تعتبر رحلة ريادة الأعمال واحدة من أكثر التجارب تحديًا، فكثيرًا ما يواجه رواد الأعمال عند تأسيس أي شركة، تحديات كبيرة من الشك الذاتي إلى الضغوط المالية، مثلما حدث تمامًا في تجربة جيفري تيونج، مؤسس شركة PatSnap الناشئة في مجال الملكية الفكرية والبحث والتطوير.
استطاع تيونج تحويل شركته التي أسسها في عام 2007، إلى واحدة من الشركات الناشئة الأكثر نجاحًا في سنغافورة، حيث حققت إيرادات سنوية تتجاوز 100 مليون دولار.
بداية متواضعة وأحلام كبيرة
وُلد تيونج في كوتا كينابالو، وهي مدينة ساحلية صغيرة في ماليزيا، وكان يحلم كغيره من أبناء جيله في المنطقة بأن يصبح طبيبًا أو مهندسًا أو محاميًا، لكن مسار حياته أخذ منعطفًا مختلفًا عندما انتقل إلى سنغافورة لمتابعة دراسته في الهندسة الحيوية، ليلتحق لاحقًا ببرنامج دراسي في الولايات المتحدة.
اكتسب تيونج هناك مهارات جديدة في مجال الأعمال أثناء عمله في شركة ناشئة، حيث تعامل مع جوانب من البحث والتطوير والملكية الفكرية.
فكرة باتسناب
خلال فترة عمله في الشركة الأمريكية، بدأ تيونج يدرك صعوبة البحث في قواعد بيانات براءات الاختراع وقوائم الملكية الفكرية، وهي عملية وصفها بأنها “فوضوية” وصعبة.
فكر في إمكانية تطوير أداة تسهل هذه العملية، وكان ذلك بمثابة اللحظة التي بدأت فيها فكرة تأسيس Patsnap، وهي قاعدة بيانات براءات اختراع يمكن الوصول إليها بسهولة.
وقرر تيونج أن يتحقق من وجود سوق لهذه الأداة، في أحد فصول دراسته في إدارة الأعمال، ليكتشف بالفعل أنه كان هناك حاجة لها.
الشك الذاتي والصعوبات المبكرة
عندما قرر تيونج العودة إلى سنغافورة وتأسيس شركته في عام 2007، لم يكن يعلم أنه سيواجه العديد من التحديات، حيث كان خريجًا شابًا بلا سجل حافل أو شبكة من العلاقات، وهو ما جعله يكافح لجمع الأموال لبدء المشروع، لكن لم تكن شبكة العلاقات هي التحدي الوحيد، بل إنه كان يعمل في ذروة الأزمة المالية العالمية، مما جعل جذب المستثمرين أصعب من أي وقت مضى.
ولم يتمكن تيونج من جمع أول مليون دولار لصالح شركة باتسناب إلا في عام 2010، وفي ذلك العام، نجح في زيادة عدد فريقه من 15 شخصاً إلى نحو 50 شخصاً، ولكن بسبب قلة خبرته في توظيف وقيادة فريق عمل، اضطر تيونج إلى تسريح ثلثي الشركة في غضون نصف عام، وفقد حوالي نصف التمويل الذي جمعه في فترة قصيرة، وهو ما دفعه للتفكير في التخلي عن حلمه وإغلاق المشروع.
الانتكاسات والتعلم من الأخطاء
أكد تيونج أنه كاد أن يستسلم في تلك الفترة لكنه قرر الاستمرار، حيث قال:” كان لدي الكثير من الشك في نفسي. فكرت، هل يجب أن أعيد الأموال للمستثمرين وأغلق الأمر؟”.
بدلاً من الاستسلام، سافر تيونج إلى العديد من المدن الكبرى في أوروبا وآسيا وأمريكا، في محاولة لجذب دعم المستثمرين.
وبجانب محاولاته التي باءت بالفشل، واجه تيونج انتكاسة أخرى كبيرة عندما أخبره أحد مستثمريه بأنه ليس مناسبًا لدور الرئيس التنفيذي، وهو ما كان بمثابة صدمة له على المستوى الشخصي.
التطور الشخصي والقيادي
ولم يتمكن تيونج من اكتساب المزيد من الثقة بصفته صاحب عمل إلا بعد سنوات من التغلب على التحديات وتطوير أسلوبه القيادي الخاص، وتعلم الكثير من أخطائه، وأدرك أنه لا يحتاج أن يكون منفتحًا وواسع العلاقات ليكون قائدًا ناجحًا.
كما اكتسب تيونج مع مرور الوقت أسلوبه القيادي الخاص به، وهو ما سمح له بإلهام فريقه وتحفيزه على العمل الجاد من أجل تحقيق أهداف الشركة.
وتعد شركة Patsnap اليوم واحدة من الشركات الرائدة في مجال الملكية الفكرية، حيث توظف أكثر من 1000 شخص في مختلف أنحاء العالم، حيث دعمتها شركات ضخمة مثل Tencent وSoftBank Vision Fund 2، ومن بين عملائها العديد من الشركات الكبرى مثل ديزني وناسا وأدوبي.
نصيحة تيونج لوراد الأعمل
أكد تيونج أن حلمه الأكبر لشركته هو المساعدة في جعل الابتكار أسهل للعالم، وأن الإصرار على النجاح وعدم الاستسلام في لحظات الفشل هو سر نجاحه.
ووجه تيونج نصيحة لرواد الأعمال قائلًا:” لأي رائد أعمال طموح، إذا كنت تؤمن بشدة بشيء ما، فما عليك سوى تجربته. فقط انطلق، لأننا نعيش الحياة مرة واحدة فقط”.
المصدر: