تتصاعد التوترات بين إسرائيل وحزب الله على الحدود اللبنانية بشكل غير مسبوق، مع تكثيف العمليات العسكرية الإسرائيلية والتهديدات باجتياح بري محتمل. هذه التطورات تأتي في وقت حساس للغاية، ما يثير تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذا التصعيد.. وإمكانية تحوله إلى مواجهة واسعة النطاق.
تصاعد العمليات العسكرية
شهدت الأيام الأخيرة سلسلة من الضربات الجوية الإسرائيلية على مواقع تابعة لحزب الله في لبنان. قائد الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، أشار في تصريحاته إلى أن هذه الهجمات تأتي في إطار “تحضير الأرضية”.. لاحتمال دخول القوات البرية إلى لبنان. وأضاف أن الهدف من الضربات هو “إضعاف قدرات حزب الله”.. والحد من تهديداته لإسرائيل.
الخيار البري مطروح
هذا التصعيد العسكري يأتي بعد أن أعلن الجيش الإسرائيلي استدعاء وحدتين من قوات الاحتياط لتنفيذ “مهام عملياتية” على الجبهة الشمالية. ولم يصدر حتى الآن تأكيد رسمي من الحكومة الإسرائيلية حول نية دخول القوات البرية إلى الأراضي اللبنانية، لكن التصريحات العسكرية المتكررة تشير إلى أن هذا الخيار مطروح بقوة على طاولة النقاش.
الوضع الإنساني في لبنان
الضربات الجوية الإسرائيلية أسفرت عن مقتل أكثر من 50 شخصًا وإصابة 223 آخرين، بحسب تصريحات وزير الصحة اللبناني فراس أبيض. وقد استهدفت الهجمات مناطق متعددة في جنوب لبنان وجبال الشوف وشمال البقاع. هذه الأوضاع دفعت بمزيد من اللبنانيين إلى النزوح، حيث أعلنت الأمم المتحدة أن 90,000 شخص أُجبروا على مغادرة منازلهم في الأيام الأخيرة، ما يزيد من معاناة البلاد التي تواجه بالفعل أزمة اقتصادية خانقة.
الجهود الدبلوماسية لتهدئة الأوضاع
في ظل هذا التصعيد، تسارعت الجهود الدولية لاحتواء الأزمة. فرنسا والولايات المتحدة اقترحتا وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار لمدة 21 يومًا، بهدف تمهيد الطريق لمفاوضات قد تسهم في تهدئة التوترات. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد.. خلال لقاءه مع الرئيس الأمريكي جو بايدن في الأمم المتحدة، على ضرورة وقف التصعيد من جميع الأطراف.. وتجنب الحرب في لبنان.
موقف حزب الله والرد الإسرائيلي
في المقابل، أكد حزب الله أنه يواصل هجماته على إسرائيل دعمًا لحركة حماس، وأنه لن يتوقف عن ذلك حتى يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة. هذا الموقف يجعل من الصعب التوصل إلى تهدئة، خاصة في ظل إصرار إسرائيل على ما تصفه بـ “الدفاع عن أمنها القومي”.
الهجمات المتبادلة بين الجانبين أسفرت عن تدمير مواقع في لبنان وإصابة مدنيين في إسرائيل. على الجانب الآخر أشار الجيش الإسرائيلي إلى أن منظومة “مقلاع داوود” الدفاعية.. اعترضت صواريخ أُطلقت من حزب الله باتجاه تل أبيب، بينما استهدفت إسرائيل -وففًا لمزاعمها- منصات الإطلاق في جنوب لبنان.
السيناريوهات المحتملة
إذا استمرت هذه التطورات، فإن خطر الانزلاق إلى حرب شاملة يزداد يومًا بعد يوم. التصريحات العسكرية الإسرائيلية تشير إلى استعداد الجيش لخوض معركة برية إذا لزم الأمر، وهو ما ينذر بتداعيات إنسانية وسياسية خطيرة في لبنان والمنطقة ككل. على الجانب الآخر، فإن حزب الله، الذي يتمتع بدعم إيراني قوي، قد يواصل هجماته ردًا على أي تصعيد إسرائيلي، مما يجعل من الصعب الوصول إلى تهدئة شاملة.
خاتمة
وسط هذه التطورات، يبقى الوضع في المنطقة على صفيح ساخن، في وقت تحاول فيه الجهود الدولية احتواء التصعيد ومنع اندلاع مواجهة واسعة النطاق. يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح هذه الجهود في تجنب حرب جديدة في لبنان، أم أن الأمور ستخرج عن السيطرة؟ المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لضمان الأمن والاستقرار في منطقة تعاني من أزمات متراكمة.