تظهر عدة أعراض ضمن أكثر من 100 عرض لمرض كوفيد طويل الأمد، لكن الأبحاث الجديدة وجدت أن الألم قد يكون الأكثر شيوعًا.
كشفت دراسة نُشرت نهاية شهر أغسطس الماض، في مجلة الجمعية الملكية للطب، أن الألم كان العرض الأكثر شيوعًا بين الأشخاص المصابين بكوفيد طويل الأمد، حيث يمثل حوالي ربع جميع الأعراض لدى المصابين بهذه الحالة,. كان الألم الجسدي أكثر شيوعًا من المشكلات العصبية والنفسية والتعب وضيق التنفس.
وفقًا للدكتور دبليو مايكل برودي، المدير الطبي لبرنامج ما بعد كوفيد-19 في مركز جامعة تكساس للصحة في أوستن، فإن هذه النتائج تعكس ما يراه الأطباء على الصعيد الوطني والدولي.
وقال لصحيفة هيلث: “الألم شائع جدًا لدى مرضى كوفيد طويل الأمد، يمكن أن يعاني الأشخاص من آلام في الصدر أو البطن أو صداع أو صداع نصفي، لكنني أعتقد أن النوع الأكثر شيوعًا من الألم الذي يعاني منه الأشخاص هو آلام العضلات وآلام الأعصاب، والتي تشبه الخدر أو الوخز أو الحرق”.
ما هو كوفيد طويل الأمد؟
بسبب حداثة مرض كوفيد طويل الأمد نسبيًا، فإن تعريف المرض أمر صعب، وقال برودي: “في الوقت الحالي، لا يوجد تعريف متفق عليه عالميًا لمرض كوفيد طويل الأمد”.
تشير المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها إلى تعريف الأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب، حيث تنص على أن “كوفيد طويل الأمد يُعرَّف بأنه حالة مزمنة تحدث بعد الإصابة بفيروس سارس-كوف-2 وتستمر لمدة 3 أشهر على الأقل. يشمل كوفيد طويل الأمد مجموعة واسعة من الأعراض أو الحالات التي قد تتحسن أو تتفاقم أو تستمر”.. قد تشمل هذه الأعراض ضيق التنفس والتعب وضباب الدماغ وآلام العضلات ومجموعة أخرى.
أعراض كوفيد طويل الأمد
لتحديد الأعراض الأكثر شيوعًا لمرض كوفيد طويل الأمد، جمع باحثون في جامعة كوليدج لندن بيانات ذاتية الإبلاغ من 1008 أشخاص في إنجلترا وويلز باستخدام تطبيق يسمى Living With COVID Recovery عانى جميع المشاركين من أعراض كوفيد طويلة الأمد لمدة 12 أسبوعًا على الأقل وطُلب منهم إضافة معلومات حول أعراضهم وشدتها.
وبعد تحليل البيانات، وجد الباحثون أن الألم كان الشكوى الأكثر شيوعًا، حيث شكل الألم أكثر من 26% من الأعراض المبلغ عنها، وقال 44% من المرضى إنهم عانوا من بعض الألم.
لم يكن نوع الألم -سواء كان نابضًا أو مؤلمًا أو وخزًا- موحدًا، كما تنوعت أماكن الألم أيضًا، وأبلغ الأشخاص عن شعورهم بعدم الراحة في مناطق عديدة، بما في ذلك العينين والبطن والأذنين والصدر والظهر والفك.
ومع ذلك، فإن المراجعة الأولية للبيانات تكشف عن حدوث نسبة عالية من الألم المبلغ عنه في الرأس والصدر والأطراف، كما قال مؤلف الدراسة، ديفيد سونكيرسينج، لمجلة هيلث.
وشملت الأعراض الشائعة الأخرى المشكلات العصبية والنفسية، والتعب، وضيق التنفس، والتي تمثل 18% و14% و7% من جميع الأعراض على التوالي.
وارتبطت متغيرات مثل العمر والجنس والعرق والتعليم بشكل كبير بشدة أعراض كوفيد الطويلة، بما في ذلك الألم، وقال سونكرسينج: “بشكل عام، وجد أن كبار السن يعانون من شدة أعراض أعلى بكثير، حيث أبلغ أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 68 و77 عامًا عن أعراض أكثر شدة بنسبة 32.8%، وشهد أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 78 و87 عامًا زيادة بنسبة 86% في شدة الأعراض مقارنة بالفئة العمرية من 18 إلى 27 عامًا”.
كانت النساء أكثر عرضة للشعور بألم أكثر شدة من الرجال، وكان الأشخاص الملونون يعانون من ألم أكثر شدة من الأفراد البيض. كما ارتبط المستوى الأعلى من التعليم بانخفاض شدة الألم، وأبلغ الأشخاص من المناطق الأقل حرمانًا اقتصاديًا عن أعراض أقل شدة من أولئك الذين ينتمون إلى المناطق الأكثر حرمانًا.
الأسباب المحتملة التي تجعل الألم يتصدر قائمة الأعراض
بما أن مرض كوفيد-19 يظهر عادة على شكل عدوى تنفسية، فقد يبدو من المستغرب أن يكون الألم هو أكثر أعراضه انتشارًا على المدى الطويل.
وقال سونكيرسينج إن الباحثين ما زالوا يعملون على تحديد أسباب ذلك.. “حاليًا، لا يوجد دليل قاطع كافٍ لتحديد سبب كون الألم هو أكثر أعراض كوفيد-19 التي تم الإبلاغ عنها في دراستنا”.
ومع ذلك، وفقًا لبرود، هناك بعض النظريات المطروحة. تتعلق الأولى بالالتهاب، موضحًا: “آلية هذا المرض تكمن في أن الفيروس يسبب التهابًا في الجسم، ويتسبب الالتهاب في اختلال وظائف الجهاز المناعي، ويعطل الجهاز المناعي والالتهاب عمل الأوعية الدموية العصبية – الأعصاب والأوعية الدموية الأصغر التي تمتد إلى جانبها”.
وأوضح أنه عندما يتعطل عمل الأوعية الدموية العصبية، فإن الألم هو النتيجة، “فالعضلات والأعصاب لا تحصل على الأكسجين الكافي ولا تنتج الطاقة كما ينبغي”.
ومن الأسباب المحتملة الأخرى للألم قدرة كوفيد-19 على إتلاف أصغر النهايات العصبية في الجسم، وهي حالة تُعرف باسم اعتلال الأعصاب الليفي الصغير. وقال برودي: “يمكن أن يتسبب هذا في الكثير من الأحاسيس المؤلمة غير المريحة والحرقان”.
ومن الممكن أيضًا أن يختطف المرض إشارات الألم في الجهاز العصبي، مما يؤدي إلى تضخيم الإحساس بعدم الراحة. وأشار إلى أن “كوفيد طويل الأمد يبدو أنه يؤثر حقًا على الجهاز العصبي اللاإرادي، والذي يشمل الألم واستجابات الألم”.
علاج الألم المرتبط بكوفيد طويل الأمد
وقال برودي إن هناك أربعة خيارات علاجية أساسية لمرض كوفيد طويل الأمد.. تتضمن الاستراتيجيات الأولية تعلم كيفية إدارة نمط حياتك اليومي لتقليل الألم، واستخدام علاجات مثل العلاج الطبيعي والعلاج السلوكي المعرفي لإدارة التوتر، وتناول أدوية مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية وأدوية آلام الأعصاب. ثم، إذا فشلت هذه الأساليب في تخفيف الألم، فقد يوصي أخصائي طبي بعلاجات أكثر تجريبية مثل العلاج بالأكسجين عالي الضغط أو الأدوية المستخدمة في علاج الاضطرابات المناعية الذاتية.
وبحسب سانكيرسينج، فإن الأبحاث مستمرة بشأن مرض كوفيد طويل الأمد، وقد تظهر علاجات جديدة فعالة لهذه الحالة في الأشهر أو السنوات القادمة.