يبدو أن الحرب الروسية طويلة الأمد بدأت تلقي بظلالها على معنويات الجيش الأوكراني، إذ يتأزم الوضع وسط العصيان والفرار الذي يسيطر على الجنود المنضمين حديثًا.
وعلى مدار عامين ونصف من الحرب استُنزفت القوات الأوكرانية وتم تدمير العديد من الوحدات، في ظل تعزيزات قليلة ومتباعدة وهو ما تسبب في إرهاق الجنود وإحباطهم.
هذا الوضع دفع الكثير منهم لاتخاذ قرار بترك ساحة المعركة عن طريق الاستقالة وتولي مهام أخرى تابعة للجيش أيضًا ولكن داخل المكاتب، ومن بينهم القائد “ديما”.
لم أعد أحتمل!
بحسب ما نقلت شبكة “سي إن إن” عن ديما فقرار الاستقالة جاء بعد أن فقد الكثير من الرجال في الوحدة التي كان يقودها، فيما أصيب البعض الآخر بجروح بالغة.
كان ديما مسؤولًا عن كتيبة مكونة من 800 جندي، والذين شاركوا في أعنف المعارك أكثرها دموية في الحرب، كان آخرها بالقرب بوكروفسك وهي مدينة استراتيجية باتت قريبة من الوقوع في يد روسيا.
وقال ديما للشبكة وهو يقف خارج مكتبه أنه لم يعد يتحمل رؤية رجاله وهم يموتون، بخلاف مشكلة الفرار والعصيان التي باتت تواجه العديد من القادة، وهو ما أكده 6 منهم تحدثوا إلى الشبكة.
وقال قائدة كتيبة تشارك في القتال في بوكروفسك: “الجنود يذهبون إلى ساحة القتال مرة واحدة وإذا نجوا فإنهم لا يعودون بدًا، ويبحثون بشتى الطرق عن وسيلة لترك الجيش إما بمغادرة المواقع أو رفض خوض المعركة”.
وعلى النقيض من أولئك الذين تطوعوا في وقت سابق من الحرب، لم يكن أمام العديد من المجندين الجدد خيار في خوض الصراع.
وكان هؤلاء الجنود تم استدعاؤهم بعد إقرار قانون التعبئة الجديد في الربيع الماضي، ولا يمكنهم المغادرة بشكل قانوني إلا بعد تطبيق قانون التسريح من قبل الحكومة.
ولم تأت تلك الخطوة بشكل مفاجئ، بل إنها أعقبت شهور طويلة تخللها نقص في العتاد والتسليح ما ساهم في تدهور الروح المعنوية.
وقال أندري هوريتسكي، الضابط في الجيش الأوكراني الذي تقاتل وحدته الآن في تشاسيف يار، وهي نقطة ساخنة أخرى على الخط الأمامي الشرقي، إن الجنود يقصون فترات طويلة في الملاجئ ولا يمكنهم إطلاق النار ويسمعون تقدم الروس ويعلمون أنه لو كانوا أطلقوا النار لما حدث ذلك.
بدوره قال الضابط في لواء المشاة الآلية المنفصل رقم 59 سيرهي تسيهوتسكي، إن الوحدات تحاول إجراء تبديل للقوات كل 3 أيام، ولكن في ظل وجود الطائرات بدون طيار ذات الأعداد المتزايدة أصبح الأمر صعبًا، وبالتالي يقضون فترات أطول في الملاجئ تصل لـ20 يومًا.
صورة قاتمة
بالنظر إلى الصورة بشكل أعم، نجد أنه لا يوجد تناسب بين حجم القوات الروسية والأوكرانية، إذ يُقدر بعض القادة أن كل جندي أوكراني يعادله في المقابل 10 جنود روس.
وتظهر تلك المعلومات بشكل خاص في مدينة بوكروفسك والتي تُعتبر مركز عسكري وإمدادي مهم، والذي تسعى روسيا للسيطرة عليها.
وقال ضابط من لواء يقاتل في بوكروفسك، طلب حجب اسمه لأسباب أمنية، لشبكة CNN إن ضعف التواصل بين الوحدات المختلفة يشكل مشكلة كبيرة هناك.
وقال قائد كتيبة في شمال دونيتسك إن جناحه أصبح مؤخرا عرضة للهجمات الروسية بعد أن تخلى جنود من الوحدات المجاورة عن مواقعهم دون الإبلاغ عن ذلك.
كانت أوكرانيا شنت الشهر الماضي هجومًا مفاجئًا على منطقة كورسك داخل الأراضي الروسية، وهو ما كان تحركًا غير متوقعًا بالنسبة للروس.
ويقول الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي إن الهدف من العملية هو منع المزيد من التوغلات في الأراضي الأوكرانية، في ظل تأكيد حلفاء كييف الغربيين على أن النصر ممكنًا حال توفير الدعم المناسب.
وساهمت تلك العملية في رفع الروح المعنوية للجيش والشعب الأوكراني، بحسب القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية أوليكساندر سيرسكي يوم الخميس الماضي.
ولكن رغم ذلك فإن المشهد لا يزال قاتمًا بشأن ما يحدث في الشرق، وهو ما يتفق معه أيضًا الصباط أصحاب السنوات الطويلة من الخبرة.
المصدر: CNN