تواصل إيران تأكيدها على الوقوف إلى جانب لبنان وفصائل المقاومة هناك في فلسطين، ولكنها هذا الدعم يبقى كلاميًا، إذ لم تنفذ تهديداتها بالانتقام لاغتيال زعيم المكتب السياسي السابق لحركة حماس، إسماعيل هنية، في عاصمتها، ويرى محللون أنها ستقف مكتوفة الأيدي أيضًا أمام مقتل الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله.
جولة في عقلية صانع القرار الإيراني
أشار محمد محسن أبو النور، الخبير في الشأن الإيراني، في تحليل يرصد توقعات موقف الإدارة في طهران من تطورات الأوضاع في المنطقة، أن البلاد كانت تشعر بالأمان على برنامج النووي من أي عدوان للاحتلال فيما مضى.
وأوضح “أبو النور” أن هذا الاعتقاد كان يعود إلى أن أغلب أغلب المفاعلات الأساسية وأجهزة الطرد المركزية فائقة التطور أسفل منحدرات جبلية تحت الأرض بنحو 80 مترًا.
وقال “أبو النور” إن “دخول قنابل مارك 84 إلى ساحات الصراع ربما يغير من طبيعة التفكير الإستراتيجي لصانع القرار في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني”.
ولفت الخبير في الشأن الإيراني أن اغتيال حسن نصر الله تم باستخدام جيش الاحتلال نحو 85 قنبلة خارقة للتحصينات من طراز “مارك 84” تزن الواحدة منها طنًا كاملًا تقريبًا.
ونقل عن تقارير صحفية متطابقة ذكرها أن الاحتلال تمكن من اغتيال نصر الله رغم أنه كان يجلس في مقر قيادة حزب الله على عمق نحو 60 مترًا تحت الأرض.
وقال محسن أبو النور إن إيران باتت تدرك أن مثل هذه القنابل يمكنها الوصول إلى قلب المنشآت النووية الإيرانية التي لطالما اعتقدت طهران أنها عصية على الاستهداف، إلا باحتلال ميداني وغزو بري لأراضيها.
وأضاف: “على هذا المنوال ربما يدرك صانع القرار في إيران أن العدوان الإسرائيلي الراهن في لبنان واغتيال حسن نصر الله هدفه استدراج طهران إلى الحرب وبالتالي خلق الظروف المواتية لشن هجمات على درة المشروع الإيراني وهو البرنامج النووي الذي قاب قوسين أو أدنى من الاكتمال”.
وتابع: “من المستبعد وفق هذه المعطيات أن تتخذ إيران قرار الشروع في الحرب أو حتى إرسال متطوعين إلى الأراضي اللبنانية بحسب ما أعلنه آية الله محمد حسن أختري، نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون الدولية، كما سبق وفعلت في العام 1981”.
وبيّن “أبو النور” أن هذا النهج من التفكير يستمد منطقيته وفق المنظور الإيراني من أنه سيترتب عليه توسيع نطاق المعركة وجر الولايات المتحدة الأمريكية الحتمي إلى الصراع، وبالتالي تعريض رأس المال السياسي والاقتصادي والعلمي الذي أنفقته إيران على ذلك المشروع النووي في 70 عامًا إلى الخطر المؤكد.
وقال إن “طهران تدرك في الظرف الراهن حقيقة الفارق التكنولوجي الهائل بين خندقين تقبع هي في أحدهما حاملة المدافع والأبواق وتنظر إلى جثوم الطرف الآخر على وجهه في أعماقه”.
وأشار أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان “لا يريد أن يُكتب في سيرته الذاتية وفي تاريخ إيران المعاصر أنه عرَّض بلاده إلى خطر تدمير البنية التحية بفعل السلاح الأمريكي”.
المصادر: