ثقافة

قصر المصمك.. مُنطلق رحلة توحيد السعودية

ارتبط قصر المصمك، الواقع في قلب العاصمة الرياض، بالذاكرة الوطنية للمملكة، نظرًا لبنائه العريق، وتاريخه الشاهد على رحلة توحيد البلاد.

تاريخ قصر المصمك

تعود قصة بناء قصر المصمك إلى عهد الإمام عبدالله بن فيصل بن تركي آل سعود، الذي شرع في تشييده عام 1282 هجريًا، الموافق 1865 ميلاديًا؛ ليكون القصر الكبير في الرياض.

ويولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، قصر المصمك عناية كبيرة، منذ أن كان أميرًا للرياض لمدة تتجاوز 5 عقود، نظرًا للأهمية التاريخية والدور البارز له في مسيرة توحيد الدولة.

ويحرص خادم الحرمين الشريفين على زيارة القصر وتفقده والتجول في أرجائه؛ تأكيدًا على قيمته الكبيرة كونه أحد أبرز معالم المملكة السياسية والتاريخية والاجتماعية.

وفي عام 1399 وضعت أمانة مدينة الرياض خطة ترميم شاملة للحصن، وأجريت له إصلاحات عامة من الداخل والخارج اكتملت عام 1403.

ووجه الملك سلمان بن عبدالعزيز  حين كان أميرًا لمنطقة الرياض آنذاك، بتحويل المصمك إلى متحف متخصّص عن مراحل توحيد وتأسيس المملكة، ليتم افتتاحه عام 1416.

وخلال زيارته متحف المصمك التاريخي بالرياض عام 2012، واطلاعه على العروض المتحفية قال الملك سلمان: “من هذا المكان بدأ توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز ورجاله الذين لا يتجاوز عددهم الـ63 فردًا، فتمت الوحدة، ولله الحمد على كتاب الله وسنة رسوله”.

بناء عريق

وفقًا لدارة الملك عبدالعزيز، أُطلق على القصر اسم “المصمك” نسبة لمواصفات بنائه السميكة والمرتفعة.

يحاط القصر بسور طيني يبلغ ارتفاعه 20 قدمًا، وله تسع بوابات هي: الثميري، والسويلم، ودخنة، والمذبح، والشميسي، والظهيرة، والقري، وعرعير، ومصدة.

ويبرز “المصمك” ببنائه الطيني القديم وسط المباني الحديثة والطرق المعبّدة التي تجاوره، محيطة بأركانه وجدرانه إضاءات بألوان الذهب تعكس للناظر “حينما يدنو النهار”، هيبة حضور القصر الذي وصفه المعماري البريطاني المعروف كريستوفر ألكسندر بأنه “الغموض الممتع” الذي يدفعك إلى المشاهدة ومحاولة الاكتشاف، حيث جمع “المصمك” في تصميمه ما بين الصرح العمراني العريق وتكوين العمارة التقليدية.

وبُني “المصمك” من اللبن والطين الممزوج بالقش، أما الأساس فقد بني من الحجارة، وكسيت جدرانه الخارجية والداخلية بلياسة من الطين، فيما كسيت أعمدته ومداخل أبوابه بطبقة من الجص، واستخدم في تغطية أسقفه خشب جذوع شجر الأثل، والجريد، وسعف النخل المغطى بطبقة من الطين.

ويميز قصر المصمك بوابته الخشبية الرئيسة الواقعة في الجهة الغربية للمبنى على ارتفاع 3.6 أمتار وعرض 2.65 متر، وبسمك 10 سنتيمترات.

ويوجد على البوابة ثلاث عوارض يصل سمك الواحدة منها نحو 25 سنتيمترًا، وفي وسطها فتحة ضيقة تُسمى “الخوخة”، وعند عبور الزائر هذه البوابة لدخول القصر، يلفت نظره في الجهة اليسرى “المسجد” الذي يحتوي على عدة أعمدة طينية سميكة، وفي جدرانه أرفف متعددة للمصاحف، إضافةً إلى محراب مجصّص وفتحات للتهوية في السقف والجدران.

ويضم القصر “الديوانية” التي تقع في مدخله الغربي، محتوية على غرفة مستطيلة الشكل يقف في زاويتها ما يسمى بالوجار “مكان إعداد القهوة”، ويخترق الهواء جهتها الغربية والجنوبية عبر فتحات للتهوية والإنارة، في حين يتوسط فناء القصر من الجهة الشمالية الشرقية “البئر” الذي تُسحب منه المياه عن طريق المحالة المركبة على فوهته بواسطة الدلو، ليمدّ أرجاء “المصمك” بالمياه اللازمة للشرب.

ولقصر المصمك أربعة أبراج مخروطية الشكل، يبلغ ارتفاع الواحدة منها 14 مترًا وفي الوسط يوجد برج يسمى “المربعة” بطول 18 مترًا يطل على القصر من خلال الشرفة العليا، كما يوجد فناء رئيس تحيط به غرفة ذات أعمدة متصلة ببعضها البعض داخليًا، ويوجد بالفناء درج في جهة الشرقية يؤدي إلى الدور الأول من القصر والسطح، علاوة على ثلاث وحدات سكنية الأولى استخدمت لإقامة الحاكم، والثانية كبيت للمال، والثالثة لإقامة الضيوف.

المصادر:

واس