أثارت الانفجارات غير المسبوقة التي هزت لبنان، أمس الثلاثاء، التساؤلات حول نقاط ضعف حزب الله وتراجع قدرته على اكتشاف التهديدات.
وخلال الحادث انفجر نحو 5 آلاف جهاز بيجر المخصص للاستدعاء، والذي يستخدمه المقاتلون وعمال الإغاثة وغيرهم.
ويأتي هذا الحادث ليتفوق على سلسلة من الاغتيالات السرية والهجمات الإلكترونية في المنطقة على مدى السنوات الأخيرة في نطاقه وتنفيذه.
وبحسب ما قالته حزب الله، فإن الانفجارات بدأت في تمام الساعة 3:30 مساءً بالتوقيت المحلي، وهو هجوم مستهدف خططت له إسرائيل.
ووفق ما تداولته وسائل إعلام عالمية ومن بينها CNN، فإن إسرائيل وتحديدًا جهاز الموساد هو من يقف وراء تلك التفجيرات اتي أدانتها الحكومة اللبنانية ووصفتها بأنها عدوان إسرائيلي إجرامي.
ولم تصدر أي تصريحات إسرائيلية حول الحادث الذي يأتي كحلقة في سلسلة من الأحداث التي غزتها التوترات بين الطرفين منذ بداية حرب غزة في 7 أكتوبر الماضي.
وقال مصدر أمني لبناني لـCNN إن أجهزة البيجر المخصصة للنداء تعود لشركة تايوانية، ولكن الشركة أكدت أن أجهزة الاستدعاء تم تصنيعها بواسطة موزع أوروبي.
واشترت حزب الله تلك الأجهزة قبل أشهر قليلة، ولكن لا توجد معلومات دقيقة حول التاريخ الدقيق لشراء أجهزة النداء.
حجم الأضرار
أثرت الانفجارات على عدة مناطق في بيروت وخصوصًا الضاحية الجنوبية، وهي منطقة مكتظة بالسكان وتُعتبر معقلًا لحزب الله.
وأظهرت لقطات تم تصويرها للمتسوقين والمارة وهم ينهارون في الشارع بعد الانفجارات، وكشفت أيضًا عن جرحى مصابين بجروح عديدة في الجسد، وفقدان في الأًابع والأطراف وتضرر بالعينين وجروح بالبطن.
وقُتل ما لا يقل عن 9 أشخاص، فيما أصيب نحو 3 آلاف آخرين، وما خلق ضغطا على المستشفيات اللبنانية.
هل تعاني حزب الله من الضعف؟
بحسب أحد الخبراء، فإن الانفجار غير المسبوق يبرز مدى الضعف الذي تعاني منه الجماعة اللبنانية والذي أدى لاختراق شبكة اتصالاتها.
وتستخدم حزب الله أجهزة البيجر لأنها تدعم السرية التي تُعتبر أساس الاستراتيجية العسكرية للجماعة، وهو ما دفعها لاستخدام أجهزة أقل تقنية لتجنب برامج التجسس الإسرائيلية.
وكانت شبكة الاتصالات الداخلية التي تستخدمها الجماعة أحد أسباب قوتها، إذ إنها توصف منذ فترة طويلة بأنها دولة داخل الدولة.
وكان زعيم الجماعة حسن نصر الله، قد دعا أعضاء حزبه وعائلاتهم في منطقة جنوب لبنان للتخلي عن هواتفهم الذكية منذ بداية العام، وذلك تجنبًا لأي اختراق أو تجسس.
واعتبر نصر الله أن أي هاتف محمول هو بمثابة عملي إسرائيلي خفي في أيديهم، وطالب منهم التخلص منه سواء بالغلق أو الدفن أو الحبس داخل صندوق حديدي.
ولذلك لجأت الجماعة إلى أجهزة البيجر المخصصة لمشاركة الرسائل النصية وليس المكالمات، وهي الطريقة التي تجنب الجماعة التعقب من خلال موقع “جي بي إس” العالمي للتعقب.
ولكن ومع استخدام تلك الأجهزة ضعيفة التقنية، حدث هذا الاختراق الذي يقول مسؤول استخباراتي سابق في جيش الاحتلال ومحلل شؤون الشرق الأوسط، لأفي ميلاميد، أنها سببت الإحراج لقادتهم.
كيف انفجرت الأجهزة؟
نقلت رويترز عن مصادر لبنانية مطلعة على عمليات حزب الله لم تذكر اسمها، أن إسرائيل وتحديدًا الموساد قام بتعديل أجهزة الاستدعاء خلال مراحل الإنتاج.
وأوضح المصدر “الموساد قام بحقن لوح داخل الجهاز يحتوي على مادة متفجرة تتلقى شفرة من الصعب جدا اكتشافها بأي وسيلة حتى باستخدام أي جهاز أو ماسح ضوئي”.
وتابع أنه بمجرد وصول رسالة مشفرة على الجهاز اللاسلكي، انفجر على الفور بعد تفعيل المتفجرات الموجودة بداخله.
وبحسب مصدر أمني آخر، احتوت الأجهزة اللاسلكية على نحو 3 غرامات من المتفجرات، ولم يتمكن حزب الله من اكتشافها طوال الأشهر الماضية.
وكانت حزب الله طلبت أجهزة البيجر من الشركة التايوانية جولد أبولو والتي قالت إن تجميع تلك الأجهزة تم من خلال موزع أوروبي يحمل ترخيص لإضافة اسمها للأجهزة.
وقال مؤسس شركة أبولو هسو تشينج كوانج، إن الشركة الموزعة وتُدعى “بي إيه سي” أقامت شراكة مع شركتهم قبل 3 سنوات.
وقالت المصادر إن إسرائيل كانت مزودة بمفتاح لتفجيرها عن بعد.
وتأتي تلك الأحداث كحلقة جديدة في سلسلة التوترات التي تشهدها إسرائيل وحزب الله منذ بداية الحرب في غزة في 7 أكتوبر الماضي.
المصدر: CNN