سياسة

اقتصاد النفط.. هكذا يلعب الوقود دورًا في توجيه الناخب الأمريكي

يرتبط اقتصاد النفط والاقتصاد والسياسة العالميين بعلاقات قوية، على عكس أي موارد أخرى، وهو ما سيؤثر بالتأكيد على انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024.

وتُعد الولايات المتحدة أكبر منتج ومستهلك للنفط في العالم، ولذلك فالنفط قضية أساسية ومحورية في سياسة أي مرشح في السباق الرئاسي.

وبالنسبة للمرشح الجمهوري، دونالد ترامب، فقد وعد بإنتاج المزيد من النفط في ظل الدعم المالي المتوقع من عمالقة الصناعة.

وحصلت حملة ترامب بالفعل على تبرعات قدرها 7.3 مليون دولار أمريكي، وهو مبلغ أكبر بثلاث مرات من الذي حصل عليه في انتخابات 2020.

أما بايدن فكان يسعى لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري ضمن سياسته المتعلقة بالطاقة النظيفة، ولكنه في نفس الوقت دعم زيادة إنتاج الوقود الأحفوري ووعد السائقين بالحفاظ على أسعار البنزين منخفضة.

وبالطبع سيكون هذا الوعد عاملًا مهمًا في توجيه بوصلة الناخبين نحو صناديق الاقتراع، خصوصًا وأن الولايات المتحدة تشتهر بحبها للسيارات، وزيادة الاعتماد على وسائل الانتقال الخاصة في ظل تراجع الاستثمارات في المواصلات العامة.

ولذلك فإن أسعار الوقود تتحكم في مدة ثقة الناخب الأمريكي في الاقتصاد، وتقييمه للتضخم وكذلك معنويات المستهلكين.

اقتصاد النفط.. هكذا يلعب الوقود دورًا في توجيه الناخب الأمريكي
ألقى بعض الناشطين باللوم على بايدن في ارتفاع أسعار البنزين في المحطات

مصادر الطاقة البديلة

في الوقت الذي تحولت فيه العديد من الدول الأوروبية نحو مصادر الطاقة البديلة، ظلت الولايات المتحدة تعتمد على الوقود الأحفوري في تحريك وسائل النقل.

وتتضاءل نسبة السيارات الكهربائية المباعة في الولايات المتحدة مقارنة بأوروبا والصين، إذ تُشكل 8% و21% و29% على الترتيب.

ولكن التحكم في أسعار النفط أمر لا يستطيع أي شخص في البيت الأبيض التحكم به، إذ إن 50% من أسعار البنزين في محطات الوقود بتأثر بتكلفة النفط الخام وهو أمر تحدده الأسواق العالمية.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة لديها اكتفاء ذاتي من النفط، إلا أنها تحاول زيادة إنتاجها بهدف تصديره للخارج.

ففي عام 2015، صوت الكونجرس على رفع القيود المفروضة على صادرات النفط الخام الأميركية والتي ظلت سارية لمدة أربعة عقود، مما يسمح للشركات الأميركية ببيع نفطها لأعلى مزايد دولي.

وفي نفس الوقت تلجأ الولايات المتحدة لاستيراد النفط، لأنها تمتلك بعض المصافي التي تتعامل مع أنواع معينة من الخام، ولذلك يتعين استيراده.

ولأن أكبر اقتصاد في العالم يعتمد على النفط باستمرار، فقد يضعه ذلك في مرمى صدمات السوق في ظل تقلب الأسعار الناتجة عن الأزمات السياسية، ما يلقي بظلاله على الانتخابات.

اقتصاد النفط.. هكذا يلعب الوقود دورًا في توجيه الناخب الأمريكي
وعد ترامب بدعم المزيد من الحفر لآبار النفط الخام

سلاح الحرب السياسية

ولأن النفط مصدر أساسي للطاقة في الولايات المتحدة، فيتم استخدامه كسلاح في الحرب السياسية بين أكبر حزبين.

وكمثال استخدم الحزب الجمهوري ارتفاع أسعار البنزين في أعقاب الحرب الأوكرانية في 2022، في مهاجمة الحزب الديمقراطي وسياسة بايدن التي قللت من حفر آبار النفط المحلي، وأنهت عقودًا مماثلة في القطب الشمالي.

وفي حين أن الرئيس الأمريكي لا يتحكم في أسعار الوقود، إلا أن منتجي النفط لديهم نفوذ كبير في الولايات المتحدة، إلى جانب اللوائح المحلية المنظمة للنفط والغاز.

وبعيدا عن الشركات الكبرى التي تدعم ترامب، فإن هيكل صناعة النفط الأميركية فريد من نوعه بين الدول المنتجة للنفط، حيث يهيمن عليه عدد كبير جدا من المنتجين الصغار المستقلين الذين يكسبون المال من استخراج وبيع النفط من أراضيهم.

وفي الولايات المتحدة تعود ملكية الحفر والتعدين إلى مالك الأرض والذي يكسب أموالًا من السماح للشركات بالحر في أرضه، على عكس أغلب البلدان المنتجة للنفط التي تعود فيها ملكية الآبار للدولة.

في عام 2019، كان هناك 12.5 مليون مالك إتاوات في الولايات المتحدة. ويعمل إلى جانبهم حوالي 9 آلاف شركة وقود أحفوري مستقلة تنتج حوالي 83٪ من نفط البلاد وتمثل 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي و 4 ملايين وظيفة.

ورغم تعهدات بايدن للتحول إلى الطاقة النظيفة، إلا أن صناعة النفط نمت في عام 2023 لمستويات قياسية، بلغ متوسطها ​​12.9 مليون برميل يوميًا، فيما تُشير التوقعات بزيادة الإنتاج بنسبة 2٪ في عام 2024.

وبشكل عام قد يساعد ارتفاع إنتاج النفط في الولايات المتحدة في إعادة انتخاب الديمقراطيين، لكن ارتفاع أسعار البنزين لن يساعدهم.

وربما تتأثر قرارات الناخبين بالاقتصاد الدولي لأسواق النفط، وبالتالي يحدد الرابح والخاسر في سباق 2024.

المصدر: The conversation