سياسة

104 أعوام على وعد بلفور المشؤوم.. جريمة بريطانيا الكبرى

في الثاني من نوفمبر عام 1917، أرسل وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور إلى المصرفي البريطاني وأحد زعماء اليهود في بريطانيا البارون روتشيلد رسالة، كان مما جاء فيها: “عزيزى اللورد روتشيلد. يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته، التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته.. إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية..”.

عرفت الرسالة فيما بعد باسم “وعد بلفور” أو “الوعد المشؤوم”، الذي منحت بموجبه بريطانيا الحق لليهود في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين. وقد كان ذلك إيذاناً بتحول كبير في الشرق الأوسط، أدى إلى قيام دولة إسرائيل وما تلى ذلك من حروب وأزمات في المنطقة.

وتقول هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، إن وعد بلفور يُعد أوضح تعبير عن تعاطف بريطانيا مع مساعي الحركة الصهيونية لإقامة وطن لليهود في فلسطين، حيث طلب بلفور في رسالته من روتشيلد إبلاغ زعماء الحركة الصهيونية في المملكة المتحدة وأيرلندا بموقف الحكومة البريطانية من مساعي الحركة.

وأدت الرسالة دوراً أساسياً في إقامة دولة إسرائيل بعد 31 عاماً من تاريخ الرسالة، أي في عام 1948، كما ساهمت الرسالة في تشجيع يهود القارة الأوروبية على الهجرة إلى فلسطين خلال الفترة ما بين الحرب العالمية الأولى والثانية، في وقت كانت القارة تشهد فيه صعوداً للتيارات القومية المعادية للسامية.

ما الذي دعا بريطانيا إلى إصدار وعد بلفور؟

وعن الأسباب التي دفعت بريطانيا إلى إصدار هذا الوعد، فهناك أكثر من تفسير، حسب “بي بي سي”، أهمها أن بريطانيا أرادت الحصول على دعم الجالية اليهودية في الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الأولى، لما تتمتع به من نفوذ واسع هناك لدفع الولايات المتحدة للاشتراك في الحرب إلى جانب بريطانيا.

رسالة بلفور جاءت تتويجاً لسنوات عديدة من الاتصالات والمفاوضات بين الساسة البريطانيين وزعماء الحركة الصهيونية في بريطانيا. حيث كان موضوع مصير الأراضي الفلسطينية قيد البحث في دوائر الحكم في بريطانيا بعد دخولها الحرب العالمية الأولى مباشرة. وجرى أول لقاء بين حاييم وايزمان، زعيم الحركة الصهيونية لاحقاً، وبلفور عام 1904 وتناولا موضوع إقامة وطن لليهود في فلسطين.

[two-column]

أدى وعد بلفور إلى قيام دولة إسرائيل وما تلى ذلك من حروب وأزمات في المنطقة

[/two-column]

مطالبات فلسطينية باعتذار بريطانيا

من جانبها، أكدت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، أمس الإثنين، أن الجهود الدبلوماسية متواصلة لحمل بريطانيا على الاعتذار للشعب الفلسطيني عن إعلان بلفور المشؤوم، كجزء لا يتجزأ من إقرارها بتحمل مسؤوليتها عن الإعلان، وما نتج عنه من تشريد وويلات حلت بالشعب الفلسطيني.

ودعا السفير أحمد الديك، المستشار السياسي لوزير الخارجية الفلسطيني، المملكة المتحدة إلى المبادرة بالاعتراف بدولة فلسطين كجزء آخر من تكفيرها عن هذا الإثم والعدوان الذي ارتكبته بحق شعبها وما لحق به من عذابات وظلم تاريخي ما زال قائماً ومتواصلاً، وبداية لتصحيح مسار إعلان بلفور الظالم، ولمساعدة الشعب الفلسطيني وتمكينه من نيل حقوقه الوطنية العادلة والمشروعة، وحقه في العودة وتقرير المصير، وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 بعاصمتها القدس الشرقية.