لم يمر شهرين على محاولة اغتيال الرئيس السابق دونالد ترامب، حتى نجا المرشح لانتخابات الرئاسة من محاولة أخرى أمس وهو ما ترك الكثير من علامات الاستفهام حول تكرار الأمر.
وتمكن عناصر جهاز الخدمة السرية من إحباط تلك المحاولة، بعد أن أطلقوا النار على المشتبه به الذي تواجد على بُعد أمتار من تواجد ترامب في ملعب للجولف في وست بالم بيتش بولاية فلوريدا.
وقال عناصر الخدمة السرية الذين كانوا يرافقون ترامب لتأمينه، إن أحد الأشخاص المسؤولين عن تأمين الثقوب أمام ترامب لاحظ فوهة بندقية كلاشينكوف تخرج من الشجيرات القريبة من الملعب.
اشتبك عدد من العملاء مع المسلح وأطلقوا عليه ما لا يقل عن أربع رصاصات، ثم ألقى المسلح بندقيته من طراز AK-47 وحقيبتي ظهر وكاميرا Go Pro وأغراض أخرى وفر في سيارة نيسان سوداء.
ولكن أحد شهود العيان تمكن من التقاط صورة للسيارة وأعطاها للشرطة، وفق تصريحات قائد شرطة مقاطعة بالم بيتش، ريد برادشو، وطاردته القوات حتى ألقت القبض عليه.
كان ترامب تعرّض لمحاولة اغتيال قبل شهرين خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا، أسفرت عن إصابته بجرح طفيف في أذنه اليمنى، ومقتل أحد أنصاره وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة.
استراتيجية الخدمة السرية
يبدو أن جهاز الخدمة السرية ركّز اهتمامه على تأمين ترامب خلال التجمعات الانتخابية التي تجتذب الآلاف، ولم يتخيل أن تكون تحركات الرئيس السابق خارج هذا المسار مهددة أيضًا ولذلك لم يوليها اهتمامًا مماثلًا.
ولكن للإنصاف، فإن وجود ثغرات في الشجيرات المحيطة بملاعب الجولف بما فيهم ملعب ترامب أمر معروف لسلطات إنفاذ القانون.
وكان الصحفيون يتمكنون من الوصول إلى فتحات بين تلك الشجيرات والتقاط صورًا لترامب خلال فترة ولايته الأولى خلال تواجده في الملعب.
ورغم أن خطط ترامب للعب الجولف يوم الأحد لم تكن جزءًا من أي جدول عام، إلا أنه في الأيام التي لا يشارك فيها في حملته الانتخابية، يمكن العثور عليه غالبًا وهو يلعب الجولف في أحد ملاعبه.
وتواجد ترامب في هذا الملعب الذي يبعد عشر دقائق فقط بالسيارة من مقر إقامته في مار إيه لاغو، يُعد أمرًا معروفًا، إذ إنه أحد الملاعب المفضلة لديه.
وهذا الملعب هو واحد من ثلاثة يملكها ترامب في فلوريدا، ويضم 27 حفرة من بطولة الجولف، بالإضافة إلى مساحات للفعاليات، وغالبًا ما يتناول ترامب الغداء ويعقد اجتماعات في النادي بين الجولات.
وبعد جولة على الساحل الغربي تضمنت لاس فيغاس ويوتا، أعلن ترامب على مواقع التواصل الاجتماعي أنه سيلقي تصريحات يوم الإثنين من مار إيه لاغو حول العملات المشفرة أثناء إطلاقه منصة تشفير جديدة.
بروتوكولات الحراسة
بحسب قائد شرطة مقاطعة بالم بيتش، ريك برادشو، فإن بروتوكولات الحراسة حول الملعب تم تخفيفها وباتت أكثر مرونة منذ رحيل ترامب عن منصبه.
وأشار برادشو، إلى أن ترامب لم يعد الرئيس الحالي، وهي الحالة الوحيدة التي تتطلب محاصرة الملعب بالكامل، ولكن في وضع ترامب الحالي تكتفي عناصر الخدمة السرية بتأمين المناطق الممكنة.
وكان عمل العملاء المكلفين بحماية ترامب محط إشادة من مسؤولين في مجال إنفاذ القانون، إذ قالوا إن أحد العناصر تمكن من رصد التهديد على الرئيس السابق والتعامل معه.
كما أشاد مستشارا الحملة الرئيسيان كريس لاسيفيتا وسوزي وايلز بجهاز الخدمة السرية، وعبرا في رسالة إلى موظفي الحملة عن إعجابهما بتفاصيل حماية ترامب.
وكتبا “الرئيس ترامب وكل من يرافقه آمنون بفضل العمل الرائع الذي يقوم به جهاز الخدمة السرية الأمريكي”.
مقر إقامة ترامب
يختلف ترامب عن الرؤساء السابقين والشخصيات المهمة الأخرى الذين عادة ما يعيشون في منازل بأسوار عالية أو داخل مجتمعات مغلقة، إذ إنه يعيش في مقر إقامته الرسمي في ناديه مار إيه لاغو في بالم بيتش.
وبالنظر إلى مقر الإقامة سنجده في مكان مفتوح للأعضاء، بل يمكنهم التواجد في نفس المكان الذي يتواجد فيه الرئيس السابق ويتناولون الوجبات، كما أن يمكنهم دعوة الضيوف إلى مقر النادي.
وترامب نفسه كثيرًا ما يلجأ لعقد جلسات في فناء النادي، إلى جانب أن النادي يستضيف العديد من فعاليات جمع التبرعات وحفلات الزفاف وغيرها من الأحداث التي يحضرها ترامب بدون سابق إنذار.
وتُجرى حاليًا تحقيقات مشتركة بين جهاز الخدمة السرية ومكتب التحقيقات الفيدرالي ومكتب عمدة مقاطعة بالم بيتش، للتحقيق في الحادث، وفق منشور للمتحدث باسم جهاز الخدمة السرية أنتوني جوجليلمي، على وسائل التواصل الاجتماعي.
انتقادات في الكونغرس
أثارت هذه الحادثة موجة من الاتهامات والمطالبات بتقديم إجابات في الكونجرس.
وتساءلت النائبة إليز ستيفانيك من نيويورك، رئيسة مؤتمر الجمهوريين في مجلس النواب وحليف مقرب من الرئيس السابق، في بيان لها عن الأسباب التي سمحت لقاتل بالاقتراب من ترامب مرة أخرى.
وقال زعماء فريق العمل الحزبي الذي كان يحقق في الإخفاقات الأمنية في ولاية بنسلفانيا إنهم كانوا يراقبون الوضع وطلبوا إحاطة من جهاز الخدمة السرية.
من جانبهما، عبر النائب مايك كيلي، جمهوري من بنسلفانيا، والنائب جيسون كرو، ديمقراطي من كولورادو، في بيان مشترك، عن امتنانهما لأن الرئيس السابق بخير، ولكنهما أعربا في نفس الوقت عن قلقهما من تكرار العنف السياسي بحقه.
وأعلن حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، وهو أحد منافسي ترامب في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، إن ولايته ستجري تحقيقاتها الخاصة.
وقال ديسانتيس عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إن الناس يمتلكون الحق في معرفة ما حدث، وكيف يمكن للقاتل أن يقترب من مسافة 500 ياردة من الرئيس الأسبق.
من جانبه أعرب الرئيس الحالي جو بايدن، عن ارتياحه لأن ترامب لم يصب بأذى، وقال إن العنف السياسي أو أي نوع آخر ليس له مكانًا في بلادنا.
ولفت بايدن إلى أنه أصدر تعليماته إلى موظفيه بمواصلة ضمان حصول جهاز الخدمة السرية على الموارد كافة اللازمة لحماية الرئيس السابق.
المصدر: AP