سياسة أحداث جارية

“تغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط”.. خطوة قد تكلف إسرائيل الكثير!

"تغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط".. خطوة قد تكلف إسرائيل الكثير!

في أعقاب اغتيال الأمين العام لحزب الله، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن ما حدث خطوة باتجاه تغيير ميزان القوى في المنطقة خلال السنوات المقبلة.

ومنذ أن انضم حزب الله إلى القتال الذي بدأ بين الاحتلال وحماس في 7 أكتوبر الماضي، شنت القوات الإسرائيلية هجمات عدة على معاقل الجماعة اللبنانية في جنوب لبنان.

وأسفرت تلك الهجمات عن اغتيال عدة قادة من بينهم إبراهيم عقيل إلى جانب عدد آخر من المدنيين، واستمرت آلة الاغتيالات بحق كبار قادة حزب الله وصولًا إلى حسن نصر الله.

وربما يرى نتنياهو أن الفرصة باتت سانحة لتشكيل القوى في الشرق الأوسط من البداية، باعتبار أن حزب الله يعاني حالة بعد ضربة قاتلة، ولكن الواقع يختلف عن الأحلام.

فعلى مدار التاريخ الحديث، تلقن قادة إسرائيل من أصحاب الطموحات المبالغ فيها من خلال التغييرات في لبنان والشرق الأوسط بشكل عام، دروسًا صعبة كان عليهم الاستفادة منها.

"تغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط".. خطوة قد تكلف إسرائيل الكثير!
يستخدم عمال الطوارئ الحفارات لإزالة الأنقاض في موقع الغارة الإسرائيلية التي وقعت يوم الجمعة في الضاحية الجنوبية لبيروت في لبنان يوم الاثنين 23 سبتمبر.

غزو لبنان

كان لدى دولة الاحتلال عدة أهداف سياسية واستراتيجية دفعتها لغزو لبنان في 1982، ومن بين تلك الآمال كان القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية وإقامة حكومة ذات أغلبية مسيحية في بيروت وطرد القوات السورية من البلاد.

ولم تتمكن إسرائيل من تحقيق أي هدف من الثلاثة، على الرغم من أن منظمة التحرير الفلسطينية غادرت لبنان بالفعل، ولكن كان ذلك من خلال اتفاقية توسطت فيه الولايات المتحدة.

ولكن هدف سحق التطلعات الوطنية الفلسطينية إلى جانب منظمة التحرير الفلسطينية فشل. وبعد خمس سنوات اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الأولى في غزة وانتشرت إلى الضفة الغربية.

وفي الوقت الحالي، باتت القضية الفلسطينية أكثر رسوخًا، وأصبح الفلسطينيون أكثر ثباتًا في رفضهم الاحتلال الإسرائيلي.

ولادة حزب الله

خلال الغزو الإسرائيلي للبنان، كان هناك حليفًا للاحتلال وهو بشير الجميل، وهو زعيم ميليشيا مسيحية مارونية انتخبه البرلمان، ولكن قبل توليه منصبه اغتيل في انفجار ضخم في شرق بيروت.

وتولى أمين شقيق بشير منصبه، وعمل على تسهيل توقيع اتفاقية تطبيع بين إسرائيل ولبنان في عام 1983 بوساطة أمريكية.

ولكن هذه الاتفاقية قوبلت برفض شديد من المعارضين اللبنانيين، ما أدى إلى إلغائها على الفور.

وفي هذا التوقيت، كانت القوات الأمريكية المنتشرة في أعقاب مذبحة صبرا وشاتيلا في 1982 انسحبت بعد قصف سفارتها مرتين، وكذلك قوات مشاة البحرية الأمريكية وثكنات الجيش الفرنسي.

واندلعت الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت لمدة 6 سنوات متواصلة.

والقوات السورية التي دخلت لبنان عام 1976 كـ”قوة ردع” بموجب تفويض من جامعة الدول العربية، لم تغادر البلاد إلا عام 2005 بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.

ومن رحم هذه الأجواء السياسية الصعبة، وُلد حزب الله الذي بدأ حربًا لا هوادة فيها أجبرت القوات الإسرائيلية على مغادرة جانب واحد من لبنان.

وكان حزب الله هو الجماعة المسلحة العربية الأولى التي تجبر إسرائيل على الانسحاب من أراض عربية.

ومن هنا اكتسبت الجماعة اللبنانية – بمساعدة إيران – قوة، وأثبتت أنها أكثر فتكًا من المسلحين الفلسطينيين الذين تم طردهم من قبل.

وكانت أبرز نقطة مواجهة بين حزب الله وإسرائيل هي حرب 2006، وخلال السنوات التالية اكتسبت الجماعة المزيد من القوة والتأثير.

هل كتب اغتيال نصر الله نهاية حزب الله؟
قد يكون من الصعب القول بإن نهاية حزب الله كانت باغتيال نصر الله

هل يمكن أن تعوّل إسرائيل على جراح حزب الله؟

بالنظر للوضع الحالي فهناك فوضى تسيطر على حزب الله بعد مقتل أمينه العام، وبات من الواضح أن الجماعة مخترقة من جانب الاستخبارات الإسرائيلية.

ولكن بالعودة للماضي سنجد أنه من الصعب الحكم على حزب الله بأن هذه النهاية، والتي ستمكّن إسرائيل من تغيير قواعد اللعب في المنطقة.

وبعيدًا عن لبنان وإسرائيل، فقد يكون الغزو الأمريكي للعراق في 2003 أبرز دليل على أن الغرور والغطرسة لن تساعد في تشكيل توازنات المنطقة.

فمع انهيار الجيش العراقي واندفاع القوات الأميركية إلى بغداد، كانت إدارة جورج دبليو بوش تتخيل أن سقوط صدام حسين من شأنه أن يؤدي إلى الإطاحة بالأنظمة في طهران ودمشق، وإشعال شرارة ازدهار الديمقراطيات الليبرالية في مختلف أنحاء المنطقة.

ولكن تفاجأ الجميع أن الغزة أصبح محركًا للعنف الطائفي، وكلف الأمر الولايات المتحدة الكثير من الدماء والأموال، كما دفع الشعب العراقي ثمنًا كبيرًا.

وفتح مقتل صدام حسين الباب للجانب الإيراني بالتواجد في قلب المؤسسة السياسية في بغداد، وكان الطريق ممهد لميلاد تنظيم القاعدة الذي مزقه الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لأفغانستان.

ولكن الأمر أيضًا لم ينته بتنظيم القاعدة عند هذا الحد، بل تحول إلى تنظيم الدولة الإٍسلامية الذي ينتشر حاليًا في سوريا والعراق.

ولذلك فقد تكون الطموحات الإسرائيلية بشأن المنطقة مجرد أحلام، والدليل على ذلك كلمات وزيرة الخارجية الأمريكية، كوندوليزا رايس، في عام 2006، عندما قالت إن سفك الدماء والدمار ما هو إلا مخاص لميلاد شرق أوسط جديد.

المصدر: CNN