وسط شوارع قطاع غزة التي دمرتها الغارات الإسرائيلية وفي مقعد سيارة متهالك، ينام الطفل عبد الرحمن.. تهزه والدته، فوق رأسيهما تحلق الطائرات دون طيار، وفي جسد الصغير مرض يعيق جسده عن الحركة.
لا يستطيع الطفل الوقوف أو الجلوس أو الحركة كما كان من قبل،سيبلغ من العمر عامًا واحدًا الشهر المقبل، وكان من المفترض أن يتمكن من المشي بحلول هذا الوقت، لكنه توقف فجأة عن الحركة.
عبد الرحمن هو أول شخص في غزة منذ 25 عامًا يتم تشخيص إصابته بشلل الأطفال – وهو أحد أكثر الأمراض التي يخشاها العالم في الماضي، ولكن يمكن الوقاية منه الآن بسهولة باستخدام اللقاح.
شلل الأطفال في غزة
يصيب شلل الأطفال في الغالب الأطفال دون سن الخامسة، ويمكن أن يسبب شللًا لا رجعة فيه وحتى الموت، وهو مرض شديد العدوى ولا يوجد له علاج، ولا يمكن الوقاية منه إلا بالتطعيم، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
كإجراء احترازي، يقوم الجيش الإسرائيلي بالفعل بتطعيم قواته استعدادا للعمليات في غزة، لكن عبد الرحمن لم يكن محظوظًا إلى هذا الحد.
فبسبب معيشته وسط الحرب، لم يتمكن من تلقي التطعيمات الأساسية للأطفال والتي كانت كفيلة بحمايته، ويوصى عمومًا ببدء تلقي التطعيم ضد شلل الأطفال في غضون بضعة أشهر من الولادة.
قبل الحرب، كانت تغطية التطعيم في غزة شبه شاملة، ولكنها انخفضت منذ ذلك الحين إلى ما يزيد قليلًا على 80%.
كارثة إنسانية في قطاع غزة
عودة ظهور الفيروس -الذي تم القضاء عليه في معظم دول العالم المتقدم- تسلط الضوء على الصراعات التي يواجهها سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة، والذين يعيشون تحت القصف الإسرائيلي منذ أكتوبر الماضي.
ويحرم العديد من الناس في القطاع من الغذاء والإمدادات الطبية والمياه النظيفة، مع نزوح ما يصل إلى 90% من السكان داخليًا.
للحد من تفشي المرض، تقول منظمة الصحة العالمية إنها ستطلق بالتعاون مع وكالة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) حملة تطعيم واسعة النطاق لتطعيم 640 ألف طفل دون سن العاشرة في القطاع المحاصر.
لكن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، نفى التقارير التي أفادت بأن بلاده وافقت على طلب أمريكي بشأن هدنة إنسانية من أجل توفير تطعيم ضد شلل الأطفال في غزة.
تطعيمات شلل الأطفال
تغطية التطعيمات تحتاج إلى أن تصل إلى نحو 95% من السكان المستهدفين لمنع انتشار شلل الأطفال، وإذا فشلت حملة التطعيم في الوصول إلى هذه النسبة، فإن منظمة الصحة العالمية تحذر من أن الأمر “سيكون مجرد مسألة وقت” قبل أن يصيب شلل الأطفال آلاف الأطفال في غزة.
عملية بهذا الحجم في ظل الهجوم العسكري الإسرائيلي المستمر الذي أسفر عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص وشل البنية التحتية في جميع أنحاء القطاع الفلسطيني يعني أن الجهود من المرجح أن تواجه تحديات -مثل أوامر الإخلاء المتكررة التي أجبرت الآلاف على الفرار من منازلهم.
وفقًا لـCNN فإن هيئة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق، التي تنسق الحركة داخل وخارج غزة، تقول إنها سمحت بدخول أكثر من 25 ألف قارورة من لقاح شلل الأطفال إلى القطاع، إلى جانب معدات التبريد اللازمة للحفاظ على الدواء في درجة الحرارة المطلوبة.
لكن الأوان قد فات بالفعل بالنسبة لعبد الرحمن، تشعر أمه بالعجز لسوء الوضع.. كل ما تريده الآن هو أن يتمكن ابنها من المشي.
وفي حين لا يوجد علاج لشلل الأطفال، فهناك علاجات يمكن أن تساعد في تخفيف الأعراض – ولكن سيكون من الصعب العثور على هذه العلاجات في ظل حالة النظام الصحي المتهالك في غزة.