أحداث جارية سياسة

أركانها قائمة.. هل باتت الحرب العالمية الثالثة وشيكة؟

يعيش العالم حالة غير مسبوقة منذ عقود طويلة من التوترات المرتبطة بالنزاعات المسلحة والخلافات التي قد ترتقي إلى صراعات عنيفة مستقبلًا.

وعلى الرغم من الاتجاه المعلن من قبل المجتمع الدولي نحو وقف التصعيد في البؤر الساخنة ومنع نشوب صراعات أوسع، يزداد عدد الحروب وتبعاتها بوتيرة سريعة، قد تؤدي في النهاية إلى الوضع الذي كان عليه العالم منتصف القرن الماضي.

روسيا تنسف نظرية الاستقرار الأوروبي

روّج الغرب إلى أنه يعيش حالة من الاستقرار والتفاهم لعقود طويلة، بينما “غير الديمقراطيات” هي ما تعاني الصراعات والخلافات، ولكن روسيا أحبطت هذه الرواية.

كانت العلاقات بين روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة وأوروبا أيضًا متوترة منذ عام 2014.

في ذلك العام، لم تكتف روسيا بضم شبه جزيرة القرم، التي هي أرض أوكرانية، بل دعمت أيضا حركة انفصالية في دونباس، في شرق أوكرانيا.

منذ اندلاع الحرب في عام 2014، أصبحت المنطقتان الانفصاليتان في دونباس أكثر اندماجا في السيطرة الروسية.

وفي منتصف فبراير 2022، وقع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين على أوامر أصدرها لقواته بتنفيذ “مهام حفظ سلام” في المنطقة، مما أشعل حربًا بين البلدين.

اعتبر حلف شمال الأطلسي الذي تعد الولايات المتحدة العضو الأقوى والأكثر فعالية فيه العمليات العسكرية الروسية بمثابة غزو واعتداء على سيادة أوكرانيا.

دعمت أمريكا وأوروبا أوكرانيا عبر فرض عقوبات على روسيا وتقديم السلاح للإدارة في كييف.

وشهدت الأسابيع الأخيرة تطورًا خطيرًا، حيث ناقشت الولايات المتحدة ودول أوروبية التصريح لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكنها ضرب العمق الروسي، بعد منح الجيش الأوكراني طائرات هجومية متطورة.

وحذر “بوتين” من أن بلاده قد تعتبر هذه الخطوة مبررًا لها لاعتبار نفسها في حرب مع الدول المؤيدة لأوكرانيا، بالتزامن مع تصريحات مع تعديل قواعد استخدام الأسلحة النووية الروسية.

الحرب الروسية الأوكرانية

غزة.. جرح لا يندمل

استيقظ العالم في السابع من أكتوبر من عام 2023 على عمل عسكري غير مسبوق، حيث اقتحم عناصر المقاومة في غزة التابعين لحماس وفصائل أخرى الجدار الشرقي للقطاع، وقضوا على كتيبة لجيش الاحتلال، وأسروا المئات من المستوطنين.

أطلقت المقاومة على العملية اسم “طوفان الأقصى” وقالت إن فعلها يأتي ردًا على استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين وخطط الاحتلال تجاه المسجد الأقصى.

استندت إسرائيل إلى رواية – تم تكذيبها لاحقًا – تقوم على أن المقاومين قطعوا رؤوس أطفال واغتصبوا نساء خلال اقتحامهم مستوطنات الغلاف؛ لتبرير الرد الوحشي.

منذ نحو عام، يستمر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث يعمد جيش الاحتلال إلى هدم البنية التحتية ووقف الخدمات الطبية وتهجير المواطنين، تحت ستار هدف معلن يتلخص في “القضاء على حماس”.

خلال هذا العام، تجاوزت أعداد الضحايا من الفلسطينيين في قطاع غزة 40 ألفًا، معظمهم من النساء والأطفال، فيما تم شلّ معظم القطاعات الخدمية بالمدينة المحاصرة.

وتزعم الولايات المتحدة، أنها ترغب في وقف الصراع، ولكنها تمد الاحتلال بالسلاح، وتفشل في إقناعه أو إرغامه بقبول صفقة لوقف الحرب، حتى وإن كانت بناءً على مقترحات تقدم بها مسؤولو البيت الأبيض أنفسهم.

وتقول الإدارة في واشنطن إنها لا تريد السماح بتوسع الصراع إلى حرب إقليمية؛ لكنها تستجلب عداءً متزايدًا في المنطقة، مع وجود جبهات إسناد لغزة تأبى وقف نشاطها قبل توقف العدوان على القطاع.

حرب غزة

الكرّة تعاد في لبنان

ظلت الأوضاع في جنوب لبنان وشمال الأراضي المحتلة أقرب إلى الاستقرار لمدة طويلة، بين الحرب بين حزب الله والكيان المحتل في 2006.

وبعد بدء العدوان على غزة في أكتوبر الماضي، بدأ حزب الله نشاطه لإسناد المقاومة في القطاع، عبر فتح جبهة مع الاحتلال على الحدود الشمالية للأراضي المحتلة.

خلال 11 شهرًا، كانت المواجهة بين الطرفين متصاعدة بوتيرة بطيئة للغاية، وفي حدود قواعد اشتباك لا يتخطاها أي منهما لمنع نشوب صراع أكبر.

وفي سبتمبر الجاري، اتخذ الاحتلال خطوات نحو التصعيد، ففجر آلاف أجهزة الاتصال اللاسلكية لعناصر حزب الله في وقت متزامن، مما تسبب بإصابة الآلاف ومقتل العشرات، بينهم مدنيين.

ونفذ الاحتلال ضربة جوية في بيروت تسببت في مقتل قادة بقوة الرضوان -الأكثر عتادًا وتدريبًا في الجماعة-، ثم قصفت مواقع الصواريخ وبلدات في جنوب لبنان.

تسببت الضربات بوفاة مئات اللبنانيين من المدنيين، أغلبهم من النساء والأطفال أيضًا، وهو ما دفع حزب الله لتكثيف ضرباته الصاروخية وزيادة مداها.

ويقول حزب الله إنه لن يلتزم بسقف للرد، فيما يهدد قادة الاحتلال بالاجتياح البري للأراضي اللبنانية لوقف خطر الجماعة اللبنانية.

عناصر حزب الله

تايوان تزيد التوترات بين أكبر قوتين في العالم

تخضع تايوان لحكم مستقل عن الصين منذ عام 1949، لكن بكين تعتبر الجزيرة جزءًا من أراضيها، وتعهدت بإعادتها لسلطتها باستخدام القوة إذا لزم الأمر.

تزعم بكين أن تايوان، التي تفصلها عن البر الرئيسي للصين مضيق يمثّل جزءًا من بحر الصين الجنوبي، ملزمة بتفاهم يُعرف باسم إجماع عام 1992 ، والذي تم التوصل إليه بين ممثلي الحزب الشيوعي الصيني وحزب الكومينتانغ الذي حكم تايوان آنذاك.

بالنسبة لجمهورية الصين الشعبية، كما ذكر الرئيس الصيني شي جين بينج، فإن إجماع عام 1992 يعكس اتفاقًا على أن “جانبي المضيق ينتميان إلى صين واحدة وسيعملان معًا للسعي إلى إعادة التوحيد الوطني”.

توترت العلاقات بين البلدين في 2016، بعد أن رفض الحزب الحاكم في تايوان الصيغة التي تتعامل بها الصين مع هونغ كونغ “دولة واحدة ونظامان”.

وتتداخل الولايات المتحدة في الأزمة، إذ تقول إنها ترفض استخدام القوة لتسوية النزاع، وتلتزم ببيع الأسلحة لتايوان بدعوى تمكينها من الدفاع عن نفسها.

تزعم الصين أن الولايات المتحدة تحاول تأجيج الأزمة مع تايوان؛ لأهمية الأخيرة الاستراتيجية، كونها أكبر منتج للشرائح الإلكترونية في العالم.

واتهم مسؤولون صينيون الولايات المتحدة باستخدام تايوان كأداة لتقويض الصعود الصيني العالمي.

ويخشى محللون أمريكيون أن تأكيد الصين على قوتها، فضلاً عن تدهور العلاقات عبر المضيق، من شأنه أن يشعل فتيل صراع.

ومن الممكن أن يؤدي مثل هذا الصراع إلى مواجهة بين الولايات المتحدة والصين، وذلك لأن الصين لم تستبعد استخدام القوة لتحقيق “إعادة توحيد” تايوان، كما لم تستبعد الولايات المتحدة الدفاع عن تايوان إذا هاجمتها الصين.

بحر الصين الجنوبي

نزاع أفريقي مركّب

تتكشّف ملامح صراع واسع في منطقة القرن الأفريقي، حيث تسعى “أرض الصومال” للانفصال عن الصومال، ونيل عضوية الأمم المتحدة كدولة مستقلة.

ولا يقف الأمر عند حد المطالب الانفصالية لأرض الصومال، بل يسلط الضوء على نزاع أكبر بين مصر وإثيوبيا.

تدهورت العلاقات بين البلدين الأفريقيين منذ عام 2011 بسبب بناء إثيوبيا وملء سد النهضة على النيل الأزرق، وهو المشروع الذي تعتبره مصر تهديدًا كبيرًا لأمنها المائي والغذائي.

في 27 أغسطس الماضي، أرسلت مصر طائرتين عسكريتين من طراز “سي-130” محملتين بالأسلحة والذخيرة إلى العاصمة الصومالية مقديشو.

أثارت هذه الخطوة حفيظة أديس أبابا وحذر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، من أن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي بينما تتخذ جهات فاعلة أخرى تدابير “لزعزعة استقرار المنطقة”.

ووقعت القاهرة في 24 أغسطس اتفاقية دفاع مع مقديشو، ترسل مصر بموجبها قوات وأسلحة وذخيرة إلى الصومال.

وأثار تقارب مصر مع الصومال قلق أديس أبابا، التي تختلف مع مقديشو بشأن اتفاقية بحرية أبرمتها إثيوبيا مع منطقة ​​أرض الصومال، في يناير.

تمنح الاتفاقية إثيوبيا غير الساحلية حق الوصول إلى ميناء بربرة على الساحل الجنوبي لخليج عدن لأغراض تجارية وتؤجر 20 كيلومترًا من ساحلها لمدة خمسين عامًا لإثيوبيا لإنشاء قاعدة بحرية.

تأمل سلطات أرض الصومال أنه في مقابل استخدام ميناءها، ستعترف إثيوبيا بأرض الصومال كدولة مستقلة، وبالتالي تصبح أول دولة عضو في الأمم المتحدة.

ويستدعي إبرام اتفاقية الموانئ بين إثيوبيا وأرض الصومال حفيظة مصر؛ لأنها ستعزز نفو أديس أبابا في منطقة القرن الأفريقي، وتمنحها إمكانية الوصول إلى البحر الأحمر، وهو ما يشكل تهديدًا للأمن القومي المصري.

وبعد أن استنفدت القاهرة جميع السبل في جهودها لثني إثيوبيا عن ملء السد من جانب واحد، والذي تعتبره تهديدًا وجوديًا، تحاول مصر الضغط على أحد بلاد المنبع للحفاظ على حقها في المياه، وهو ما قد يتحول إلى صراع واسع.

يشبه الوضع الحالي ما كان عليه الأمر قبل الحرب العالمية الثانية، فبؤر الصراع كثيرة ومتفرقة حول العالم، ومواقف القوى العظمى منها متناقضة، فهل تجتمع هذه الخيوط لصالح اندلاع حرب عالمية ثالثة؟

المصادر:

موقع nytimes

موقع opendemocracy

موقع bbc

موقع apnews

موقع newlinesmag

موقع atlanticcouncil