تتوجه أنظار القيادات الأوكرانية إلى الانتخابات الأمريكية المُزمع عقدها خلال أيام قليلة، إذ إن هوية الرئيس القادم ستحدد مصير الحرب الدائرة منذ أكثر من عامين.
وتعتمد أوكرانيا بشكل أساسي على المساعدات العسكرية الأمريكية في الحرب، والتي ترتبط بالرئيس المستقبلي للولايات المتحدة وكذلك أي وقف إطلاق للنار قد يعود بالنفع على أوكرانيا.
ويقول البعض في كييف إن وجود البلاد ذاته يتوقف على من سيفوز بالبيت الأبيض.
وفي الوقت الذي يعيش فيه الأوكرانيون تحت نيران الحرب الروسية، يترقبون نتائج الانتخابات التي ستحدد مستقبلهم.
وكانت الحرب الأوكرانية إحدى القضايا محل الخلاف بين الأمريكيين قبل الانتخابات المقبلة، إذ تبنى مرشحا المعسكرين الجمهوري والديمقراطي وجهات نظر متباينة في هذا الأمر.
ويتعلق الاختلاف تحديدًا بحجم الدعم الذي ينبغي على أوكرانيا الحصول عليه من الولايات المتحدة.
وفي جولة غربية قام بها زعماء كييف، حاولوا الترويج لما يُطلقون عليه “خطة النصر” بهدف استمالة الحلفاء الغربيين وحث الإدارة الأمريكية الجديدة على دعم حصول أوكرانيا على عضوية حلف شمال الأطلسي.
سياسة هاريس وبايدن
يقول مستشار الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، ميخايلو بودولياك، إن الولايات المتحدة لن تتخلى – بغض النظر عن هوية رئيسها المقبل – عن هيمنتها وقيادتها العالمية.
وأضاف أن تلك الهيمنة تحدث من خلال دعم أوكرانيا وهزيمة الاتحاد الروسي.
ولكن على الأرض فالوضع مختلف، إذ من المرجح أن تستمر هاريس على نفس سياسات بايدن الداعمة لأوكرانيا، خصوصًا بعد أن وصفت سلوك بوتين في الحرب بـ “الوحشي”.
وكان بايدن أوضح منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية أن هدفه هو منع جر أوكرانيا لحرب شاملة مع روسيا، وهو ما ستسير على نهجه هاريس، وفق نائب المدير العام في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، مالكوم تشالمرز.
ومنذ بداية الحرب في فبراير 2022، تلقت أوكرانيا من الولايات المتحدة مساعدات بقيمة 59.5 مليار دولار، ولكنها كانت محكومة دائمًا بسياسة أمريكية قلصت من قدراتها في ساحة الحرب.
وعلى مدار 6 أشهر هي الفترة التي استغرقها الكونغرس الأمريكي لإقرار المساعدات، تكبدت كييف خسائر في الأراضي والأسلحة والجنود.
ورغم ذلك، لم تكن الأسلحة الأمريكية كافية ولم تصل في الوقت المناسب.
ولكن أوكرانيا لا زالت تأمل في موافقة غربية على استخدام أسلحة بعيدة المدى قدمها لها حلفاؤها، لشن ضربات في العمق الروسي.
ومع ذلك، لم يتزعزع التزام بايدن بدعم أوكرانيا. فقد أعلن وزير الدفاع لويد أوستن عن حزمة بقيمة 400 مليون دولار خلال زيارته الأخيرة.
ويعلق زيلينسكي الآمال على حزمة أخرى من المساعدات الأمريكية بقيمة 800 مليون دولار، بمثابة دفعة أولى لإنتاج أوكرانيا لقدرات بعيدة المدى.
ومن المتوقع أيضًا الحصول على 8 مليارات دولار أخرى بحلول نهاية العام.
وعود ترامب
على الجانب الآخر، كان ترامب معترضًا على حجم المساعدات الأمريكية المقدمة لأوكرانيا منذ بداية الحرب.
ووعد ترامب بإنهاء الحرب حال توليه السلطة في البلاد، كما أشاد بالرئيس بوتين.
ولكن هناك الكثير من اللغط يُحيط بشخصية ترامب، إذ يُعتقد إلى حد كبير بأنه شخص لا يمكن التنبؤ بتصرفاته.
ولكنه هذه الصفة تلقى استحسان لدى الكثير من المسؤولين الأوكرانيين الذين يعتقدون سرًا إنها قد تؤدي إلى نتائج أسرع، ولكن تظل القرارات النهائية له غير معروفة.
وقال تشالمرز “لقد أكد أنه يتبنى نهجًا مختلفًا تمامًا تجاه أوكرانيا عن نهج كامالا هاريس. وإذا تم ترجمة ما يقوله الآن إلى أفعال، فستكون فترة صعبة للغاية بالنسبة لأوكرانيا”.
ويخشى الأوكرانيون أن يؤدي انتخاب ترامب إلى قطع جزء بل كل المساعدات عن كييف، وهو ما يعزز من موقف روسيا في الحرب التي تحظى بالغلبة على الأرض.
وفي حين أن آراء ترامب المعلنة ليست في صالح أوكرانيا، إلا أن بعض المسؤولين الأوكرانيين يرون أن أفعاله كرئيس كانت في صالح البلاد في بعض الأحيان.
كما أن إدارة ترامب وقعت عقوبات شديدة على روسيا خلال عهده، ووافق ترامب على بيع أسلحة فتاكة لأوكرانيا، وهو الأمر الذي فشل الرئيس باراك أوباما في القيام به.
ولكن تظل المخاوف متعلقة بفكرة إلغاء ترامب للمساعدات المقدمة لكييف، خصوصًا وأنه لا توجد أي دولة أخرى تضاهي تلك المساعدات.
وهذا من شأنه أن يُجبر كييف على قبول شروط مجحفة لوقف إطلاق النار، بعد أن سيطرت روسيا على نحو خُمس أراضيها.
في نفس الوقت، عرض زيلينسكي خطته لإنهاء الحرب على كلا من هاريس وترامب، وهو أمر تسعى لرد واشنطن عليه في أعقاب الانتخابات.
وحتى حدوث ذلك ستستمر روسيا وأوكرانيا في حشد جهودهما من أجل الصمود في الحرب، على الرغم من العواقب الاقتصادية والاجتماعية التي تعانيها كلا منهما.
المصدر: AP