في حين أن كلا من إسرائيل وحزب الله لديهما ما يكفي من الأسباب لقبول الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أنهما سيوافقان على تلك الخطوة.
وتصاعد الصراع بوتيرة سريعة بين الجانبين مؤخرًا، في ظل المناوشات بين جيش الاحتلال ومقاتلي حزب الله المستمرة منذ عام في المناطق الحدودية بين الأراضي المحتلة وجنوب لبنان.
وخلال الأسابيع الأخيرة شنت قوات الاحتلال هجمات متتالية على جنوب لبنان، إذ فخخت أجهزة النداء الخاصة بالجماعة ما أدى إلى مقتل 39 شخصًا وإصابة مئات آخرين.
كما أدت الغارات الجوية الإسرائيلية إلى مقتل اثنين من كبار القادة في بيروت في أقل من أسبوع، كما قصفت الطائرات الحربية ما تقول إسرائيل إنها مواقع لحزب الله في أجزاء كبيرة من لبنان، مما أسفر عن مقتل أكثر من 600 شخص.
وبتقييم الأوضاع يتضح أن إسرائيل تمتلك القوة العسكرية الأقوى في صراعها مع حزب الله، وهذا يجعل فكرة تنازلها غير واردة.
ولكن في نفس الوقت فإنه بدون تنازل لن تتمكن إسرائيل من وقف هجمات حزب الله بالصواريخ والطائرات المسيرة، بخلاف أن تهديدها بغزو بري للبنان يحمل الكثير من المخاطر.
قدرات حزب الله
يقول مراسل الشؤون العسكرية يوسي يهوشوا في صحيفة يديعوت أحرونوت، أكبر صحيفة يومية في إسرائيل، في مقال له، إن حزب الله لم يستخدم حتى الآن سوى 10% فقط من قدراته العسكرية.
ولذلك يتوقع يهوشوا أن الأوضاع لا زالت معقدة وقابلة للاشتعال في أي وقت، بخلاف أن أي اتفاق يتطلب تنازلات من الطرفين.
وحتى الآن أسفر الصراع بين إسرائيل وحزب الله الذي اندلع منذ 8 أكتوبر الماضي في أعقاب العدوان الإسرائيلي على غزة، عن مقتل العشرات من الإسرائيليين ونحو ألف شخص في لبنان، فضلا عن نزوح الآلاف على جانبي الحدود.
وتُعد جماعة حزب الله وحركة حماس حليفان لإيران، وتقول الجماعة المسلحة اللبنانية إنها تتصرف تضامنًا مع الفلسطينيين.
ووعد حزب الله بوقف هجماته حال التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق للنار في غزة، ولكن حتى الآن لم تسفر المفاوضات المستمرة منذ أشهر بوساطة القاهرة وواشنطن والدوحة عن أي اتفاق.
تعنت الطرفين
وربما تُبدي حماس تعنتًا أكبر في إبداء مرونة لوقف إطلاق النار إذا ما شعرت أن حزب الله وإيران قد يشاركان في حرب أوسع نطاقًا ضد إسرائيل.
ويرى حزب الله أن وقف إطلاق الصواريخ دون التوصل لاتفاق واضح بشأن الفلسطينيين في غزة يُعد نوعًا من التراخي أو الاستسلام للضغوط الإسرائيلية، بعد الخسائر التي تكبدها الحب في الفترة الأخيرة.
أما من ناحية إسرائيل، فستكون الموافقة على وقف إطلاق النار في غزة أمرًا صعبًا، وربما يعتبره البعض بأنه مكافأة على هجمات حزب الله الصاروخية على شمال الأراضي المحتلة.
وقد يكون التوصل إلى اتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار أو ما يُعرف بالهدنة هو أيضًا غير مثرضي للطرفين، خصوصًا وأن المستوطنين الإسرائيليين لن يعودوا إلى مستوطناتهم في شمال الأراضي المحتلة إذا علموا أن الأمر مؤقت.
كان قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي أنهى حرب عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله، دعا إلى انسحاب المسلحين إلى الشمال من نهر الليطاني، على بعد حوالي 30 كيلومترا (18 ميلا) من الحدود، وأن تقوم القوات اللبنانية وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بدوريات في المنطقة الواقعة بينهما.
ولكن إسرائيل ترى أن هذا البند لم يتم تنفيذه قط، وقد تطلب ضمانات من أجل ذلك، بخلاف أن القوة العسكرية لحزب الله تفوق القوات المسلحة النظامية اللبنانية وقوات الأمم المتحدة، ولا يستطيع أي منهما فرض أي اتفاق بالقوة.
المصدر: AP