشال تايمز الفيلم بأنه «ضخم لكن بنكهة ساذجة وسطحية»، وأعرب عن شكوكه بأن يحتفظ الفيلم بجاذبيته لوقت طويل بعد طرحه، وعدّ «الجزء الثاني قد يسقط في دائرة النسيان».
النقد الموجه لأداء ميسكال جاء متنوعًا أيضًا؛ حيث وصفه البعض، مثل كيفين ماهر من التايمز، بأنه «يفتقر للتعبير العاطفي العميق»، مما يجعله عرضة للمقارنة غير المواتية مع راسل كرو. ومع ذلك، اتفق النقاد على تألق واشنطن في دوره، إذ وصفه ماهر بأنه «الشرارة التي تشعل الشاشة»، فيما أثنى آخرون على أدائه الذي يجسد شخصية المعلم الماكر بطريقة آسرة.