علوم

نوبل للطب في 120 عامًا: كيف تطورت العلوم البشرية؟

منذ تأسيسها في 1901، قدمت جائزة نوبل في الطب تقديراً لاكتشافات أسهمت في تشكيل علم الطب الحديث. من علاجات الأمراض المعدية إلى الاكتشافات الجينية، استمر التأثير الهائل لهذه الجوائز على تطور الرعاية الصحية. نستعرض في هذا المقال بعض الإنجازات التي حازت على جائزة نوبل في الطب، بدءًا من العقد الأول من القرن العشرين وصولاً إلى العقد الأخير.. لنستكشف كيف تطور طموح البشرية الطبي على مدار 12 عامًا.

عقد 1901-1910: أساسيات المناعة وبداية الجوائز

في بداية القرن العشرين، مُنحت جائزة نوبل لأول مرة في 1901 لـ إميل فون بهرنغ لدوره في تطوير علاج داء الدفتيريا. في 1902، كُرّم رونالد روس عن أبحاثه حول كيفية انتقال الملاريا، والتي وضعت أساساً لأبحاث مكافحة الأمراض المعدية. هذه الاكتشافات فتحت آفاقًا جديدة في فهم واستجابة جهاز المناعة.. مما أسهم في حماية ملايين الأرواح.

عقد 1910-1920: تطوير أساليب العلاج وتأسيس علم المناعة

خلال هذا العقد، كرّم أليكسيس كاريل (1912) لعمله الرائد في نقل الأعضاء وتطوير تقنيات جراحية متقدمة. وبالتحرك إلى عام 1919، فقد حصل جول بوردت على الجائزة لاكتشافاته في علم المناعة، ما ساعد في تأسيس مجال العلاج المناعي، الذي أصبح أساسيًا في الطب الحديث.

عقد 1920-1930: اكتشافات حول الأمراض الفيروسية والتغذية

شهد هذا العقد ثورة في علاج الأمراض المزمنة بفضل اكتشاف الإنسولين من قبل فريدريك بانتينغ وجون مكليود (1923)، الذي غير حياة مرضى السكري. في 1928، تم تكريم شارل نيكول لاكتشافاته حول الحمى الصفراء، مما أسهم في حماية المجتمعات من الأمراض الفيروسية الفتاكة.

عقد 1930-1940: أسس الوراثة ودراسة الجهاز العصبي

في هذا العقد، حصل توماس مورغان (1933) على الجائزة لاكتشافاته في الوراثة، مما عزز فهمنا للجينات ودورها في الوراثة البشرية. وفي 1936، كُرم هنري ديل وأوتو لوي لاكتشافهما حول كيفية تواصل الخلايا العصبية.. مما أسهم في تقدم كبير في أبحاث الدماغ والجهاز العصبي.

عقد 1940-1950: البنسلين وآفاق جديدة في مكافحة العدوى

كانت أربعينيات القرن العشرين فترة محورية في علاج الأمراض المعدية، حيث حصل ألكسندر فليمنغ وهوارد فلوري وإرنست تشين (1945).. على جائزة نوبل لاكتشافهم البنسلين. فتح هذا الاكتشاف الباب أمام تطوير المضادات الحيوية، التي غيرت جذرياً علاج العدوى البكتيرية.

عقد 1950-1960: علم الأحياء الجزيئي ومكافحة الأمراض المزمنة

في 1953، حصل هانز كريبس وفريتز ليبمان على الجائزة لاكتشافاتهم حول دور حمض الأدينوزين ثلاثي الفوسفات (ATP) في إنتاج الطاقة. وفي 1959، كرّم سيبريو أوتشوا وآرثر كورنبرغ لجهودهما في فك رموز عملية تضاعف الحمض النووي، مما أسهم في تطوير علم الأحياء الجزيئي.

عقد 1960-1970: فهم وظائف الدماغ وتطوير العلاج المناعي

هذا العقد شهد تكريم جون إكلس وألان هودجكن وأندرو هكسلي (1963) عن أبحاثهم حول نقل الإشارات العصبية، مما ساعد في الكشف عن آليات عمل الدماغ. كذلك في عام 1967، حصل راغنار غرانيت وهالدان هارتلين وجورج والد على الجائزة عن اكتشافاتهم في العمليات البصرية الكيميائية.

عقد 1970-1980: تطور في العلاجات الوراثية والجينية

كرّمت جائزة نوبل في هذا العقد كارل فون فريش وكونراد لورينز ونيكولاس تينبرغن (1973).. عن أبحاثهم في علم السلوك، وفي 1978 حصل هاميلتون سميث ودان ناثانز على الجائزة.. لاكتشافاتهما حول استخدام الأنزيمات القاطعة في الهندسة الوراثية، التي أسهمت في فتح آفاق جديدة في العلاج الجيني.

عقد 1980-1990: تطور أبحاث الجهاز المناعي والأمراض الوراثية

في عام 1984، حاز نيلز جيرن وجورج كولر وسيزار ميلشتاين على الجائزة لأبحاثهم حول الأجسام المضادة الأحادية، التي أصبحت حجر الزاوية في علاج الأمراض المناعية والسرطانية. كما تم تكريم باربرا مكلينتوك (1983) لعملها في التنقل الجيني، مما أسهم في تطوير علم الوراثة.

عقد 1990-2000: اكتشافات حول الأمراض العصبية وزراعة الأعضاء

شهد هذا العقد اكتشافات ثورية في علم الأعصاب مثل دراسات إرفين نهير وبيرت ساكمان (1991) حول القنوات الأيونية في الخلايا العصبية. في عام 1990، تم تكريم جوزيف موراي وإي دونال توماس لاكتشافاتهما حول زراعة الأعضاء، التي أصبحت إحدى الوسائل الرئيسية لعلاج الأمراض المستعصية.

عقد 2000-2010: استكشافات البيولوجيا الجزيئية وأمراض الجهاز المناعي

مع بداية القرن الحادي والعشرين، مُنحت جائزة نوبل في 2006 إلى أندرو فاير وكريغ ميلو لاكتشافاتهما حول تدخل الحمض النووي الريبي (RNA)، التي وفرت فرصاً جديدة لعلاج الأمراض الوراثية. وفي 2002، تم تكريم سيدني برينر وروبرت هورفيتز وجون سولستون لدورهم في فهم موت الخلايا المبرمج وأمراض السرطان.

2010 حتى 2024: ثورة في علاج السرطان وتطوير لقاحات ضد الفيروسات

اختُتمت العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين بتكريم جيمس أليسون وتاسوكو هونجو (2018).. عن تطويرهما لعلاجات السرطان التي تعتمد على تفعيل الجهاز المناعي. كذلك في 2023، حصل كاتالين كاريكو ودرو وايزمان على الجائزة لأبحاثهما التي ساهمت في تطوير لقاحات mRNA ضد كوفيد-19، ما أبرز دور الطب في التصدي للأوبئة العالمية.

خاتمة

عبر العقود الماضية، شكلت جائزة نوبل في الطب قوة دافعة لتحقيق تقدم ملموس في المجال الطبي. من تأسيسها في 1901 وحتى يومنا هذا، سعت الجائزة إلى تكريم العلماء الذين أسهموا في تحسين فهمنا للأمراض وعلاجها، ومنحت البشرية الأمل في حياة أطول وأكثر صحة.