بات شبح الحرب قريبًا من الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله، وهو ما يُثير التساؤل عن مدى قرب اندلاع صراع واضح ومباشر بين الطرفين.
كانت وزير دفاع الاحتلال يوآف غالانت أعلن في تصريحات خلال الساعات الماضية عن مرحلة جديدة من الحرب، والتي جاءت في أعقاب هجوم على أجهزة جماعة حزب الله للنداء متهمة فيه إسرائيل في المقام الأول.
وبعد الحادث الذي تم فيه تفجير نحو 5 آلاف جهاز استدعاء “بيجر” ما أسفر عن مقتل 20 شخصًا وما يزيد عن 4 آلاف مصاب، زادت الأمور تعقيدًا وبات التوصل إلى حل دبلوماسي لإنهاء الصراع مستحيلًا.
وأعلنت إسرائيل أنها ترغب في تغيير الوضع الراهن في شمال الأراضي المحتلة، وهي المنطقة التي تشهد تبادلًا لإطلاق النار عبر الحدود مع حزب الله منذ بداية العدوان على غزة في 8 أكتوبر الماضي.
تحركات إسرائيلية
خلال الأيام الأخيرة، نقل جيش الاحتلال قوات قتالية لتتمركز في منطقة الحدود الشمالية، وبدأت لهجة المسؤولين في التصاعد وأعلنت حكومة الاحتلال أن عشرات من السكان النازحين عادوا إلى منازلهم كهدف رسمي للحرب.
وفي حين أن الطرفين خلال الفترة الماضية حرصًا على تجنب الانخراط في حرب مباشرة وشاملة، إلا أن المناوشات بين إسرائيل وحزب الله كانت مستمرة.
ولكن ما يزيد من صعوبة الأوضاع هو أن أصابع الاتهام جميعها تُشير لتورط إسرائيل في تفخيخ أجهزة النداء التي تسببت في هجوم أمس.
ويقول العميد الإسرائيلي المتقاعد أمير أفيفي، الذي يرأس منتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي، وهو مجموعة من القادة العسكريين السابقين المتشددين، إنه لا يجوز لأي شخص أن يتورط في عم هجومي مثل هذا ولا يتوقع أن تأتي الحرب إليه.
وتساءل أفيفي عن السبب الذي منع إسرائيل من تنفيذ هجوم مثل هذا طول الأشهر الماضية، قائلًا: “لم نكن على استعداد لخوض الحرب، ماذا يحدث الآن؟ إسرائيل مستعدة للحرب”.
ومع تراجع وتيرة القتال في غزة، عززت إسرائيل من قواتها على الحدود مع لبنان وكان أحدثها وصول فرقة عسكرية قوية هذا الأسبوع ساركت في بعض أعنف المعارك في غزة.
وتتخصص الفرقة 98 التي نشرتها إسرائيل في العلميات خلف خطوط العدو، إذ تضم وحدات مشاة المظليين والمدفعية وقوات الكوماندوز المدربة.
وقد أكد نشرهم مسؤول مطلع على الأمر تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة تحركات القوات.
وكان للفرقة دورًا كبيرًا في الحرب على غزة، إذ قامت بعمليات في خان يونس الجنوبية التي تُعتبر معقل حماس.
وأدت هجماتها إلى خسائر في صفوف حماس وأضرار جسيمة، كما دفعت آلاف الفلسطينيين للفرار ومقتل عشرات المدنيين.
وخلال الأسبوع الحالي، أجرى جيش الاحتلال سلسلة من التدريبات على طول الحدود.
وبحسب تصريحات اللواء أوري جوردين، الذي يرأس القيادة الشمالية في إسرائيل، فإن إسرائيل لديها هدف واضح وهو تغيير الواقع الأمني في المنطقة في أقرب وقت.
تصاعد لهجة الخطاب
مع التحركات على الأرض، تعكس تصريحات المسؤولين في جيش الاحتلال لهجة مفادها نفاد الصبر.
يتماشى ذلك مع خطوة عودة النازحين من المستوطنين إلى مستوطناتهم، ليكون أمنهم بمثابة هدف ومسؤولية على عاتق حكومة الاحتلال.
وقال نتنياهو في اجتماع مع كبار مسؤوليه أمس الأربعاء، إنه سيتم عودة النازحين إلى مستوطناتهم.
ووجه نتنياهو رسالة قاسية مماثلة إلى المبعوث الأمريكي الأعلى الذي تم إرساله إلى المنطقة هذا الأسبوع لتهدئة التوترات.
وبحسب مسؤول مطلع على الاجتماع بين نتنياهو والمبعوث عاموس هوشتاين، فإنه أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي إن تصعيد الصراع لن يكون في مصلحة عودة النازحين.
وأضاف أن نتنياهو رد بأنه عودة النازحين لا يمكن أن تحدث إلا مع تغيير أمني شامل في الشمال لحمايتهم.
لا مفر من الحرب!
حتى الآن لا توجد مؤشرات واضحة حول ما إذا كانت ستشن إسرائيل حربًا على جنوب لبنان أم لا.
ويبدو أن الكثير سوف يتوقف على رد حزب الله. ومن المتوقع أن يلقي زعيم الحزب حسن نصر الله خطاباً هامًا اليوم الخميس.
ومن ناحية الرأي العام الإسرئايلي، هناك مؤشرات تقول بإنه يؤيد اتخاذ إجراءات شديدة تجاه حزب الله.
ووفق استطلاع للرأي أُجري في أغسطس الماضي من قبل معهد الديمقراطية الإسرائيلي، وهو مركز أبحاث مقره القدس، أيد 67% من المستجيبين اليهود أن تكثف إسرائيل من ردها ضد حزب الله.
ويشمل هذا 46% من المستجيبين اليهود الذين يعتقدون أن إسرائيل لابد أن تشن هجوماً عميقاً يضرب البنية الأساسية اللبنانية، و21% يسعون إلى رد مكثف يتجنب ضرب البنية الأساسية لحزب الله.
وتتعرض الحكومة الإسرائيلية لضغوط كبير من أجل شن الحرب، وفق الجنرال أفيفي، قائلًا: “إذا لم ينسحب حزب الله من جنوب لبنان، ستكون الحرب وشيكة”.
وأوضح أفيفي أن اندلاع حرب بهذه القوة سينتج عنها دمارًا لكلا الجانبين.
المصدر: AP