بعد إعلان إيلون ماسك عن نيته شراء تويتر في أبريل 2022، أكد في تغريدة أن منصة التواصل الاجتماعي يجب أن تكون “محايدة سياسياً” لضمان ثقة الجمهور، وهو ما يعني، وفقًا له، إزعاج التيار اليميني واليساري على حد سواء.
في ذلك الوقت، كان اليمين الأمريكي يكرر اتهاماته بأن منصة تويتر تميل نحو التوجهات التقدمية، وتخضع لسيطرة الليبراليين الذين يفرضون رقابة على الآراء غير المرغوبة.
لكن بعد مرور عامين، تغيرت هذه الصورة بشكل جذري، حيث تواجه منصة “إكس” الآن اتهامات بأنها أصبحت أداة للترويج لآراء مالكها، الذي انحرف بشكل كبير نحو اليمين، وغالباً ما يستعرض عليها مواقفه المثيرة في الشؤون المحلية والدولية.
مخاوف من تأثيره على الانتخابات الأمريكية
قدم إيلون ماسك دعماً غير مسبوق لحملة دونالد ترامب الرئاسية لعام 2024، حيث استضاف مقابلة مطولة معه، مما أثار مخاوف حول دور ماسك كمالك لمنصة تواصل اجتماعي رئيسية في تعزيز أجندة سياسية معينة.
وفي المقابل، يشير مؤيدوه إلى أنه حامي حرية التعبير، بينما يعتبره منتقدوه محفزًا سياسياً يمكن أن يؤدي نفوذه إلى عواقب خطيرة.
ويعد توجه ماسك نحو اليمين ليس بالأمر الجديد، فقد قام بعد استحواذه على “إكس” بتخفيف سياسات الاعتدال على المنصة، مما سمح بعودة حسابات مثيرة للجدل مثل دونالد ترامب وشخصيات يمينية متطرفة أخرى.
وفي الوقت نفسه، تم توجيه انتقادات لماسك لتعمده تضخيم المحتوى اليميني والترويج له عبر المنصة، مما أثار تساؤلات حول تأثير هذه التوجهات على الديمقراطية والاستقرار الدولي.
تعزيز نشاط الجماعات اليمينية خارجيًا
خلال الأسابيع الماضية، وجد إيلون ماسك نفسه في قلب الجدل السياسي بعد عدة تصريحات ومواقف أثارت غضب السياسيين والجهات الحكومية في مختلف أنحاء العالم، ففي المملكة المتحدة، وصف ماسك أعمال الشغب اليمينية المتطرفة بأنها “حرب أهلية”، مما أشعل انتقادات واسعة، خاصة بعد نشره لأكاذيب مستمدة من مجموعة “بريطانيا أولاً” العنصرية.
وفي أوروبا، هدد مفوض الاتحاد الأوروبي، تييري بريتون، بفرض عقوبات صارمة بموجب قانون الاتحاد الأوروبي إذا لم يتخذ ماسك إجراءات للحد من المحتوى غير القانوني على منصة “إكس”.
وامتد تأثير ماسك إلى ما هو أبعد من الولايات المتحدة، حيث أظهرت أبحاث أن تدخلاته في السياسة عبر منصة “إكس” قد أدت إلى تعزيز نشاط الجماعات اليمينية المتطرفة في بلدان أخرى مثل البرازيل وأيرلندا.
واعتبر المحللون أن تُعتبر أعمال الشغب الأخيرة في المملكة المتحدة، جاءت نتيجة مباشرة للخطاب المثير الذي تروج له منصة “إكس” تحت إدارة ماسك.
شخصية مثيرة للجدل
قالت د. هبة القدسي مدير مكتب صحيفة الشرق الأوسط في واشنطن إن إيلون ماسك يواصل اسلوبه في إظهار نفسه كشخصية مثيرة للجدل من خلال آراءه التي تتأرجح بين اليمين واليسار، ودعمه الكبير للمرشح دونالد ترامب وفي المقابل هجومه المكثف على المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس.
وأوضحت القدسي أن الأمر لا يقتصر على مجرد إبداء الآراء لأن ماسك يسيطر على منصة يستخدمها عدد كبير من الناس مما يجعله قادر على التأثير في السياسة الداخلية والدولية، مستشهدة بما حدث أثناء الانتخابات في فنزويلا وحظرها لمنصة “إكس” حيث اعتبرت أنها تعمل على تأجيج الأوضاع وإثارة البلبلة بها.
أزمات سياسية محتملة
أشارت د. هبة القدسي إلى أن الرئيس الأمريكي السابق يفكر في منح ماسك منصب حكومي حال عودته إلى البيت الأبيض، مؤكدة أنه قرار قد يقلب السياسة الأمريكية.
وأوضحت القدسي أن آراء إيلون ماسك المثيرة للجدل يتم تناولها حتى الآن كآراء شخصية تمثل أحد أغنى أثرياء العالم وصاحب واحد من أكبر منصات التواصل الاجتماعية، لكن عندما يكون أحد أفراد الحكومة الأمريكية فإن تصريحاته قد تؤدي إلى أزمات دبلوماسية بين الولايات المتحدة والدول الأخرى.
المصدر: