تشكل سياسات ترامب الخارجية مصدر مخاوف لدى الكثير من الجهات إن لم يكن الأفراد كذلك. يمكن القول بأن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض تعد بمرحلة جديدة وغير تقليدية في السياسة الخارجية الأمريكية. مع تركيزه المتجدد على مبدأ “أمريكا أولاً”، تشير التوقعات إلى أن ترامب سيعيد تقييم العلاقات مع الحلفاء الرئيسيين، ويعيد توجيه السياسة تجاه الخصوم في قضايا عالمية رئيسية تشمل أوكرانيا، الصين، وأزمات الشرق الأوسط. في هذا المقال، نستعرض أبرز الخطط والمواقف المحتملة لترامب تجاه هذه القضايا.
الملف الأوكراني: وعد بإنهاء الحرب بسرعة
في سبتمبر 2024، صرح ترامب بأن لديه خطة لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا قبل استلامه الرئاسة مجددًا في يناير. وقد رفض الكشف عن التفاصيل، مشيرًا إلى أن “جزء من الخطة سيكون بمثابة مفاجأة”. يقترح نائبه، جاي دي فانس، أن إدارة ترامب ستسعى لإيقاف القتال بتجميد الخطوط الأمامية الحالية، مع ضمان أن تكون الحدود مدعومة بقوة لمنع أي اختراق روسي جديد.
هل ستحب كييف هذا الاتفاق؟
رغم ذلك، فإن مثل هذا الاتفاق لن يكون مقبولاً لدى المسؤولين في كييف، حيث يعارض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أي تنازلات إقليمية. كما يخشى القادة الأوكرانيون من أن يتوقف الدعم العسكري الأمريكي، مما قد يجبرهم على الاستسلام لشروط موسكو. يقترح فانس أيضًا أن الاتفاق سيتضمن التزامًا من أوكرانيا بالحياد وعدم الانضمام إلى حلف الناتو، على أن تتولى ألمانيا ودول أوروبية أخرى مسؤولية إعادة إعمار أوكرانيا.
سياسات ترامب تجاه أوروبا: وفاء الحلفاء المنتظر
يشير ترامب إلى أن على الدول الأعضاء في الناتو أن تلتزم بإنفاق 2% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، وهو مطلب كرره طوال حملته الانتخابية. في تصريح له في فبراير 2024، أشار إلى أن بعض الدول قد لا تحصل على الحماية الأمريكية في حال عدم الوفاء بهذه الالتزامات، قائلاً: “إذا لم تدفع، فلن تحصل على الحماية. الأمر بسيط”.
تقييم الوجود الأمريكي في أوروبا
من المتوقع أن يعيد ترامب تقييم الوجود الأمريكي في أوروبا بشكل أوسع، حيث ترى فيكتوريا كوتس، مسؤولة سابقة في مجلس الأمن القومي في إدارة ترامب، أن عودة ترامب قد تضع نهاية لدور أمريكا كضامن للأمن الغربي. تقول كوتس: “يجب على الأوروبيين الوفاء بوعدهم بإنفاق 2% من الناتج المحلي، بل يجب أن يكون 3%”.
سياسات ترامب في الشرق الأوسط
يتوقع أن يتبنى ترامب سياسة داعمة لإسرائيل في صراعها ضد حماس في غزة وحزب الله في لبنان. تشير التقارير إلى أنه قد يتجنب استخدام المساعدات الأمريكية كوسيلة ضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وسبق أن شجع ترامب نتنياهو على إنهاء الصراع بسرعة قائلاً: “قم بما يجب عليك فعله”، في إشارة لدعمه الكامل لخطوات إسرائيل العسكرية.
انفتاح نحو التفاوض مع إيران
ورغم موقفه الصارم تجاه إيران، فقد أشار ترامب في سبتمبر إلى أنه سيكون منفتحًا للتفاوض مع طهران حول برنامجها النووي. يعلق مارك دوبويتز، المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، بأن عودة ترامب تمثل “مغامرة في السياسة الخارجية”، موضحًا أن ترامب قد يعيد سياسة الضغط أو يختار التفاوض.
سياسات ترامب مع الصين: اقتصاد صارم وردع عسكري
على الرغم من إشادته بالرئيس الصيني شي جين بينغ ووصفه كصديق قديم، فإن ترامب لم يتردد في التهديد بفرض رسوم جمركية تصل إلى 200% على الصين كوسيلة لمنعها من اتخاذ أي خطوات ضد تايوان. في أكتوبر 2024، قال ترامب إنه سيثني الصين عن التدخل في تايوان عبر تهديده بفرض رسوم عقابية أو حتى وقف التجارة بين البلدين.
هل سيلجأ ترامب للقوة العسكرية مع الصين؟
ورداً على سؤال حول ما إذا كان سيلجأ إلى القوة العسكرية لمواجهة حصار صيني على تايوان، قال ترامب: “لن أضطر إلى ذلك، لأن شي يحترمني ويعلم أنني مجنون”. ويعتقد بعض الجمهوريين أن ترامب سيتعرض لضغوط من الكونغرس لفرض عقوبات على الصين لمنعها من شراء النفط الروسي، مما يساعد موسكو في مواصلة حربها في أوكرانيا.
أخيرًا.. وليس آخرًا
عودة ترامب إلى البيت الأبيض قد تفتح فصلاً جديداً في السياسة الخارجية الأمريكية، وتحدث تغييرات جذرية في طريقة تعامل الولايات المتحدة مع الحلفاء والخصوم. بينما قد تثير بعض هذه السياسات قلق الدول الشريكة، قد تتوافق مع رؤية ترامب لأمريكا كقوة عالمية مستقلة قادرة على فرض شروطها.