أحداث جارية سياسة

اقتصاد الاحتلال يتداعى ويبرز إنهاء الحرب كحل لا بديل له

الاقتصاد الإسرائيلي

مع اقتراب الحرب في غزة من بلوغ عامها الأول، يُلقي العدوان الإسرائيلي على القطاع بظلاله على اقتصاد الاحتلال الذي بات يعاني جراء تلك الأوضاع.

وبحسب ما نقلته وكالة “أسوشيتد برس” الإخبارية، فإن التراجع الاقتصادي واضح في غلق محال الهدايا التذكارية في الأراضي المحتلة وتكدس البضائع في ظل غياب الطلب، فيما تلغي شركات الطيران رحلاتها وتنهار الشركات وتعاني الفنادق الفارغة من ضعف الإشغال.

وبعد 11 شهرًا من الحرب، لا توجد مؤشرات واضحة على نهاية قريبة لها، في الوقت الذي يُصر فيها قادة دولة الاحتلال على الاستمرار في عمليتهم بهدف القضاء على حماس.

وفي الوقت نفسه، تزداد المخاوف من اندلاع صراع أوسع قد يشمل جبهات ودول أخرى، مع توعدات إيران بالرد على اغتيال سياسيين بارزين على أراضيها.

وفي حين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حاول مرارا التأكيد على أن الضرر الاقتصادي الذي تعاني منه دولته المزعومة مؤقتًا، إلا أن الحرب أضرت بالعديد من الشركات الصغيرة وأضعفت الثقة الدولية في الكيان الإسرائيلي بعد أن كان يُنظر له على أنه دينامو ريادة الأعمال.

اقتصاد الاحتلال يتداعى ويبرز إنهاء الحرب كحل لا بديل له
يضعف الإقبال على البضائع في الأراضي المحتلة ما يضع الاقتصاد الإسرائيلي في أزمة بعد 11 شهرًا من الحرب في غزة

وقف إطلاق النار

ويرى بعض كبار خبراء الاقتصاد في إنهاء الحرب الوسيلة الأمثل لوقف الضرر الذي أصاب الاقتصاد الإسرائيلي.

وتقول رئيسة البنك المركزي الإسرائيلي السابقة، كارنيت فلوج، إن المعاناة التي يعيشها اقتصاد الاحتلال تأتي بسبب حالة عدم اليقين الكبيرة والمتعلقة بالوضع الأمني وغياب التوقعات بإنهاء الحرب في وقت قريب، أو حتمالات التصعيد.

ولم تقتصر التداعيات على الاقتصاد الإسرائيلي فقط، بل تضرر أيضًا قطاع غزة وألحقت الحرب خسائر فادحة باقتصاده المنهار بالفعل، كما أسفرت عن نزوح أكثر من 90% من سكانه، وأُغلقت جيه البنوك وباتت الغالبية العظمى من القوى العاملة عاطلة.

ومنذ 7 أكتوبر الماضي، أسفرت الغارات الإسرائيلية على القطاع عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص، إلى جانب الآلاف من المصابين والمفقودين تحت الأنقاض.

ضغط كبير

خلال الحروب السابقة مع حماس، تمكن الاقتصاد الإسرائيلي من تجاوز التداعيات الاقتصادية، ولكن هذه المرة وضع الصراع الكيان الإسرائيلي تحت ضغط هائل، مع عدم وجود أي مؤشرات لإنهاء الحرب في المستقبل القريب.

ومن بين العديد من القطاعات المتأثرة في دولة الاحتلال كان قطاع السياحة، وعلى الرغم من أنه لا يُعتبر من بين المحركات الرئيسية للاقتصاد، إلا أن التهديد بامتداد الحرب لصراع أوسع مع إيران ووكيلها حزب الله اللبناني أثر بشكل كبير على السياحة.

وفي أحد أيام الأسبوع الأخيرة، كان ميناء حيفا المزدحم سابقًا، والذي يعد مركزًا رئيسيًا للاستيراد والتصدير الإسرائيلي حيث تتوقف سفن الحاويات الضخمة في كثير من الأحيان، ساكنًا.

وقال مسؤول إسرائيلي في ميناء حيفا، إن العديد من السفن توقفت عن استخدام الموانئ في الأراضي المحتلة كمراكز رئيسية، على أثر الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر.

وقال إن الموانئ الإسرائيلية شهدت انخفاضا في الشحن بنسبة 16% في النصف الأول من العام، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023.

اقتصاد الاحتلال يتداعى ويبرز إنهاء الحرب كحل لا بديل له
يشهد قطاع السياحة في دولة الاحتلال تراجعًا ملحوظًا

اقتصاد متراجع

ومنذ بداية الحرب، لم تُسفر الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة والوسطاء مثل قطر ومصر والسعودية سوى في فترة هدنة واحدة قبل أشهر.

وتشهد المفاوضات الأخيرة التي تهدف إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن تعثرًا مع تشدد إسرائيل في مطالبها وكذلك حماس.

ويقول الخبير الاقتصادي الإسرائيلي الذي يتمتع بخبرة تمتد لعقود في تقديم المشورة لرؤساء الوزراء الإسرائيليين والوزارات الحكومية، ياكوف شينين، إن الفاتورة الإجمالية للحرب في إٍرائيل بلغت نحو 120 مليار دولار، بما يعادل 205 من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

وشهد الاقتصاد الإسرائيلي التباطؤ الأكبر بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية البالغ عددهم 38، خلال الفترة من أبريل إلى يونيو.

 وكان من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي بنسبة 3٪ في عام 2024. ويتوقع بنك إسرائيل الآن معدل نمو بنسبة 1.5٪ – وهذا إذا انتهت الحرب هذا العام.

من جانبها، خفضت وكالة فيتش تصنيف إسرائيل من A+ إلى A في وقت سابق من هذا الشهر، في أعقاب تخفيضات مماثلة من قبل وكالتي ستاندرد آند بورز وموديز.

ومن شأن خفض التصنيف أن يرفع تكاليف اقتراض الحكومة.

وتتوقع وكالة فيتش أن يمتد الصراع في غزة حتى عام 2025، بما يتطلب المزيد من الإنفاق العسكري الإضافي في إسرائيل وتدمير البنية التحتية والمزيد من الضرر للنشاط الاقتصادي.

هل تنهي إسرائيل الحرب؟

ما زاد القلق أيضًا في الداخل الإسرائيلي هو ارتفاع العجز في البلاد خلال الاثني عشر شهرًا الماضية إلى أكثر من 8% من الناتج المحلي الإجمالي، ليتجاوز التوقعات بنسبة عجز قدرها 6.6% في 2024.

وفي عام 2023، بلغ عجز ميزانية إسرائيل نحو 4% من ناتجها المحلي الإجمالي.

وتمارس تلك التداعيات السابقة المزيد من الضغط على الحكومة الإسرائيلية لإنهاء الحرب وخفض العجز، ويتطلب ذلك المزيد من القرارات التي ربما لا تلقى استحسانًا لدى الجمهور مثل زيادة الضرائب وخفض الإنفاق.

ولكن نتنياهو يحتاج إلى إبقاء ائتلافه طافيا، ويريد وزير ماليته المتشدد بيزاليل سموتريتش أن تستمر الحرب حتى يتم القضاء على حماس.

المصدر: AP