ينصب تركيز المسافرين دائمًا عند اختيار شركة الطيران المناسبة للقيام برحلة على عدة عوامل، مثل سعر التذكرة وأوقات المغادرة وطول الرحلة.
ولكن في وقتنا الحالي وبعد حوادث الطيران التي شهدتها كبرى الشركات المصنعة للطائرات مثل “بوينغ” بات هناك عامل أكثر أهمية وهو “الطائرة نفسها”.
وكشف استطلاع حديث للرأي أن واحد من كل 5 مسافرين يقومون بمزيد من البحث عن الطائرة التي يسافرون عليها قبل الحجز.
وبحسب المسح الذي أجرته شركة التحليلات الرقمية Quantum Metric في يونيو الماضي، قال 22% من المستطلعين إنهم يحاولون تجنب السفر الجوي في أوقات كثيرة من العام.
من ناحية أخرى، قال 55% من المسافرين إنهم غيروا غيروا طريقة حجز رحلاتهم بسبب الأخبار الأخيرة السيئة عن الطائرات وشركات الطيران.
طائرات بوينغ
ولم يذكر الاستطلاع شركة بوينغ لصناعة الطائرات بشكل مباشر، ولكن الشركة تصدرت عناوين الأخبار طولا الفترة الماضية منذ أن انفجرت سدادة مخرج الطوارئ على إحدى الطائرات التابعة لشركة ألاسكا إيرلاينز في 5 يناير الماضي أثناء تحليقها في الهواء.
وبحسب نائب الرئيس العالمي ورئيس استراتيجية السفر والضيافة في شركة كوانتوم ميتريك، دانييل هارفي، فإن تلك الوقائع وجهت أنظار المسافرين ناحية طائرات بوينغ بشكل خاص.
وأشارت هارفي إلى أن المسافرين لم ينتبهوا لمثل هذه التفاصيل من قبل عند حجز أي رحلة.
ولفتت إلى أن المسافرين باتوا أكثر بحثًا عن تفاصيل الطائرات لمحاولة فهمها، وتجنب غير الموثوق منها.
ووجد الاستطلاع أن 13% من المشاركين تجنبوا شركات الطيران ذات الأسعار المخفضة للشعور بمزيد من الأمان خلال السفر الجوي.
ولكن محلل الطيران المستقل ومؤسس شركة سوبي للطيران، بريندان سوبي، يقول إن تلك التفاصيل ليس لها معنى، خصوصًا وأن العديد من شركات الطيران ذات الأسعار المخفضة تعتمد على تشغيل طائرات إيرباص A320 وليس بوينغ 737، وخصوصًا في آسيا.
ولكنه عاد وأكد أن مشكلات وحوادث بونغ تؤثر على النظرة الكلية لشركات الطيران بشكل عام بغض النظر عن نموذج الطائرة التي تعتمد عليه في التشغيل.
المخاوف مقابل المخاطر
على الرغم من الحوادث الأخيرة التي شهدتها شركة بوينغ، إلا أن سلامة الطيران تشهد تحسنًا بمرور الوقت، وفق أستاذ الإحصاء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والمؤلف المشارك في ورقة بحثية حول مخاطر الرحلات الجوية التجارية، أرنولد بارنيت.
وبحسب الدراسة المنشورة في مجلة إدارة النقل الجوي في أغسطس الماضي، فإن احتمالية الوفاة على متن رحلة تجارية على مستوى العالم بلغ 1 لكل 13.7 مليون رحلة ركاب من عام 2018 إلى عام 2022.
وتُشير تلك الأرقام إلى تحسن كبير في نسبة الحوادث عن العقد السابق، خصوصًا في الفترة بين عامي 1968 و1977 التي بلغت حالة وفاة لكل 350 ألف رحلة.
وتُعد احتمالية الوفاة عامل واحد من بين عدة عوامل تقيس سلامة الرحلات التجارية مثل عدد الأميال اليت ستقطعها الطائرة إلى جانب ساعات الطيران.
ولكن بارنيت اختار الوفيات باعتبارها تُجيب على السؤال المتعلق بمدى احتمالات الوفاة إذا قرر شخص ما الصعود إلى الطائرة.
الفجوات الجغرافية
وفي حين أن هناك بعض العوامل التي جعلت الطيران أكثر أمانًا مثل التقدم التقني وأنظمة تجنب الاصطدام في الطائرات والتدريب المكثف، إلا أن هناك تباين في سلامة الطيران بحسب المناطق الجغرافية.
ويُقسم العالم وفق بارنيت إلى 3 مستويات وهم:
الأول ويضم كل من: الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأجزاء أخرى من أوروبا، بالإضافة إلى أستراليا وكندا والصين وإسرائيل واليابان ونيوزيلندا.
الثاني وفيه: البحرين، والبوسنة، والبرازيل، وبروناي، وتشيلي، وهونج كونج، والهند، والأردن، والكويت، وماليزيا، والمكسيك، والفلبين، وقطر، وسنغافورة، وجنوب أفريقيا، وكوريا الجنوبية، وتايوان، وتايلاند، وتركيا، والإمارات العربية المتحدة.
الثالث: يضم جميع البلدان الأخرى.
وفي المستويين الأول والثاني، بلغ خطر الوفاة على متن رحلة جوية في الفترة بين 2018 و2022، ما يُقدر براكب واحد من بين كل 80 مليون راكب.
وشهدت البلدان التي تنتمي للمستوى الثالث زيادة في خطر الوفاة بنحو 36 مرة، مقارنة بالبلدان في المستوى الأول خلال الفترة بين 2018 و2022.
وينظر بارنيت إلى حادث بوينغ على طائرة ألاسكا باعتباره يُشير إلى سلامة الطيران التجاري أكثر من مخاطره.
وأوضح أنه على الرغم من وجود مشكلة على متن الرحلة خلال تحليقها، إلا أن الطيارين تمكنوا من احتواء الموقف والهبوط بسلام، وهذا يركد التقدم الكبير في جانب سلامة الطيران.
وبشكل عام، سيكون من الصعب تجنب الرحلات على متن طائرات شركة بوينغ، نظرا لأن الشركة الأمريكية ظلت لفترة طويلة مسيطرة على سوق الطائرات التجارية، إلى جانب منافستها الأوروبية إيرباص.
المصدر: CNBC