شهدت السنوات الأخيرة تطوراً هائلاً في مجال الذكاء الاصطناعي، الذي بات يُستخدم على نطاق واسع في مختلف القطاعات من قبل الشركات والأفراد على حد سواء.
وكما هو الحال مع أي تقنية مبتكرة، يجب موازنة الفوائد الكبيرة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي مع المخاطر المحتملة التي قد تترتب على استخدامه، إلا أن البعض يظل متشككاً في إمكانية تحقيق هذه الموازنة، فالخطر الذي يطرحه الذكاء الاصطناعي يتجاوز بكثير ما تحمله تقنيات أخرى، إذ قد يصل إلى أن يصبح أذكى من البشر الذين قاموا بتطويره.
وحتى الآن، لم يحدث هذا السيناريو، ولكن الذكاء الاصطناعي كان محوراً للعديد من الخلافات على مر السنين، ومع استمرار تطور هذه التكنولوجيا، من المتوقع أن تستمر الخلافات المرتبطة بها، وفيما يلي، نستعرض 5 من أبرز وأغرب القضايا التي تثير جدلاً واسعاً حول الذكاء الاصطناعي حتى اليوم.
مضر بالصحة
على الرغم من الحماس الكبير الذي أبداه مؤسسو الذكاء الاصطناعي حول كيفية تشكيل هذه التكنولوجيا للمستقبل وتحقيق العديد من الفوائد للبشرية، فإن الأدلة حتى الآن لا تعكس تفاؤلاً كاملاً.
أظهرت دراسة نُشرت في فبراير 2024، وشملت أكثر من 6000 شخص، أن أولئك الذين تعرضوا بشكل أكبر للتكنولوجيا، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، كانت صحتهم ورفاهيتهم أسوأ.
ويتماشى هذا الاتجاه مع دراسات سابقة تشير إلى أن الشعور بعدم الأمان الوظيفي وفقدان الاستقلالية قد يكون من الأسباب المحتملة لهذه النتائج السلبية، ومع ذلك، قد يكون هناك أمل في المستقبل، حيث قد تجد تقنيات الذكاء الاصطناعي طرقًا أكثر تكيفًا مع حياة البشر.
ومن المثير للاهتمام، أن نفس الدراسة أظهرت أن التقنيات القديمة مثل أجهزة الكمبيوتر المحمولة والرسائل الفورية كان لها تأثير إيجابي على الرفاهية، مما يشير إلى أن تأثير التكنولوجيا يعتمد بشكل كبير على كيفية تصميمها واستخدامها.
التفاوت العنصري
تُعد تقنية التعرف على الوجه واحدة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تم اعتمادها في العديد من البلدان، وبينما تطورت هذه التكنولوجيا بشكل ملحوظ منذ عام 2010، لا تزال تواجه مشكلة واضحة تتعلق بالتفاوت العنصري.
أظهرت الأبحاث أن معدل الخطأ في التعرف على الوجوه السوداء أعلى بكثير من الوجوه البيضاء، حيث قد يصل معدل الخطأ إلى 10 أضعاف.
وقد أثار هذا التفاوت مخاوف كبيرة من أن تؤدي هذه التقنية إلى تفاقم العنصرية في المجتمع، ونتيجة لذلك، حظرت بعض المدن، مثل سان فرانسيسكو، استخدام التعرف على الوجه في التطبيقات الحكومية.
التوظيف والفصل
هناك قلق متزايد بين الناس حول فقدان وظائفهم لصالح الذكاء الاصطناعي، ومع أنه لم يتمكن بعد من استبدال البشر بالكامل في معظم الوظائف، إلا أنه قادر على استبدال بعضهم بآخرين.
وفي هذا السياق اتُهمت شركة أمازون، باستخدام نظام آلي لمراقبة أداء العمال وإصدار تحذيرات وحتى طردهم إذا لم يحققوا الأهداف المطلوبة، وأثار هذا النظام القلق بين الموظفين الذين يشعرون بأنهم يعملون تحت ضغط آلي لا يراعي الظروف الإنسانية، وتُظهِر الوثائق أن أحد مستودعات أمازون طرد حوالي 10% من قوته العاملة بدوام كامل لأسباب تتعلق بالإنتاجية بين عامي 2017 و2018.
وعلى الرغم من دفاع أمازون عن نفسها بأنها توفر برامج تدريب وتتيح فرصة للاستئناف، يظل الانتقاد مستمرًا بسبب تأثير هذه التكنولوجيا على حقوق العمال.
الهلوسة أو التضليل
أحد التحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي هو اعتماده على الإنترنت لتدريب نفسه، وعلى الرغم من قدرته الكبيرة على استرجاع المعلومات بسرعة، إلا أنه قد ينقل أحيانًا معلومات غير صحيحة أو حتى مختلقة.
واكتشفت محامية كندية في حالة شهيرة عام 2024، أن ChatGPT اخترع قضايا قانونية لم تكن موجودة في الواقع، مما عرضها لموقف قانوني صعب في المحكمة، وعلى الرغم من أن القاضي تعامل مع الأمر بحسن نية، فقد حذر من أن مثل هذه الأخطاء قد تؤدي إلى انتهاك العدالة في المستقبل.
سرقة حقوق الطبع والنشر
تتطلب عملية “التدريب” التي يخضع لها الذكاء الاصطناعي مواد تعليمية مثل النصوص والصور، مما يثير تساؤلات حول حقوق الطبع والنشر، فمن الممكن أن يقوم الذكاء الاصطناعي بإعادة إنتاج محتوى كامل دون تعديل أو تغييره بأسلوب مختلف، مما يثير قلق المبدعين والمؤلفين حول سرقة أعمالهم.
وعلى الرغم من وجود قوانين حماية حقوق الطبع والنشر، فإن بعض شركات الذكاء الاصطناعي تدعي أن استخدام المواد المتاحة على الإنترنت يعد “استخدامًا عادلًا”.
المصدر: