دخلت صحيفة نيويورك تايمز في صدام مباشر مع شركة Perplexity الناشئة، وهددتها بمقاضاتها إذا ما توقفت عن سرقة محتواها.
وقالت الشركة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، إن الصحيفة طلبت منها التوقف عن استخدام المحتوى الخاص بها لأغراض الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وتدعي نيويورك تايمز أن الطريقة التي تستخدمها الشركة في إنتاج المحتوى، سواء بإنشاء ملخصات أو أنواع أخرى من الإنتاج، تنتهك قوانين النشر.
وطالبت الصحيفة في رسالتها إلى الشركة توضيح بشأن الطريقة التي تم التوصل بها إلى محتواها على الرغم من الجهود الوقائية التي تتبعها، وطالبت كذلك بالتوقف عن استخدام أي محتوى في المستقبل.
وتصاعدت المخاوف من سوء استغلال برامج الدردشة الآلية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، منذ أن أُطلق ChatGPT، والذي يمكنه إعداد ملخصات شبيه بتلك التي ينتجها البشر.
وجاءت تلك الخطوة في أعقاب دعوى قضائية رفعتها نيويورك تايمز العام الماضي ضد شركة OpenAI، إذ اتهمتها بسرقة محتواها بهدف تشغيل برنامجها ChatGPT.
ولكن شركة بيربليكسيتي قالت في رسالة سابقة للناشرين إنها ستتوقف عن استخدام تقنية “الزحف” للحصول على البيانات، ورغم ذلك تقول نيويورك تايمز إن محتواها لا يزال يظهر في بيربليكسيتي.
كيف تعمل Perplexity؟
Perplexity.ai هو محرك بحث يعمل بالذكاء الاصطناعي ومنصة للإجابة على الأسئلة معروفة بواجهتها البسيطة والتفاعلية.
وتختلف الطريقة التي يعمل بها محرك البحث التابع للشركة عن ChatGPT أو Claude الخاص بـ Anthropic، إذ توفر أداة بيربليكسيتي إجابات محدثة تحتوي على روابط للمقالات الأصلية، وهو ما يمنح المستخدم فرصة التحقق من المصدر.
وتقول الشركة إنها لا تجمع البيانات بغرض بناء نماذج أساسية، بل تقوم بفهرسة صفحات الويب وإبراز المحتوى الواقعي كمرجعات لإبلاغ الاستجابات عندما يطرح المستخدم سؤالا.
وأكدت الشركة أن ردها حول تلك الادعاءات سيكون جاهزًا بحلول نهاية المهلة الممنوحة من الصحيفة في 30 أكتوبر.
كيف تؤثر ملخصات الأخبار على الناشرين؟
تنطوي أغلب المعارك المتعلقة بعالم الذكاء الاصطناعي حتى الآن، حول استخدام المحتوى المحمي بحقوق النشر والطبع لتدريب النماذج اللغوية الكبيرة، مثل الأنظمة التي تدعم ChatGPT وغيره من برامج الدردشة.
ولكن هناك جبهة صراع أخرى متمثلة في استخدام تقارير المواقع الصحفية لتلبية طلبات البحث.
وهذا الاتجاه دفع الصحف والمواقع الصحفية لعقد اتفاقات مع شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى مثل OpenAI لتنظيم استخدام محتواها، نظير فوائد مالية.
وتستخدم تلك الشركات محتوى المواقع مع إضافة الروابط الأصلية للمحتوى، للإجابة على استفسارات المستخدمين.
ولكن المعركة القانونية ليست سهلة إذ إن حقوق الطبع والنشر وقوانين الملكية الفكرية لا تنطبق على الحقائق، إلا إذا كان سرد هذه الحقائق يتم بنفس النمط والترتيب.
ولذلك فإن الطريق طويل أمام نيويورك تايمز وليس سهلًا لإثبات ذلك على تشات جي بي تي، خصوصًا وأنه لا ينقل محتواها بالنص أو كلمة بكلمة.
ولكن إذا كانت الصحيفة تمتلك الأدلة على أن البرنامج يولّد استجابات حرفية لمقالاتها، فربما يساعدها ذلك على تجاوز تلك العقبة.
ولكن في نفس الوقت قد تنشأ معركة أخرى تتعلق بالاستخدام العادل للمحتوى في ظروف معينة دون ترخيص.
وكانت مجموعة تجارية كبرى قد حثت المشرعين في مايو الماضي للتصدي إلى توسع غوغل في استخدام محتوى مواقع الويب المختلفة عن طريق أداة AI Overviews.
وقالوا إن الجمع الواسع للبيانات من قبل أدوات الذكاء الاصطناعي، سيخلق نوعًا من القوة الاحتكارية لغوغل، ما يمنع الناشرين الرقميين الآخرين من تحقيق عائدات من خلال محتواهم المنشور.
وتعي شركة Perplexity جيدًا أن القانون يقف في صفها فيما يخص استخدام الحقائق، قائلة إن هذا يمنح شركات الذكاء الاصطناعي مجال غني ومفتوح من البيانات.
ومن منظور أوسع فإن إتاحة بيانات الصحف والمواقع لشركات الذكاء الاصطناعي التوليدي دون تقنين ومظلة قانونية، قد يساهم في تراجع شعبية تلك المواقع.
وهذا الأمر تكرر قبل عقد من الزمن، حينما أبرمت شركات التقنية اتفاقات مع المؤسسات الإخبارية للاستفادة من محتواها دون مقابل مادي، وهو ما أدى إلى تآكل قراء الصحف وإيرادات الإعلانات، ما تسبب في انحدار صناعة الإعلام.
مستقبل الذكاء الاصطناعي
قد يكون لنتائج المعركة التي تخوضها نيويورك تايمز وشركة Perplexity أثر كبير على مستقبل أدوات الذكاء الاصطناعي وملكية المحتوى والاستخدام العادل.
وترى شركة OpenAI في نزاعها مه الصحيفة، أن استخدام محتوى متاح أساسًا للجمهور لإعادة تشكيله وتحويله لمحتوى جديد، هو في حد ذاته استخدام عادل.
ولكن نيويورك تايمز تزعم أن استخدام ChatGPT لمحتواها وتكرار محتوى شبيه له قد يهدد عملها وسوقها وقاعدتها الجماهيرية.
ويقول الخبراء إن تلك المعركة قد تساهم في إعادة تقييم قوانين الطبع والنشر، ووضع أطر جديدة تتناسب مع التطورات التي يعيشها مجال الذكاء الاصطناعي.
المصدر: رويترز/ Hollywood Reporter/ Market scale