باعتبار أن الولايات المتحدة هي أقوى اقتصاد في العالم، فلا شك أن فوز الرئيس دونالد ترامب بالرئاسة سيكون له انعكاسات قوية على الاقتصاد العالمي.
وقال ترامب لأنصاره في فلوريدا، الأربعاء، إن التأييد الشعبي غير المسبوق له سيرسخ لما أطلق عليه “العصر الذهبي لأمريكا”.
وكان ترامب قد تعهد من قبل بتطبيق عدة قرارات اقتصادية ومن بينها التعريفات الجمركية المشددة، وإجراء تخفيضات ضريبية وإلغاء القيود والضغط للانسحاب من الاتفاقيات العالمية الرئيسية.
ويقول المحللون إنه لا توجد مؤشرات حالية تٌشير إلى أي مدى قد يتم تنفيذ تلك الوعود، ولكن أيضًا منها سيكون له تداعيات واضحة على الاقتصاد في جميع أنحاء العالم.
وتقول الخبيرة الاقتصادية السياسية في شركة أبردن لإدارة الأصول، ليزي غالبريث، إنه حاليًا لا يوجد سوى الانتظار لمعرفة سياسة ترامب المستقبلية بعد عودته للبيت الأبيض.
وأضافت غالبريث أن الكونغرس سيلعب دورًا كبيرً في تنفيذ أيًا من تلك القرارات.
السيطرة على مجلس النواب
وحاليًا يتطلع الجمهوريون للهيمنة على مجلس النواب الأمريكي بعد أن استحوذوا على أغلبية مجلس الشيوخ، وسيسمح ذلك بتمرير أي قانون أو قرار يتعلق بالاقتصاد وغيره.
وأشارت إلى أنه حال تمكّن ترامب من السيطرة على الكونغرس، وهو أمر وشيك وقد يحدث خلال الأسابيع المقبلة، فسيكون لديه الفرصة لتنفيذ أجندته ومن ضمنها خفض الضرائب.
وفيما يتعلق بالتعريفات الجمركية، قال غالبريث إن هناك حاليًا توقعين: فإما أن يسعى ترامب إلى استخدامها كأداة مساومة للحصول على تنازلات من أطراف أخرى، أو أنه يفي بوعده وينفذها على نطاق أوسع.
وكان ترامب اقترح أن يتم فرض تعريفة جمركية شاملة بنسبة 20%على جميع السلع المستوردة إلى الولايات المتحدة، وأخرى بنسبة 60% على المنتجات الصينية، وواحدة بنسبة 2000% على السيارات المصنوعة في المكسيك.
وفي أوروبا، قال ترامب إن الاتحاد الأوروبي – مكون من 27 دولة – سيدفع الكثير لعدم شراء ما يكفي من السلع الأمريكية.
وتقول غالبريث إنه أصبح من الواضح أن ترامب يستهدف الصين بشكل أساسي عندما يتحدث عن التعريفة الجمركية، رغم أنه من المتوقع أن تتضرر أوروبا قليلًا بالتعريفات الجديدة.
وحذر محللون من أن خطة ترامب لفرض تعريفات عالمية من المرجح أن ترفع الأسعار للمستهلكين وتبطئ الإنفاق.
أوروبا
تقول مدير أبحاث الاقتصاد الكلي العالمي في أكسفورد إيكونوميكس، بن ماي، إن تأثير ترامب المباشر على النمو الاقتصادي، سيكون محدودًا على المدى القريب.
ولكنها أكدت أنه حال تطبيق تعريفات جمركية مرتفعة أو متطرفة وأقل استهدافًا، من شأنها أن تخلّف تأثيرًا كبيرًا على العالم ككل.
من ناحية أخرى فإن موقف ترامب غير الواضح من الصراعات في الشرق الأوسط وأوكرانيا، من شأنه أن يؤثر سلبًا على النمو الإقليمي وكذلك العالمي، بحسب ماي.
ولفتت إلى أن تولى ترامب الرئاسة لفترة ثانية كان يُحاط دائمًا بالكثير من المخاوف المتعلقة بأوروبا والاتحاد الأوروبي.
ولكن لأي مدى قد تؤثر سياسات ترامب الاقتصادية على أوروبا، لا يزال أمرًا غير معلوم حتى الآن، وفق المحللون في Signum Global Advisors.
آسيا
وصف محللون في مجموعة ماكواري، فوز ترامب بأنه “خبر سيئ” لآسيا وخصوصًا الصين.
ولكنهم قالوا إن المنطقة حاليًا أكثر استعدادًا عما كانت عليه في 2016 عندما فاز بالرئاسة للمرة الأولى.
ويقول المحللون إن رفع التعريفات الجمركية من شأنه أن يخلق حالة من التقلب في الأسواق الآسيوية وتعريضها لضغوط في ظل حالة عدم اليقين.
وأضاف أن رد الفعل المطلوب في هذا الوقت هو اتخاذ إجراءات تحفيزية من قبل الصين، في إطار سياستها بدعم النمو الاقتصادي عند 5%، وحل أزمة سوق العقارات، بهدف كسب ثقة المستهلك المحلي.
وقال ميتشل ريس، وهو دبلوماسي أمريكي وزميل متميز في المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)، إنه من المحتمل أن تكون هناك بعض الاختلافات في قواعد اللعبة الخاصة بترامب هذه المرة.
وأشار ريس لبرنامج “Squawk Box Europe” إلى أن ترامب يستهدف تحقيق تكافؤ الفرص من خلال زيادة التعريفات الجمركية على الصين.
ولفت إلى أن إدارة ترامب الأخيرة كانت مختلفة من حيث نظرة العاملين بها إلى الصين كخصم، مؤكدًا أنه لا يتوقع تغييرذلك، وأن العلاقة بين الجانبين ستكون أكثر تعقيدًا في المستقبل.
المصدر: CNBC